الشهيد نمر الجمل في عيون أقاربه وأبناء بلدته

الشهيد الفلسطيني نمر الجمل في عيون أقاربه وأبناء بلدته

27 سبتمبر 2017
منفذ العملية الفدائية قرب مستوطنة "هارادار" (فيسبوك)
+ الخط -




لا يستطيع أقارب وجيران الشهيد نمر محمود الجمل (37 عاما) منفذ العملية الفدائية قرب مستوطنة "هارادار" شمال غرب القدس، صباح الثلاثاء (26 من الشهر الجاري)، مغالبة حزنهم لفراق نمر الذي عمل منذ سنوات في المستوطنة المذكورة.

كان واحدا من أبناء قرية بيت سوريك شمال غرب القدس، وعرف بأخلاقه العالية الرفيعة وبحسن معشره لكل من ارتبط به بعلاقة قربى أو صداقة، كما يقول قريبه أبو فارس، وهي صفات ميزت علاقته الأسرية بين أطفاله وزوجته ووالدته التي كان بارا بها يسهر على رعايتها وخدمتها.

للشهيد - كما يقول أبو فارس – لـ"العربي الجديد"، أشقاء أكبرهم مدحت الذي اعتقلته قوات الاحتلال بعد العملية مباشرة، وبعد أن اقتحم جنود الاحتلال منزل العائلة وقلبوه رأسا على عقب، فيما اعتقل شقيقه الآخر ويدعى "عبد" من مكان عمله في القدس المحتلة بعد اتصال هاتفي معه من قبل مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، وما زال رهن الاعتقال مع عدد من أقربائه، من بينهم أيضا مالك الجمل ابن عم الشهيد.

وعائلة الجمل في بيت سوريك - وفقا لأبي فارس - هي من أكبر عائلات البلدة، أما والد الشهيد، فقد توفي قبل سنوات، وترك زوجته في رعاية أبنائه، ومنهم الشهيد نمر، والذي كان تزوج من إحدى قريباته في الأردن، وشاءت الأقدار أن تكون في زيارة لعائلتها وأقاربها في الأردن، فيما تخشى العائلة من اعتقالها خلال عودتها، وبالتالي تم إبلاغها بتأجيل عودتها إلى وقت آخر.

رزق الشهيد بأربعة أبناء: ولدان وبنتان أكبرهم في الثانية عشرة وأصغرهم خمس سنوات، وكان معروفا بحبه لهم والتصاقهم به، كما يروي أبو فارس، بينما كان نجل الشهيد البكر ويدعى بهاء إلى جانب إخوته وأفراد من العائلة انشغلوا بإعادة ترتيب ما خربه الاحتلال وما دمره الجنود من أثاث، ومنها أرشيف صور للشهيد وبعض مقتنياته الخاصة، بما في ذلك الكتب المدرسية الخاصة بأبنائه.



ما أغضب أبو فارس، وأفرادا من العائلة الشائعات التي روجها الاحتلال عن الأسباب التي دفعت الشهيد لتنفيذ عمليته الفدائية، وهي شائعات مضللة وكاذبة، حيث كان الشهيد على علاقة جيدة جدا مع زوجته، على خلاف ما زعمته أبواق الاحتلال من أنه كان يعاني من علاقة مأزومة مع الزوجة.

يقول (ن. الجمل) أحد أبناء عمومة الشهيد، لـ"العربي الجديد": "كل ما قيل في هذا كذب وافتراء. لقد عرفناه عن قرب، وكنا نزوره في بيته وعلى اطلاع بالعلاقة المتينة التي كانت تربطه بأبنائه وزوجته، ولم يكن يخفي عطفه وحنانه على أبنائه ومعاملته الطيبة لزوجته".

في حين، لم يكن بمقدور بهاء الابن البكر للشهيد أن يتحدث كثيرا حين اتصل به "العربي الجديد" هاتفيا، واكتفى بالترحم على والده، ويعده بأنه يجتهد في مدرسته ويرعى إخوته، قبل أن يلتزم الصمت، ليكمل أبو فارس حديثه، مشيرا إلى أن أبناء الشهيد بحاجة إلى وقت كي يستوعبوا ما حدث بعد استشهاد والدهم ووجود والدتهم في الأردن، مضيفا: "الله يعينهم على مصيبتهم..".

صديق آخر مقرّب من الشهيد أشار إلى نفسه بالحرف الأول من اسمه (م. مزارعة)، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الشهيد من أبناء البلدة المعروفين بعشقهم للرياضة وممارستها سواء ممارسة الركض أو الكمال الجسماني، وكان رياضيا بامتياز.. يحثنا على تقوية الجسم والبدن.. وكان يطمح أن يصبح واحدا من رموز هذه الرياضة".

وأضاف: "حين تواردت الأنباء عن عملية فدائية قرب القرية والإعلان عن استشهاده صدمنا بالخبر.. فالشهيد كان على الدوام يكرس نفسه لعائلته وأبنائه، وفيّ لأصدقائه.. ولطالما اجتمعنا سوية على أكلته الشعبية المفضّلة "الكرشات والفوارغ".

أما جيران عائلة الشهيد، فكان موقفهم بعد أن اقتحم جنود الاحتلال منزل العائلة بعد وقت قليل من تنفيذ الشهيد للعملية، هو إسناد العائلة ودعمها والتضامن معها، حيث اندفعت النساء هناك للاطمئنان على والدة الشهيد ومواساتها، ومساعدتها في إخراج بقايا ما دمره الجنود.

في حين، تسمّر الشبان قرب المنزل ورفضوا مغادرة محيطه رغم إطلاق جنود الاحتلال الغاز المسيل للدموع باتجاههم، ومع بدء انسحاب القوة المقتحمة من محيط المنزل اندفع العشرات من الشبان بقذفها بالحجارة، بينما كانت بلدة بدو المجاورة على موعد مع مواجهات عنيفة جدا مع قوات الاحتلال التي تعرضت لوابل من الحجارة الكبيرة ألقيت عليها من أسطح البنايات، ومن الأزقة التي خرج منها عشرات الشبان الملثمين ليمطروها بالحجارة، في مشاهد أعادت لذاكرة الفلسطينيين مواجهات الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية في ذروة اشتعالهما.