توسّع الفيضانات في روسيا: عمليات إجلاء ومساعدات بالمناطق المنكوبة

توسّع الفيضانات في روسيا: عمليات إجلاء ومساعدات بالمناطق المنكوبة

11 ابريل 2024
عمليات إجلاء للسكان في بوكروفكا يوم 9 إبريل الجاري (إيفجيني لوكيانوف/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فيضانات واسعة النطاق في روسيا بسبب انهيار سد على نهر أورال، أدت إلى غمر 37 منطقة وإجلاء السكان، مع تراجع منسوب المياه في أورسك وقلق متزايد حول أورينبورغ.
- الفيضانات تسببت في غمر أكثر من 10.5 آلاف منزل و19.4 ألف قطعة أرض، مع إجلاء أكثر من 7500 شخص، وتزايد الشكاوى حول سوء الأوضاع وتخاذل السلطات.
- النقاش حول أسباب الفيضانات يشمل العوامل الموسمية والمخالفات في البنية التحتية، مع تأكيد على دور التغير المناخي والاحتباس الحراري، وضرورة تحسين إدارة الموارد المائية والبنية التحتية.

تتواصل في روسيا منذ بداية إبريل الجاري موجة من الفيضانات على أثر انهيار سدّ على نهر أورال في مدينة أورسك الواقعة في مقاطعة أورينبورغ الروسية، جنوبي جبال أورال الفاصلة بين قارتي أوروبا وآسيا.

وتُشير بيانات وزارة الطوارئ الروسية إلى أنّ المياه غمرت 37 منطقة في البلاد. وفي الوقت الذي بدأ فيه منسوب المياه في أورسك يتراجع تدريجياً، إلا أن ثمة مخاوف من تفاقم الوضع في مدينة أورينبورغ، المركز الإداري للمقاطعة.

وبحسب وزارة الطوارئ، فإن منسوب المياه سجّل ارتفاعا بلغ 22 سنتيمترا في محيط أورينبورغ، حيث تم إعلان إجراء عملية الإجلاء أيضا، كما تم إيصال سدود سريعة التركيب إلى المقاطعة. ومن المتوقع أن تصل الفيضانات إلى مقاطعتي كورغان وتيومين خلال أيام قليلة، لهذا يجري إجلاء السكان منهما مسبقا. وأيضاً تتوقع هيئة الأرصاد الجوية الروسية ارتفاعا لمنسوب المياه في مقاطعات نوفغورود وكوستروما وتفير.

من المتوقع أن تصل الفيضانات إلى مقاطعتي كورغان وتيومين خلال أيام قليلة، لهذا يجري إجلاء السكان منهما مسبقاً

وتظهر أرقام وزارة الطوارئ أنه تم غمر أكثر من 10.5 آلاف منزل سكني و19.4 ألف قطعة أرض، فيما أقرّ وزير الطوارئ ألكسندر كورينكوف بأن الوضع في مقاطعة أورينبورغ أصبح أكثر صعوبة.

وفي المناطق المنكوبة، يعمل رجال الإنقاذ على مدار الساعة، ويتناوبون بالمناطق الأكثر خطرا. ويتم إيصال مياه الشرب والمواد الغذائية والمستلزمات الأولية والوقود ومولدات الكهرباء إلى سكان مناطق أورسك التي قطعتها الفيضانات، وسط إجلاء أكثر من 7500 شخص من المنطقة. تتخلّل ذلك نداءات استغاثة يُطلقها سكان المناطق المنكوبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شاكين سوء أوضاعهم وتخاذل السلطات عن إغاثة المنكوبين وتزايد حوادث نهب الممتلكات الخاصة في المناطق التي أجلي منها سكانها.

الفيضانات والاحتباس الحراري

وفي الأثناء، يتساءل المعنيون بحماية البيئة عما إذا كانت الفيضانات ناجمة عن عوامل موسمية كذوبان الثلوج في فصل الربيع وأخرى بشرية مثل مخالفات تشغيل عناصر البنية التحتية المائية أم نتيجة لعوامل أكثر خطورة مثل التغيّر المناخي والاحتباس الحراري.

الفيضانات الحالية ناجمة عن مجموعة من العوامل، وفي مقدمتها الاحتباس الحراري

ويعتبر المدير التنفيذي لمنظمة "الأرض للجميع" المعنية بحماية البيئة فلاديمير تشوبروف أنّ الفيضانات الحالية ناجمة عن مجموعة من العوامل، وفي مقدمتها الاحتباس الحراري الذي يتعين على الدول الصناعية مواجهته وإبطاء وتيرته من أجل منع حدوث كوارث أكثر خطورة وأوسع نطاقا.

ويقول تشوبروف في حديث لـ"العربي الجديد": "الكارثة الحالية ناجمة عن عدة عوامل بعضها بشري، مثل سوء جودة بناء السدود في منطقة الفيضانات، ولكن هناك أيضا عامل تقادم تصاميم عناصر البنية التحتية التي وضعت قبل نحو نصف قرن، ولم تعد تواكب الظروف الجديدة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري".

ويجزم أن الفيضانات ما كان لها أن تتسع بهذه الصورة لولا الاحتباس الحراري، مضيفا: "شهدت منطقة جنوب أورال تساقطا كثيفا للثلوج في الموسم الشتوي الذي تلاه ربيع دافئ بشكل غير اعتيادي، ما أدى إلى امتلاء حوض نهر أورال بصورة غير مسبوقة. صحيح أن الفيضانات كانت تحدث من قبل أيضا، ولكنها كانت نادرة للغاية، ولم يكن لها مثل هذا النطاق مطلقا".

ويرى أن الحلّ الجذري لتخفيف تداعيات الكوارث الطبيعية يكمن في العمل على إبطاء الاحتباس الحراري، قائلا: "لا تتخذ روسيا، شأنها في ذلك شأن غيرها من الدول الصناعية، إجراءات كافية لمواجهة الاحتباس الحراري عبر الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، وهو ما ينذر بتكرار الكوارث الطبيعية التي لا تقتصر على الفيضانات، بل قد تصل إلى حرائق الغابات وذوبان التربة الصقيعية في منطقة القطب الشمالي".

من جانب آخر، يقلّل رئيس منظمة "الصندوق الأخضر" المعنية بحماية البيئة أوليغ إيفانوف من أهمية دور ظاهرة الاحتباس الحراري في الفيضانات الحالية، لافتا إلى أن أورال كانت دوما منطقة ذات خطر عال للغمر.

ويقول إيفانوف في حديث لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن الاحتباس الحراري هو السبب المباشر للكارثة الحالية، حيث تقع أورسك ومقاطعة أورينبورغ كلها في منطقة قابلة للغمر، ولذلك أقيم سد فيها. أضف إلى ذلك أن جمهورية كازاخستان السوفييتية السابقة المجاورة شهدت هي الأخرى فيضانات، وروسيا وكازاخستان تتشاركان فعليا المنظومة المائية".

وحول رؤيته للأسباب التي أدت إلى هذا النطاق الكارثي للفيضانات، يضيف: "الكوارث الطبيعية مثل حوادث طيران تحدث نتيجة لمجموعة من العوامل، وهناك أسباب طبيعية للكارثة مثل ذوبان الثلوج المتراكمة وأخرى تكنولوجية، حيث تبين أنه كانت هناك مشكلات مع السد، ويجري التحقيق في ذلك وستتم مراقبة جودة بناء سد جديد بدقة".

وبعد انهيار السد، رفعت لجنة التحقيق الروسية قضية على خلفية مخالفة قواعد الأمان عند بناء السد، إذ تشير بيانات النيابة إلى رصد مخالفات متكررة لأصول التشغيل منذ عام 2010.

وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، رأى الخبير الصناعي والاقتصادي المستقل ليونيد خازانوف أن سد أورسك لم يكن مهيئاً لتحمّل المنسوب الحالي لنهر أورال، مُرجّحاً وقوع مخالفات عند بنائه أو تشغيله.

وتم فرض حالة الطوارئ في مقاطعة أورينبورغ في 4 إبريل/نيسان الجاري، على خلفية الفيضانات الناجمة عن انهيار سد مدينة أورسك وارتفاع منسوب المياه في نهر أورال أكثر من 9 أمتار.

المساهمون