فرنسا: لجنة لتقصي المعلومات بشأن حريق مصنع "لوبريزول"

لجنة لتقصي المعلومات بشأن حريق مصنع "لوبريزول" لاحتواء قلق المواطنين

02 أكتوبر 2019
اللجنة لطمأنة المواطنين وتبديد مخاوفهم (Getty)
+ الخط -
قرر مجلس النواب الفرنسي، اليوم الأربعاء، تشكيل "لجنة تقصي معلومات"، بشأن الحريق الذي شبّ الشهر الماضي في مصنع "لوبريزول" بمدينة روان، شمال غرب فرنسا، وهذه اللجنة لا ترقى إلى "لجنة تحقيق"، إذ لا يمكنها استنطاق مسؤولين وخبراء، إلا أن الاتفاق عليها من طرف مختلف الحساسيات السياسية، يكشف رغبة الجميع في البحث عن الحقيقة، وفي الإجابة عن تساؤلات المواطنين التي لا تتوقف.  

"كارثة"، "شكوك"، "توجس"، "نريد الحقيقة"، كلمات يرددها، بإلحاح، المواطنون في مدينة روان وفي فرنسا، بعد حريق مصنع "لوبريزول"، وهو ما يشجع على انتشار إشاعات، ودفع عشرات من المواطنين للتظاهر أمام محافَظة الأمن، مطالبين بالحقيقة.

ما هي حقيقة ما جرى؟ فالمواطنون أمام سيل من المعلومات لا تشفي غليلهم، ابتداء بأسباب الحريق، إذ إن آخر الأخبار تشير إلى أنه تم من الخارج، حسب ما تكشفه كاميرات المراقبة إضافة إلى شهود عيان، قبل أن يمتد إلى داخل المصنع، ثم يلتهم أطرافا كبيرة منه، ويدمّر 5253 طنا من المواد الكيماوية، باعتراف محافظَة الأمن، وهو ما دفع إدارة المصنع إلى التقدم بشكوى قضائية، بتهمة "تدمير غير متعمد، عن طريق تفجير أو حريق". وحرك أيضا نيابة مدينة روان إلى فتح تحقيق، حول "تدمير غير متعمد"، و"تعريض حياة أشخاص للخطر".

وتحاول الحكومة جاهدة، طمأنة المواطنين بـأنها ستتعامل بشفافية كاملة حول ما حدث وأيضا مع نتائج التحقيقات.

ولحد الساعة لا يزال الخطاب الحكومي كما كان منذ البداية، أي نفي وجود خطر كبير على صحة المواطنين. ورغم أن الحكومة منعت الفلاحين من تسويق منتجاتهم، من الألبان والبيض والعسل والمنتوجات الفلاحية والأسماك المستزرَعة، وهو ما رأى فيه كثيرون تناقضا مع خطاب حكومي ينفي وجود خطر على الصحة، إلا أن جواب وزير الفلاحة الفرنسي، ديديي غيوم، كان واضحاً وهو أن هذا المنع هو من باب أخذ الحذر والحيطة، لا غير. ووعد بتعويض الحكومة لكامل خسارات الفلاحين.

وفي بادرة شفافية كشفت الحكومة، مساء أمس الثلاثاء، عن المواد التي تعرضت للحريق، وتتضمن 3000 مرجعية، والتي يتمّ بصددها تحديد درجة التسمم. ويتعلق الأمر أساسا بمضافات متعددة الاستخدام. وتحدثت السلطات عن نحو 1000 برميل تعرضت للتلف بسبب الحرارة. كما أشير إلى حضور مواد فوسفورية، وحامض الهيدروكلوريك، ومواد أخرى من مشتقات الكلور والمواد المذيبة ومواد التنظيف ومختلف أنواع الهيدروكربون والصودا الكاوية.. إضافة إلى تواجد مواد إشعاعية مغلقة بإحكام.

وثمة مخاطر من الأسبستوس (معادن ليفية تتكون طبيعيا)، المستخدم في سقوف البناية المدمرة، إلا أن السلطات، التي طالبت بالحذر، طمأنت بأنه لا يوجد أي مستوى من الأسبستوس يدعو للقلق بالقرب من المصنع المحترق.    

وعلى الرغم من الاتفاق على أن السناج (جسيمات الكربون الناتجة عن الاحتراق) الموجود في البخار، ليس فيه ما يدعو للقلق، على المواطنين، إلا داخل المصنع، حيث تم تسجيل كميات كبيرة من البنزين والتولوين (مادة عضوية مذيبة)، مع التأكيد على انتظار تحاليل دقيقة جديدة، وتأكيد أطباء على أن الدخان لم يكشف عن تسببه في "فشل تنفسي"، إلا أن قلق المواطنين لا يزال متواصلا، من أن الحكومة تخفي شيئا. وخاصة مخاطر وجود تلوث تسببه مادة الديوكسين، وهي من أكثر السموم الكيماوية، وهو ما يطرحه، بقوة، كثير من الأطباء والعلماء وخصوصا من خبراء الكيمياء، الذين يتساءلون عن مخاطر اختلاط واحتراق كثير من المواد الكيماوية.

كما لا يزال المواطنون يتساءلون عن سبب حالات القيء والغثيان وآلام الرأس، وهو ما يفسره الأطباء بالرائحة الكريهة المنبعثة من الأدخنة المتصاعدة من مكان الحريق: "هذا الغاز يمكن أن يسبب لدى البعض آلاما في الحنجرة، والسعال..".

وكانت مخاوف كبيرة لدى السكان من تعرض المياه للتلوث، إلا أن الوكالة الإقليمية للصحة أكدت أنه بإمكان المواطنين شرب مياه الصنبور، دون أي خطر، وحتى في القطاعات التي مر فيها عمود الدخان، مشددة على أن أصل المياه يأتي من المياه الجوفية، وليس من نهر السين أو من أنهار أخرى. 

وإذا كانت المخاطر على المستوى الحالي والقريب مستبعدة، في انتظار ظهور كل التحليلات التي طالبت بها الحكومة، فإنه لا شيء يؤكد على انعدام مخاطرَ على المستوى البعيد، على البيئة وعلى التنوع البيولوجي.


وفي انتظار ظهور الحقيقة، قررت الحكومة أن تبقى حاضرة ومستنفرة على المستوى الإعلامي، وفي هذا الصدد جددت وزيرة الصحة أنياس بوزين، تأكيدها على أنه "ليس للدولة والسلطات ما تخفيه"، حول حقيقة حريق مصنع "لوبريزول"، وخوفا ممّا قد تكشف عنه التحليلات، رأت الوزيرة أنه ليس ثمة ما يدعو للقلق في ما نعرفه، لكنه لا يمكن أن نجزم باستحالة وجود مخاطر نجهلها، وهو ما تقوله التحليلات العلمية. ومن جهتها أكدت وزيرة "الانتقال الإيكولوجي" أنه لا توجد أي مادة "تمثل خطرا على الصحة".