غرائب وعجائب

غرائب وعجائب

03 ابريل 2017
عجباً! (ديشاكاليان تشوداري/ فرانس برس)
+ الخط -
تحفل مواقع الإنترنت حول العالم، وبجميع اللغات، بأخبار تصنَّف تحت خانة الغرائب والعجائب. نصوص وصور ومقاطع فيديو تستخدم الكثير من علامات التعجب. لكن، علامَ كلّ هذا التعجب؟ وما العجيب فعلاً؟

قبل الدخول في الأمثلة التي تصبّ في خانة جلب مزيد من الزائرين للمواقع، ومن ورائهم خدمات إعلانية تُقرَّش بمبالغ مالية، فإنّ تصنيف ذلك "العجيب" ليس ثابتاً، بل يختلف بين ثقافة وثقافة، ومجتمع وآخر، وشريحة عمرية وأخرى، وإطار فكري وآخر.

صحيح أنّ منظومة القيم المشتركة في مجتمع ما هي التي تحكم منظور أفراده تجاه القضايا المختلفة وتصنيفها الآلي تبعاً لها، لكنّ المنظومة بالذات قد تحمل منظومات داخلها، كلّ واحدة تبني قيمها الخاصة التي يكاد بعضها يختلف مع رأس المنظومة ويقترب أفقياً من نظير له في منظومة كبرى مختلفة. الموضة مثال معروف، وكذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة، خصوصاً في عالم مفتوح الاتصالات تتدفق فيه المعلومات في كلّ اتجاه. فحتى المعلومات الشخصية التي ربما تصل إلى حدّ الرتابة والسخافة والتفاصيل المملة قد تجد من يتعامل معها.

بعيداً عن مقاربة المؤامرة العقائدية المعرفية الحضارية التي تجد مريدين كثراً لها في غايات الإنترنت الحقيقية، فإنّ المقاربة الربحية قائمة أيضاً وربما هي أسهل قياساً في أدواتها. فالأساس في تلك الروابط هو اتخاذ ردّ فعل تجاهها أكان إعجاباً أم رفضاً. وهو ما تنبّهت له منذ فترة مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو، إذ تضع مختلف أنواع الأيقونات لتأييد إدراج ما أو حتى رفضه. فالعدّاد المختبئ للزيارات وما يرافقها له ما له في خوارزميات تشكيل أهمية الموقع والصفحة على مستوى الفضاء الإلكتروني، وعلى مستوى الربح المالي في نهاية المطاف.

هذه هي حال روابط الغرائب والعجائب تلك، حتى لو كان مجرّد خبر سخيف أو معلومة مضلّلة أو تصريح كاذب أو حتى غير ذي صلة. المطلوب واضح جداً: أولاً، أن تكون موصولاً بالإنترنت. ثانياً، أن تبحث عن تلك الأخبار أو تقصد زيارتها أو تصادفها أو تصل إليك هي نفسها بكامل عجائبها. ثالثاً، أن تدخل إليها. رابعاً، ليس مهماً أن تقرأ أو تشاهد فقد سجلت زيارتك فعلاً إلّا إذا كانت المشاهدة أيضاً نافعة لمن نشر. خامساً، أن تسجل ذلك الإعجاب أو الاستنكار أو الغضب. سادساً، أن تدخل إلى الأخبار المرتبطة... وتعيد الكرّة، وربّما ترسل ما أعجبك - أو تعجّبت منه - إلى أصدقائك أينما كانوا.

تلك العجائب نتناقلها يومياً، وقد يكون العجيب حقاً هو فعلنا هذا، ولو أنّ قياس "عجيبتنا" يتطلب منظومة قيمية بعيدة كلّ البعد عنّا، وأقرب إلى ذلك "المراقب غير المتساهل من خارج كوكب الأرض" كما يصفه كارل ساغان.


دلالات

المساهمون