شمال سورية: مشاريع لإعادة تلاميذ متسرّبين إلى الدراسة

شمال سورية: مشاريع لإعادة تلاميذ متسرّبين إلى الدراسة

15 ابريل 2022
عدد التلاميذ المستفيدين من مشاريع المنظمة تجاوز الـ300 (العربي الجديد)
+ الخط -

خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، شمال غرب البلاد، تسرّب الكثير من الأطفال من المدارس، وصل عددهم إلى نحو مليون ونصف المليون طفل بسبب موجات النزوح المستمرة، واستهداف المدارس من قبل قوات النظام وروسيا، وهجرة الكثير من المعلمين إلى خارج البلاد. وكان الوضع التعليمي في المخيمات أكثر سوءاً، إذ إن أولويات السكان هي تأمين لقمة العيش، وحماية من في داخلها من البرد والأمطار والأمراض، وتأمين مياه الشرب النظيفة.
الاهتمام بهذه الأولويات جعل التعليم أمراً ثانوياً، وبات إلحاق طفل بالمدرسة بمثابة رفاهية في ظل عدم قدرة العديد من العائلات على تحمل الكلفة المادية، إذ إن مصروف طفل واحد في المدرسة قد يؤمن حاجيات ومتطلبات عائلة بأكملها، الأمر الذي أدى إلى نشوء جيل من المتسربين الذين أبعدتهم ظروف الحرب عن مقاعد الدراسة. 
في هذا الإطار، تعمل العديد من المنظمات الإنسانية على إعداد برامج وتجهيز مدارس خاصة في الشمال السوري لإلحاق المتسربين بها، منها منظمة "تكافل الشام" (تأسست عام 2012 من قبل مجموعة من المتطوعين والمهتمين بالعمل الإنساني استجابة للأزمة الإنسانية في سورية)، التي أعادت منذ انطلاق مشاريعها في أواخر عام 2017 آلاف الأطفال إلى مدارسهم. ويقول منسّق برامج التعليم في المنظمة التي تنشط في شمال غرب سورية عبد الله جمعة، لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة أطلقت برامج خاصة لإعادة المتسربين إلى المدارس في 97 قرية و59 مخيماً في مناطق إدلب ومعرة مصرين وحارم والدانا ومناطق المخيمات في ريف إدلب، بالإضافة إلى الأتارب وأعزاز والباب بريف حلب.
وبلغ عدد الأطفال المستفيدين من المشاريع التي نُفّذت في 220 مدرسة 78100 طفل متسرب، بالإضافة إلى أطفال يعانون من صعوبات تعليمية، وذلك بالتنسيق مع مديريتي التربية التابعتين للمعارضة في حلب وإدلب، والمجالس المحلية في مدينتي الباب وأعزاز، بالإضافة إلى إدارات المخيمات، إذ شمل المشروع 59 مدرسة تعمل ضمنها.
ويقول سالم موسى، وهو نازح من ريف حمص إلى أحد المخيمات المحيطة بمدينة معرة مصرين، لـ"العربي الجديد"، إنّه ألحق ابنه أحمد (12 عاماً)، بالبرامج التي أطلقتها المنظمة، بسبب انقطاعه سنوات عدة عن الدراسة نتيجة ظروف النزوح والتنقّل من مخيم إلى آخر وعدم وجود مدرسة قريبة من خيمته ومساعدة أحمد والده في عمله أحياناً. ويعيل موسى عائلة تتألف من سبعة أفراد، مشيراً إلى أن أحمد كان يتمنى العودة للدراسة، وكان يغار من أقرانه كونه لا يجيد القراءة والكتابة، باستثناء بعض كلمات تعلّمها من الهاتف الجوال. وبعدما التحق ببرامج المنظمة، تعلّم القراءة والكتابة والرياضيات، وفي وقت لاحق، بدأ يتعلّم اللغة الإنكليزية، ومن المتوقّع إدراجه قريباً في مدرسة رسمية مع أقرانه، بحسب موسى.

الصورة
يتعلمون القراءة والكتابة والرياضيات واللغة الإنكليزية (العربي الجديد)
يتعلمون القراءة والكتابة والرياضيات واللغة الإنكليزية (العربي الجديد)

بدوره، يقول المشرف في مدرسة بلدة كفردريان الثانوية، شمالي إدلب، محمد قوجو لـ"العربي الجديد"، إن الثانوية طبقت أحد هذه البرامج التي تقدمها "تكافل الشام"، وكان آخر المستفيدين من البرامج التي يطلق عليها اسم "برامج التعليم غير الرسمي"، والتي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، 120 تلميذاً ما بين إناث وذكور مع مراعاة التوازن الجندري. وبلغ عدد المستفيدين من سكان البلدة والمخيمات القريبة منذ إطلاق المشروع أكثر من 500 طفل.

ويوضح أن المشروع لا يحدّد عمراً للمتقدّمين، وتجرى اختبارات تقييمية ليتم اختيار التلاميذ على أساسها سواء كانوا متسربين من المدارس أو يعانون من صعوبات تعليمية. وفي حال قبول التلميذ، يُحال إلى الصف الدراسي المناسب، ويتعلّم أولاً القراءة والكتابة والرياضيات واللغة الإنكليزية. كما يستفيد هؤلاء من جلسات دعم نفسي ونشاطات ترفيهية، وتقدّم لهم المنظمة كافة المستلزمات، كما تتكفّل برواتب المدرسين وغيرها من اللوجستيات.

الصورة
شمال سورية: مشاريع لإعادة تلاميذ متسرّبين إلى الدراسة (العربي الجديد)
أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة (العربي الجديد)

من جهته، يقول مدير نقطة تعليم كفربطيخ في مخيم الشامي الواقع قرب بلدة حربنوش، شمالي إدلب، محمود الياسين، لـ"العربي الجديد"، إن عدد التلاميذ المستفيدين من مشاريع المنظمة تجاوز الـ300، جميعهم من النازحين الذين انقطعوا عن المدارس لمدة تراوح ما بين سنة وثلاث سنوات، ومعظمهم تجاوزوا هذه المرحلة والتحقوا بالتعليم الرسمي. وزاد العدد أخيراً من جراء زيادة عدد خيام النقطة التعليمية من خمس إلى سبع، يضيف أن "المناهج المقرّرة تشرف عليها مديريات التربية في المنطقة، وهي في الأساس مخصصة للمنقطعين عن التعليم. وفي بعض الأحيان، ندمج بينها وبين مناهج أخرى حين نرى حاجة إلى ذلك"، ويشير إلى أن المشاريع المقامة في هذه النقطة التعليمية يستفيد منها سكان خمسة مخيمات أخرى من المخيمات المجاورة.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وفي بيان مشترك للمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية مهند هادي، والمدير الإقليمي لـ"يونيسف" للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تيد شيبان، صدر عام 2021، ورد فيه أن "نظام التعليم في سورية يعاني إرهاقاً كبيراً، ونقصاً في التمويل، وهو نظام مجزأ وغير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال"، أضاف أنه يوجد أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، حوالي 40 في المائة منهم من الفتيات، كما أن واحدة من كل ثلاث مدارس خرجت عن الخدمة داخل سورية لأنها دمرت أو تضررت أو تستخدم لأغراض عسكرية".

المساهمون