يوم عرفة... وقفة إيمانية مهيبة أملاً في "شهادة ميلاد" جديدة

يوم عرفة... وقفة إيمانية مهيبة أملاً في "شهادة ميلاد" جديدة

08 يوليو 2022
+ الخط -

بدأ حجاج بيت الله الحرام منذ شروق شمس الجمعة، التاسع من ذي الحجة، بالتوافد من مشعر منى، بعد قضاء يوم التروية، إلى صعيد عرفات الطاهر لأداء الركن الأعظم من الحج، في رحلة إيمانية مهيبة.
وقف ضيوف الرحمن متجردين من زينة الدنيا، أتوا "شعثاً غبراً" يرفعون أكف الضراعة يرجون الرحمة ويتعلقون بأمل القبول والعفو من خالق الأرض والسماء.
وإذا كان صيام يوم عرفة للجالس في بيته يكفر سنة قبله وسنة بعده، فإن الواقف على هذا الصعيد الطاهر يهبط منه بـ"شهادة ميلاد" جديدة، و"كتاب" خال من الذنوب والمعاصي والآثام.
الدكتور تركي عبيد المري، أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة جامعة قطر، يوضح أن يوم عرفة هو الشعيرة الأكبر في هذه المناسبة الدينية العظيمة، رغم أنه لا يتضمن أي أعمال بدنية سوى الدعاء، لأن الحجيج تجمّع في مكان واحد كبحر فائض من الإنسانية التي لا يمكن تمييزها.. يرتدون ثياباً واحدة رغم اختلاف أجناسهم وألوانهم وأعراقهم.. أيديهم ممدودة، رؤوسهم "شعثاء" وملابسهم "مغبرّة" تتوسل لقبول توبتهم، وعفوه، ومغفرته، ورحمته، ودخول جنته، في مشهد يذكر بوقوف البشرية أمام الله يوم المحشر حين يجأر الناس بالدعاء إلى الله ليخفف عنهم ذلك الموقف حتى يشفع النبي الكريم ليفصل الله بين العباد.


وتابع بأن الله يباهي الملائكة بعباده الذين أتوه شعثاً غبراً وليس في أبهى حلة وأجمل صورة، لأن هذا الموقف مقام تعبد يقتضي التذلل وإظهار الافتقار إلى رحمة الله ورضوانه، وليس موضع مباهاة بالزينة، مضيفاً أن هذا اليوم يتذكر فيه ضيوف الرحمن حاجتهم وفقرهم لله تعالى متجردين من ثيابهم يرتدون ملابس تشبه الأكفان.. متنزهين عن الترف وكل ما يربطهم بالنعيم الدنيوي وحياتهم الرغيدة، وكلما قضوا منسكا من مناسك الحج شعروا بارتياح كبير وسعادة روحية في نموذج مصغر لبعض مواقف الآخرة.

وعن صحة الحج لمن خرج من حدود صعيد عرفات، أكد أستاذ الفقه وأصوله بجامعة قطر أن على كل واقف بعرفة نهاراً أن يظل حتى تغرب الشمس، وإذا خرج وعاد قبل الغروب فلا إثم عليه، أما إذا عاد بعد الغروب فعليه "دم"، منبهاً إلى أن الحج المبرور هو الذي يقتدي فيه المسلم بالرسول الأمين ويوافق سنته، وأن يكون حاضر القلب ولا يتأفف من المشقة والتعب ويخلص النية لربه في كل حركاته وسكناته، وأن تغير هذه الفريضة من حاله وتزوده بالتقوى وسرعة التوبة، وأن تسهم في استحضار القلب والتعلم من الدروس والعبر التي يتضمنها هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، وأن يتعظ ويتذكر يوم وقوفه أمام الله تعالى يوم الحساب.

وبين الدكتور تركي المري أن أماكن المشاعر المقدسة توقيفية، لا يجوز زيادة مساحتها الأفقية أو النقصان منها رغم تزايد أعداد المسلمين ورغبتهم في إقامة هذه الشعيرة، لكن إذا امتلأ المكان وفاضت هذه البقاع الطاهرة بأهلها واتصلت صفوفهم أو خيامهم إلى خارج الحدود الموضوعة سواء في منى أو عرفات أو المزدلفة فالحج صحيح.
(قنا)

المساهمون