مبادرة في طرابلس اللبنانية لمسح المباني المتصدعة

مبادرة في طرابلس اللبنانية لمسح المباني المتصدعة جراء الزلازل

04 مارس 2023
فريق المهندسين المتطوع لمسح البنايات المتضررة (بشير شما)
+ الخط -

لا تزال تبعات الزلزال المُدمر الذي أصاب تركيا وسورية تُلقي بظلالها على طرابلس، شمالي لبنان، فالمدينة التي كانت تشهد قبيل الكارثة حدوث تصدعات وسقوط مبانٍ على رؤوس قاطنيها في أعرق الأحياء التاريخية، عادت لتعيش تحدّيات جديدة مرتبطة بالآثار التي خلفها زلزال 6 فبراير/شباط الماضي، والتشققات التي تتزايد في المباني والمحال التجارية والمدارس.

وانطلاقاً من غياب الدولة عن معالجة الكارثة التي قد تحلّ بالمدينة الأفقر في لبنان، أطلقت مؤسسات وجمعيات من المجتمع المدني، بالتعاون مع نقابة المهندسين ومجموعة العمل لأجل طرابلس، حملة تهدف لمسح كل المباني السكنية في طرابلس، في ظل غياب أي دراسة ميدانية عن حالة المباني التي يعمرها السكان في طرابلس وضواحيها.

الصورة
مبادرة في طرابلس اللبنانية لمسح المباني المتصدعة (بشير شما)
التشققات تتزايد في المباني والمحال التجارية والمدارس (بشير شما)

 

مسح أولي

في منطقة الزاهرية التي تعتبر أكثر المناطق تضرراً من حيث المباني المتهالكة، التحق أكثر من 170 مهندساً متطوعاً بالحملة، وتوزعوا على أكثر من 34 فريقاً، لمسح المنطقة أولياً.

ويشير المهندس حسن نافع، وهو المدير التنفيذي للحملة، إلى أنّ الهدف الأولي لهذه المبادرة هو جمع معلومات و"داتا" عن حالة المباني في طرابلس، ومن ثم تحديد أكثر العمارات والمنازل تضرراً ووضعها بعهدة الدولة، وتحديداً البلدية والهيئة العليا للإغاثة، لإجراء اللازم وإخلاء المنازل المعرضة للسقوط أو الانهيارات الجزئية، وخاصة بعد تفاعل رئيس حكومة تصريف الأعمال مع المبادرة ودعمها.

الصورة
مبادرة في طرابلس اللبنانية لمسح المباني المتصدعة (بشير شما)
 تهدف الحملة إلى مسح كل المباني السكنية في طرابلس (بشير شما)

 

ووفقاً لنافع، فإن الحالة التي وصلت إليها المدينة هي نتيجة الإهمال الممنهج للمباني القديمة والتاريخية، وعدم مراقبة جودة البناء، كذلك السماح ببناء مخالفات على أسطح منازل أو مبان بأساسات متصدعة في مراحل انتخابية متفرقة، منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى واليوم.

وأوضح المتحدث أنّ المتطوعين يحملون استمارة علمية جرى إعدادها مع مهندسين مختصين في نقابة المهندسين، وتشمل أكثر من سبعين سؤالا عن كل مبنى للإحاطة الشاملة عن حالة المنازل والغرف والمحال في العمارات السكنية.

ويشير إلى أن السكان وأهالي المنطقة تفاعلوا إيجابياً مع المتطوعين في طرابلس، وذلك لخوفهم من أي كارثة قد تحل على رؤوسهم وأبنائهم وعائلاتهم المهددين بشكل فعلي.

كما يؤكد أن هناك حالة من الضياع الحاصل حول العدد الإجمالي للأبنية المهددة والمتصدعة، وذلك بسبب رفض الجهات الرسمية سابقاً القيام بمسوحات شاملة والاكتفاء بتسطير بعض محاضر الإخلاء، التي تبين بعدها أنها غير صحيحة وقام بها "مساحون" وليس مهندسون مختصون.

اكتظاظ سكاني

في إطار متصل، توضّح المهندسة المتخصصة بالترميم ميساء يوسف، لـ"العربي الجديد"، أنه من الآن وحتى نهاية الشهر، سيتمكن فريق العمل، الموجود على الأرض بعشرات المتطوعين والأساتذة الجامعيين، من تحديد الواقع العام للمباني والشقق السكنية، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من السكان يشعرون بحالة خوف، وأنهم متروكون لمواجهة مصيرهم من دون الالتفات إليهم من الجهات الرسمية.

الصورة
مبادرة في طرابلس اللبنانية لمسح المباني المتصدعة (بشير شما)
غياب أي مسح رسمي للمباني المتصدعة (بشير شما)

وتضيف أن ما لمسه المتطوعون وجود اكتظاظ سكاني كبير داخل الشقق والمنازل بما يفوق العدد المتخيل، وخاصة أن شققاً بحجم 60 مترا تحوي أكثر من 15 شخصاً يعيشون في بيوت معرضة للسقوط والانهيار بسبب حال التشققات الكبيرة التي خلفها زلزال تركيا وسورية.

في المقابل، ترى المهندسة أن "المرحلة الثانية هي الأهم، وهي إيجاد حلول سريعة لمئات العائلات، وإيجاد سكن سريع لهم من قبل الدولة والجهات المعنية بذلك، وإلا فإننا لن نتمكن من حصر الخسائر لا سمح الله في حال حدثت كارثة أو استمرت الهزات الارتدادية".

المساهمون