نقص الجرعات الثانية من لقاح كورونا يهدد حياة البرازيليين

نقص الجرعات الثانية من لقاح كورونا يهدد حياة البرازيليين

17 يوليو 2021
المعركة السياسية تقضي على جهود التطعيم في البرازيل (سرجيو ليما/فرانس برس)
+ الخط -

مع انتشار السلالات الخطيرة من فيروس كورونا في البرازيل، يعيش السكّان في قلق كبير، إذ يخشون من جهة من الإصابة بالمرض، ومن جهة ثانية يعانون من نقص في إمدادات اللقاحات.

أمضى الشاب، فينيسيوس أليكسيس دا كروز، البالغ من العمر 32 عاماً، أكثر من عام يخاطر بحياته في ظلّ انتشار الفيروس قبل طرح اللقاحات. يعمل دا كروز، سائقاً لدى شركة أوبر، وهو يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، ما جعله أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، من خلال عملية الاحتكاك المباشرة مع الركاب، لكن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، لم تكن تساعده على التخلّي عن عمله.

تلقى دا كروز الجرعة الأولى من اللقاح، لكنه لم يكن محظوظاً في الحصول على الجرعة الثانية بحسب تعبيره. أمضى أياماً يبحث عن لقاح CoronaVac أو اللقاح الصيني، قبل أن يتمكن مؤخراً من الحصول على الجرعة الثانية.

قصة دا كروز، ليست الأولى من نوعها، فقد أشار معلّق رياضي في حديث لشبكة "بي بي سي" البريطانية، أنه خاض معركة صعبة للإنفاق على عائلته في ظلّ غياب اللقاحات وانتشار الفيروس، إذ لم يتمكن من ترك وظيفته، وعند البدء بعملية التلقيح، لم يجد الجرعات الكافية.

مع بدء عمليات التلقيح في البرازيل، شعر الكثير من المواطنين بأن المخاطر المحيطة بالإصابة بالفيروس في طريقها للزوال، لكن الواقع يبدو مختلفاً.

يكافح الملايين للحصول على الجرعة الثانية من لقاح فيروس كورونا، بسبب غيابها من العيادات، وهو ما يشكّل ضربة قاسية لحملة التطعيم المضطربة في البرازيل. وفق العديد من الباحثين، لم يحصل 3.1 مليون برازيلي على الجرعة الثانية من اللقاح اعتباراً من 4 يوليو/تموز، على الرغم من كونهم مؤهلين لذلك.

كما رفض البعض تلقي جرعتهم الثانية، بعد أن سقطوا ضحية حملات التضليل التي أثارت الشكوك حول اللقاح أو ادّعت أنّ جرعة واحدة توفر حماية كافية. تقول ليجيا باهيا، أخصائية الصحة العامة في الجامعة الفيدرالية في ريو دي جانيرو "إن العقبة الرئيسية كانت في حصول أزمة بالإمدادات".

أودى فيروس كورونا بحياة أكثر من 530 ألف شخص في البرازيل، واحتلت البلاد المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بعدد الإصابات. ومع ذلك، فإنّ حوالي 40 في المائة فقط من البرازيليين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح و15 في المائة فقط تمّ تحصينهم بالكامل.

قصص مؤلمة

أوائل شهر يوليو/تموز، وصلت سيمون سباداري دا كوستا مورا، إلى عيادة في ساو باولو، لتلقي الجرعة الثانية من اللقاح، لكنها مثل كثيرين آخرين، تمّ استبعادها بسبب نفاد الجرعات، خاصة جرعات اللقاح الصيني.

تلقي دا كوستا مورا اللوم على السياسيين، الذين يخوضون بحسب تعبيرها معركة سياسية تقضي على جهود التطعيم في البرازيل.

ترى دا كوستا مورا، وهي معلمة سابقة في المدرسة، أنّ غياب الجرعات أو نفادها، ما هو إلا حرب يخوضها السياسييون في البلاد، لكن نتيجة هذه الحرب، تبدو مرهقة بشكل كبير للملايين من البرازيليين.

في حين يبدو أن الفاصل الزمني الأطول بين جرعتي لقاح فايزر وأسترازينكا قد يكون له فاعلية أكبر، بمعنى أنّ الفاصل الزمني بين الجرعة الأولى والجرعة الثانية من هذه اللقاحات، قد يؤمن فاعلية أكبر ضد الفيروس، لا يزال البحث في تأثير تأخير الجرعة الثانية من CoronaVac غير واضح. يخشى بعض الخبراء من أنّ الانتظار الطويل قد يعيق تأثير اللقاح الصيني، والذي قد يكون بالفعل أقلّ فعالية في الوقاية من الحالات الخطيرة لفيروس كورونا.

يثير غياب اللقاحات، قلق ألين نوغيرا ماريانو، فقد تناولت ماريانو (32 عاماً)، الجرعة الأولى من اللقاح في أواخر مايو/أيار، لكنها كافحت للعثور على جرعة ثانية من CoronaVac.

وفق ماريانو، التي تمتلك متجراً للمجوهرات على الإنترنت، فقد قضت أياماً في الاتصال بكل عيادة، والبحث عن اللقاح، فيما بدا الأمر محزناً حقاً بحسب تعبيرها، لأنها لم تكن تحصل على الجرعة الثانية.

بعد بحث دام أسبوعا، حصلت أخيراً على جرعتها في وقت مبكر من هذا الأسبوع، حيث تلقت عيادة بالقرب من منزلها مجموعة جديدة من اللقاحات. وتقول: "إنّ ذلك جلب لها الراحة، وأملا جديدا بالمستقبل".

يعتبر أخصائي الأمراض المعدية في مستشفى جامعة ساو باولو، جيرسون سلفادور، أنّ الخطر الأكبر ربما يكون مع تأخير التطعيم الكامل، واستمرار انتشار الفيروس، الذي يشكل تهديدا واضحاً لحياة البرازيليين.

ووفق الخبير سلفادور: "يجب أن تكون هناك طريقة سهلة لتلقيح الناس، لأنّه بمجرد أن يتخلى البعض عن الحصول على الجرعة الثانية، ستبقى البلاد بعيدة عن السيطرة على الوباء".

ويزداد الوضع صعوبة في الوقت الحالي، لأنّ السلالات الجديدة تكتسب زخماً في البرازيل، كما ألغت السلطات منذ فترة طويلة حتى الإجراءات الصحية الفضفاضة، والعديد من البرازيليين غير المطعمين يتخلّون عن الاحتياطات الأساسية مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. أثبتت بعض المتحوّرات أنها أكثر خطورة على الشباب الأصحاء، مما يشكل تهديداً للبرازيليين الذين ما زالوا ينتظرون دورهم في تلقي اللقاح، وهو الأمر الذي يتطلب معالجة فورية من السياسيين.

المساهمون