قضاء النظام السوري يوكل مهمة إصدار الموافقات الأمنية إلى كاتب العدل

قضاء النظام السوري يوكل مهمة إصدار الموافقات الأمنية إلى كاتب العدل

15 نوفمبر 2023
العمليات العسكرية للنظام السوري تسببت في تهجير ملايين السوريين (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

أصدرت وزارة العدل التابعة لحكومة النظام السوري تعميماً ينص على أن مهمة إصدار الموافقة الأمنية لتوكيلات البيع العقارية للغير من الفروع الأمنية هي مهمة "الكاتب بالعدل" وليست مهمة الشخص صاحب العلاقة، مشددة على ضرورة عدم إرسال أصحاب العلاقة إلى الدوائر المالية للحصول على الموافقة الأمنية وبراءة الذمة.

ومع صدور التعميم اعتقد البعض أن النظام السوري تراجع عن فرض "موافقة أمنية" لإجراء عملية البيع أو إجراء توكيل البيع للغير، بحيث تصبح إجراءً روتينياً، لكن الذي حدث، بحسب "حسام"، العامل في تعقيب المعاملات بدوائر حكومة النظام، والذي فضل عدم كشف كنيته لأسباب أمنية، أن التعميم غيّر طريقة العمل فقط وحصر موضوع الحصول على الموافقة الأمنية بيد "الكاتب بالعدل".

وأوضح "حسام"، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التعميم الصادر هو "قوننة للفساد" لا أكثر، مؤكداً أن مسألة صدور الموافقة الأمنية مرتبطة بعلاقة كاتب العدل والموظف بالفروع الأمنية، وكله مرتبط بمسألة دفع الرشوة، وكل ما قام به التعميم هو نقل مسألة إصدار الموافقة الأمنية من الدوائر المالية إلى كاتب العدل.

وأضاف أنه في السابق كان الشخص المعني أو صاحب العلاقة يذهب إلى دائرة المالية لأخذ "براءة ذمة" شخصيا، وموظف المالية يراسل الفروع الأمنية من أجل الحصول على الموافقة بمنح الشخص براءة الذمة، ولا يخفى على الكثير من السوريين أن مسألة الحصول على الموافقة بسرعة تتطلب الرشوة، ويبدو أن القرار الأخير هدفه حصر دائرة الفساد في منطقة معينة.

وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن التعميم صدر قبل يومين عن وزير العدل القاضي أحمد السيد، وأثار نقاشا بين الموظفين عن جدواه، لأن المهم في الأمر هو مسألة الموافقة الأمنية وهي مشروطة منذ سنوات بإقامة وكالة بيع العقار. وليس هناك إزالة للموافقة أو وضع جديد لها، بل هي دورة جديدة لعملية إصدار الموافقة لا أكثر.

باب للرشاوى

وفي الظاهر، بحسب المصادر، فإن هناك إراحة لصاحب العلاقة من مسألة الذهاب للدوائر المالية والانتظار، لكن في الوقت نفسه إذا تجمع هذا العمل كله عند "الكاتب بالعدل" فإنه يعني حصول ازدحام أيضا وتأخير للمراسلة والحصول على الموافقة، وهنا سيضطر من يريد المضي سريعا في معاملته إلى دفع الرشوة.

وأوضحت المصادر أن مسألة الموافقة الأمنية على المعاملات في دوائر الحكومة في ظل عهد الأسد ليست جديدة، ولكن هناك حالات سجلت لعمليات تزوير وكالة بيع عقارات وسيارات وأعلنت عنها سابقا وزارة الداخلية ولكنها عمليات تزوير خارج عمل "الكاتب بالعدل". واليوم هناك عدد كبير من ملاك العقارات في مناطق سيطرة النظام ليسوا موجودين.

وفي هذه الحالة، بحسب المصادر، يمكن للكاتب بالعدل التلاعب لأن الأوراق المطلوبة للحصول على وكالة بيع العقار للغير هي "بيان قيد عقاري حديث مدته ثلاثة أشهر، موافقة أمنية، البطاقة الشخصية للموكل، صورة عن البطاقة الشخصية للوكيل"، بالإضافة للرسوم. وبالتالي في حال وجود صورة البطاقة الشخصية يمكن للكاتب بالعدل إجراء المعاملة دون وجود المواطن المعني بشخصه. لأنه هو الذي سيراسل الفروع الأمنية وليس الشخص المعني.
ويؤكد مصدر من إحدى مديريات الشؤون المدنية التابعة للنظام أنه يمكن من خلال رشوة "الكاتب بالعدل" تنظيم وكالة بدون وجود صاحب العلاقة، وحتى أن كاتب العدل نفسه يمكن أن يزور الوكالة لصالح طرف غيره ليبعد الشبهات عن نفسه.

وكانت العمليات العسكرية والأمنية للنظام السوري قد أدت سابقا إلى تهجير ملايين السوريين إلى خارج البلاد أو المناطق الخارجة عن سيطرته في سورية.

المساهمون