شباب أفارقة في "كوب 27" يعيدون تدوير المشكلات إلى حلول

شباب أفارقة في "كوب 27" يعيدون تدوير المشكلات إلى حلول

18 نوفمبر 2022
للمرّة الأولى تُخصَّص مساحة للأطفال والشباب في مؤتمر للمناخ (لودوفيك ماران/ فرانس برس)
+ الخط -

نشأ كالفن شيكوكو في إحدى مدن الصفيح بضواحي العاصمة الكينية نيروبي، وسط أكوام القمامة والبطالة المتفشية والطاقة باهظة التكلفة، الأمر الذي دفعه إلى التفكير في إيجاد حلول لمجتمعه من رحم هذه المعاناة. فقرّر شيكوكو البالغ من العمر 24 عاماً المساهمة في تلبية احتياجات مجتمعه، عبر توفير طاقة متجددة رخيصة الثمن من خلال مؤسسته الاجتماعية "موتوبريكس". وهكذا ينتج فريق المؤسسة بديلاً نظيفاً من الفحم من خلال العمل مع "الشباب وجامعي القمامة غير الرسميّين على جمع النفايات العضوية واستخدامها في صنع قوالب قابلة للاشتعال".

ويقول شيكوكو الآتي من كينيا لوكالة فرانس برس، على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) المنعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، إنّه "حتى لا ينتهي الأمر بها إلى تلويث البيئة والأنهار وما يعقب ذلك من تفشّ للأمراض، وجدنا أنّه في إمكاننا استخدام أكثر من 30 في المائة من النفايات في مجتمعنا".

وبينما يناقش المفاوضون الدوليون إجراءات لجم تغيّر المناخ وراء أبواب مغلقة، حرص ناشطون وروّاد أعمال ومهندسون من الشباب الأفريقي على عرض نتائج التجارب التي حقّقوها في مجتمعاتهم المحلية بغية التوصّل إلى حلول سريعة وملموسة لمشكلاتهم.

"على ضوء الشموع"

يتذكّر مهندس الكهرباء ألوين تاناكا مانيونغا البالغ من العمر 24 عاماً، أنّه كان يدرس من أجل أداء "اختبارات نهاية العام للمرحلة الابتدائية على ضوء الشموع" في عام 2010، في هراري عاصمة زيمبابوي التي تعاني من "إمدادات طاقة غير موثوق بها". وبعد تسع سنوات على ذلك، أدّى الجفاف الشديد إلى انخفاض منسوب المياه في بحيرة كاريبا، مصدر الطاقة الأكبر في البلاد، الأمر الذي دفع زيمبابوي إلى أسوأ أزمة طاقة منذ استقلالها في عام 1980.

رفض مانيونغا الاستسلام وسعى إلى معالجة أزمة الطاقة بالعمل على اختراع "مصباح تشيغوبو" المحمول وخفيف الوزن الذي يعمل بالطاقة الشمسية والمصنوع من النفايات الإلكترونية والبلاستيكية المُعاد تدويرها. وفي حين يعاني أكثر من نصف البلاد من غياب مصدر موثوق به للكهرباء، يواصل مانيونغا وفريقه "زامبيزي آرك تكنولوجيز" تطوير نظام إنارة يعمل بالطاقة الشمسية من خارج الشبكة لتزويد المدارس والمنازل بالطاقة. وفي جناح الشباب بمؤتمر "كوب 27"، كُرّم الفريق الذي شارك في الفعالية عبر الفيديو.

شعور بالإهمال

ويُعَدّ "كوب 27" المنعقد في القارة الأفريقية للمرّة الأولى، النسخة الأولى من مؤتمر الأطراف التي تخصّص جناحاً للأطفال والشباب وتُشركهم في المفاوضات. لكنّ المقاولين الشباب رأوا أنّ ذلك ليس كافياً.

تقول فيكي أريدي التي تعمل مع منظمة "جينيريشن أنليميتد" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لتوفير فرص للشباب، إنّ "لا تأثير فعلياً لصوت الشباب في المفاوضات"، على الرغم من أنّهم يطرحون "مقاربات محلية" لأنّهم يعملون "على مستوى القاعدة الشعبية التي تتحمّل وطأة تغيّر المناخ".

بدوره، رأى شيكوكو أنّ "الشباب الذين يملكون مشاريع عملية لا يؤخَذون على محمل الجدّ. ربما لأنّ الناس يرون أنّنا لا نملك الخبرة الكافية، لكنّنا على جبهة قضية تغيّر المناخ ونقدّم حلولاً عملية".

في شرق غانا، تنسّق جويس نيام مشروع "دوابا" التجريبي للتشجير، ومن خلاله يتدرّب الشباب على زراعة الأشجار ثمّ مراقبة نموّها باستخدام طائرات من دون طيار وأساليب علمية لجمع بيانات الغابات والعمل عليها. تقول نيام لوكالة فرانس برس: "لكي تنجح الحلول المعتمدة على الطبيعة، يجب أن تأتي من معرفة السكان الأصليين". أضافت: "نحن قادرون على تضخيم أصوات هؤلاء الشباب من خلال استخدام تكنولوجيا الطبيعة وترجمة هذه المعرفة إلى بيانات يستطيع واضعو السياسات فهمها". وبحسب بيانات البنك الدولي، فإنّ قطع أشجار الغابات مسؤول عن نحو خمس الغازات المسبّبة للاحترار العالمي في الغلاف الجوي.

الأعراض والمرض

وطن محمد طالبة سودانية في كلية الطب، تبلغ من العمر 22 عاماً وهي ناشطة مناخ. وقد قرّرت إيصال صوت بلدها السودان، خامس البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ في العالم بحسب جامعة نوتردام في الولايات المتحدة الأميركية. تخبر محمد أنّها اختبرت تأثير تغيّر المناخ شخصياً، موضحة: "لقد أُصبت بالملاريا ثلاث مرّات هذا العام".

فبسبب غياب البنى التحتية المناسبة يكثر البعوض في المياه الراكدة. وبين مطلع العام الجاري وأكتوبر/ تشرين الأول منه، شُخّصت إصابة أكثر من 1.7 مليون شخص في السودان بالملاريا، وفقاً لوزارة الصحة السودانية. وترى محمد التي عملت على بيان الشباب العالمي المقدّم إلى رئاسة مؤتمر "كوب 27" كجزء من دائرة الشباب الرسمية في عملية التفاوض، أنّه يجب أن يكون الشباب في "طرفَي المعركة".

وبينما يطوّر المبتكرون الشباب حلولاً تقنية على الأرض، يشارك المفاوضون من أمثال محمد في القاعات لحثّ القادة على بذل مزيد من الجهود. وتقول: "كأطباء، نهدف إلى معالجة المشكلة من جذورها وليس مجرّد الأعراض... ولهذا السبب نحتاج إلى دعم حلول (صديقة) للمناخ".

(فرانس برس)

المساهمون