سودانيون يعانون للحصول على المياه وسط الاشتباكات في ضواحي الخرطوم

سودانيون يعانون للحصول على المياه وسط الاشتباكات في ضواحي الخرطوم

26 مايو 2023
لا بدّ من توفير ولو القليل من المياه بأيّ طريقة ممكنة (فرانس برس)
+ الخط -

منذ اندلاع المعارك في السودان، يعاني سكان مدينة بحري الواقعة شمال العاصمة الخرطوم من انقطاع المياه، فيلجأون إلى ملء أوانٍ من مياه نهر النيل على الرغم من خطر التنقّل، أو يحاولون فتح آبار، أو بكلّ بساطة يمتنعون عن غسل الملابس لتوفير المياه.

وقد توقّفت محطة معالجة مياه النيل التي تزوّد مدينة بحري بالمياه، منذ بدء النزاع في 15 إبريل/نيسان الماضي ما بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان و"قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نتيجة القصف وانقطاع التيار الكهربائي. ومنذ ذلك الحين، جفّت الصنابير في منازل 300 ألف شخص.

يقول عادل محمد الحسن، أحد سكان مدينة بحري، لوكالة فرانس برس: "منذ أربعين يوماً، نحن من دون خدمات مياه". يضيف أنّه "في بداية الحرب، كنّا نأخذ المياه من المصانع في المنطقة الصناعية، لكنّ الوصول إلى الآبار صار مستحيلاً وبالتالي صار النيل هو الخيار (الوحيد) بعد الأسبوع الأوّل (من القتال)".

وسط تبادل إطلاق النار والقصف الجوي، يصعب على السكان الخروج من منازلهم لجلب المياه. لكنّهم يحاولون انتهاز أيّ فرصة هدوء، ولو نسبيّا، ليتوجّهوا إلى ضفّة النيل ويملأوا أواني مختلفة بمياهه، في حين تتجاوز حرارة الجو أربعين درجة مئوية.

يُذكر أنّ النزاع الممتد في السودان منذ نحو 40 يوماً، أسفر عن مقتل المئات ونزوح أكثر من مليون شخص داخلياً ولجوء نحو 320 ألفاً آخرين إلى دول مجاورة، بحسب ما تفيد بيانات الأمم المتحدة الأخيرة.

وفي ظلّ هذه الأزمة، تبرز مبادرات لتوفير المياه لمحتاجيها. وفي هذا الإطار، يتطوّع عادل الحسن مع عدد من جيرانه، بين فترة وأخرى، لملء شاحنة مياه ثمّ توزيع محتواها على عائلات مقيمة شمال العاصمة الخرطوم.

وكان انقطاع المياه قد دفع راشد حسين إلى مغادرة العاصمة متّجهاً إلى مدينة مدني التي تبعد عنها 200 كيلومتر تقريباً إلى الجنوب. ويقول لوكالة فرانس برس إنّه "على الرغم من القصف والاشتباكات، لما كنّا تركنا منازلنا لولا انقطاع المياه".

وتُعَدّ الأمراض المرتبطة بالمياه والنظافة والصرف الصحي من الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال دون الخامسة، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وتفيد بيانات المنظمة بأنّ 17.3 مليون شخص كانوا يفتقرون إلى إمدادات مياه الشرب الأساسية في السودان، حتى قبل اندلاع هذه الحرب.

من جهته، وجد صلاح محمد طريقة للحصول على المياه من مستشفى يقع في جوار منزله، بالتالي لم يضطر إلى مغادرة العاصمة. ويفيد وكالة فرانس برس بأنّه "حتى الأسبوع الماضي، كنّا نحصل على المياه من بئر في مستشفى أحمد قاسم، وهي مياه معالجة"، لكنّ "قوات الدعم السريع" انتشرت حول المستشفى منذ بداية هذا الأسبوع، وبالتالي لم يعد في إمكان السكان الاقتراب منه.

بدورها، كانت رشيدة التيجاني قد تمكنّت من الوصول الى بئر في مستشفى واقع شمال الخرطوم. وتخبر وكالة فرانس برس: "ننتظر توقّف إطلاق النار لنسرع نحو مستشفى بحري، ونحمل المياه منه للضروريات فقط". تضيف أنّه "منذ بدء الحرب، لم نغسل ملابسنا".

ويعاني السودان، الذي يُعَدّ من بين أفقر دول العالم، من بنى تحتية مهترئة نتيجة عقدَين من الحصار والعقوبات في ظلّ حكم الرئيس السابق عمر البشير. صحيح أنّ الخدمات العامة لطالما كانت غير فعّالة، غير أنّ شللاً تاماً يضرب القطاع العام منذ بدء الحرب. وقد توقّف الموظفون عن العمل، فيما منحتهم ولاية الخرطوم عطلة "حتى إشعار آخر".

من جهة أخرى، تتخّذ القوات المتناحرة عدداً من المستشفيات والمصانع والمباني العامة ثكنات لها. وتحاول لجان المقاومة، وهي مجموعات غير رسمية ظهرت في خلال الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكم البشير في عام 2019، القيام بدور المرافق المعطّلة. لذا أنشأ أعضاء فيها مستشفيات ميدانية ومحطات لتوزيع الأغذية وشبكة شاحنات لتوزيع المياه على المنازل.

ويقول أحمد، أحد أعضاء لجان المقاومة، إنّه "منذ بداية الحرب، نمدّ السكان بالمياه"، مشيراً إلى أنّهم كانوا يحصلون على المياه في البداية من المنطقة الصناعية، ثمّ اضطروا إلى القيادة مسافة أبعد إلى أحياء في الشمال. وفي خلال إحدى هذه الرحلات، قُتل صديق له برصاصة، فيخبر أحمد أنّه "اضطررنا إلى دفنه من دون أن نتمكّن من غسل جثمانه".

(فرانس برس)

المساهمون