عالقون في الماضي

عالقون في الماضي

01 اغسطس 2015
"وانت معايا يصعب عليّ رمشة عينيّي" (مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
"مشوار رايحين مشوار، تا نبرم العالم بنهار، صوب الغرب صوب الشرق ويمكن ما في فرق.."، أو "كزدرنا وطال المشوار تأخرنا بكزدورتنا، رحنا بعلمي كان نهار لقينا الليل برجعتنا". هاتان الأغنيتان كثيراً ما كانتا ترافقاننا في السيارة. مشوارٌ في الأغنية وآخر في السيارة. نترك زجاج السيارة مفتوحاً فيلفحنا الهواء. كأنه أمواجٌ تقذفنا إلى أمكنة بعيدة، أو إلى ذلك المشوار. ليتنا لا نصل. تنتهي الأغنية ونعيد تشغيلها. مرة، اثنتين، عشر مرات.

في مشوارنا، نفكّر أن "الحياة حلوة بس نفهمها". هذا فريد الأطرش. وفوق رونزا وطوني حدشيتي. كيف نجمعهم؟ أنكون أكثر من شخص في حياةٍ واحدة. ربما. نحن أمزجة، والمزاجُ ليس راقياً دوماً أو متفلتاً دوماً أو راقصاً دوماً. باستطاعته أن يكون كل شيء.

نسمعُ الأغنيات لأننا نحتاجها. تشبه بساط ريح نطير به، والوجهة خيارنا. نرغب أحياناً في الاستلقاء. أو القفز من مكانٍ لا يمكننا تركه. يكفي أن نظن أننا نحلّق. جميلٌ أن تلمع أعيننا مثل نجوم في الظلام. ونقول: "إيه في أمل. أوقات بيطلع من ملل". نقول أيضاً: "حبيبي يا نور العين". فيروز تبشّرنا بالأمل، وعمرو دياب يراقص الفتيات في الفيديو كليب. يضحك ونضحك معه. ليس لأنه وسيم، نحن فقط نستجيب للإيقاع ونفرح. والكلام ليس سيئاً. لا يأخذنا إلى فوق، أو عالم "السلطنة". لا داعي للصعود كثيراً. أحياناً، نحتاج إلى السير على الأرض على إيقاعٍ عذب يعيد التوازن إلى حركة أجسادنا ويرمّم أمزجتنا التي تتآكل يومياً.

نفكّر بـ "نانا اللي نسيت هوانا"، والحلوة التي "نزلت للبحر تتشمس"، وتلك التي ينظر إليها الجميع "لما بتمشي ع الرصيف". جميلات هن في عيون الشعراء. ولأننا جميلات في عيون آخرين، نصبح نانا أو حلوة على شاطئ أو رصيف. هؤلاء فتيات زمن جميل. نفكر فيه ونستعيده، علّنا نخفي قبح حاضرنا. الشاعر يحب نانا، كما يحبها آخر أن تجنّ. فيقول لها على لسان راغب علامة: "جني جني يا عيوني شو بحبك انت ومجنونة". جنون من دون سلطنة. لكننا نبتسم وتقفز أرواحنا داخل أجسادنا التي يعتقها العمر ولا تصير أجمل.

الزمن الجميل هو ذاك الذي نسعى إليه. وما علق في الماضي، أي في طفولتنا، لا يغادر مكانه. نعود إليه لنحيي مجدداً ما كنا قد فقدناه. ونغني "ناري نارين" ونؤدي رقصة هندية. أرادت فيروز أن تأتي إلينا في الصباح، وأم كلثوم في الليل. لكن لا حب عذرياً في أغنيات الأولى بل خدعة سمعية. الثانية تغني للعشق. وبينهما أغنيات كثيرة. "وانت معايا يصعب عليّ رمشة عينيّي ولا حتى ثانية"، و"الليلة دي سبني أقول وأحب فيك". والحب هنا أكبر من السلطنة. "أقول أحبك وأعيش أحبك.. أحبك".

اقرأ أيضاً: في اللحظة الأخيرة 

المساهمون