الزيّ التقليدي حاضر في أمسيات تونس الرمضانية

10 مايو 2019
إقبال على شراء الشاشية والأوشحة والقفطان النسائي (فيسبوك)
+ الخط -
يُقبل التونسيون خلال شهر رمضان على ارتداء الملابس التقليدية بشكل ملفت في السهرات العائلية والمسامرات الرمضانية وعند زيارة الأقارب وخلال ارتياد المساجد، حتى أنّ الشباب أعاد بعث "تقليعات" منسيّة وأخرى أصبحت مناسباتية.

وتزايد الإقبال على شراء الجبة التونسية والشاشية والأوشحة والقفطان النسائي بشكل غير مسبوق مع انطلاق شهر رمضان، إذ يحبذ التونسيون التوجه لأداء صلاة التراويح نساء ورجالا متزينين باللباس التقليدي التونسي، بحسب نبيل بن حميدة، تاجر الملابس التقليدية بالمدينة العتيقة بالعاصمة.

وقال بن حميدة لـ"العربي الجديد"، إنّ الجبّة زينة الرجال وهويتنا التونسية الأصيلة بخيوطها ونقوشها وفصالها وألوانها المختلفة المتأصلة في عمق حضارتنا وتاريخنا وثقافتنا، مشيرا إلى  تزايد الإقبال عليها باختلاف أنواعها "الحرير، والخمري، والقمراية، والسكرودتة والمقردش..".

وأضاف أن الشباب أيضا يقبل على شراء الجبة، وهو مؤشر إيجابي على تواصل الأجيال ووراثة التعلق بهويتنا وأصالتنا، مشددا على ضرورة أن لا يقتصر ارتداء اللباس التونسي على المناسبات والأعياد والأعراس، بل أن يمتد على مدار العام لما له من هيبة وجمال.

الجبة التونسية من أشهر الملابس التقليدية بتونس (فيسبوك)

وتعتبر الجبة التونسية من أشهر الملابس التقليدية التونسية، وهي عبارة عن قميص خارجي فضفاض، له فتحة كبيرة عند الرقبة وجيبان جانبيان لإخراج الذراعين، هما الكمان، وتلبس عادة فوق مجموعة من قطع الملابس الداخلية وهي "السورية" و"الصدرية" و"البدعية" و"المنتان" والتي تشكل مجتمعة مع بعضها ما يسمى في تونس بالكسوة.

إقبال على شراء الشاشية (فيسبوك)

كما يقبل التونسيون على ارتداء "الشاشية"، وهي قلنسوة حمراء توضع على الرأس وأخذت اليوم ألوانا أخرى مختلفة في "تقليعات" شبابية بهدف الترويج لها، فتجد قباعات الشاشية خضراء وصفراء وزرقاء مما جلب الشباب أكثر لاقتنائها.

وتعد الشاشية من بين مميزات اللباس التقليدي التونسي الذي يحذر الحرفيون في "سوق الشواشين" من اندثارها بسبب ضعف الإقبال وتراجع مداخيله وعزوف الحرفيين عن مواصلة إنتاجها لضعف المبيعات والتصدير مقارنة بالسنوات الفارطة.

تزايد الطلب على الملابس التقليدية من الشباب (فيسبوك)

ومن أبرز الملابس التقليدية التونسية التي بدأت تدخل طي النسيان "السفساري" التونسي الذي كان يمثل اللباس الرسمي للمرأة التونسية إلى حدود الاستقلال وبعده بقليل، وهو عبارة عن قطعة قماش بيضاء كبيرة من حرير أو قطن تغطي بها المرأة كامل جسمها من رأسها وحتى كاحلها قبل أن تخرج إلى الشارع.

وأصبح السفساري يُشترى اليوم لتزيين العروس عند خرجة الحمّام، فيما عمدت بعض الشابات إلى اقتناء السفساري تعبيرا عن تمسكهن بالهوية التونسية.

وتقول هدى (32 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنها تستمتع بارتداء السفساري عند الذهاب لشرب القهوة في ليالي رمضان المبارك في مقهى الشواشين وفي مقهى العنبة بالمدينة العتيقة وفي المسامرات الرمضانية، ولحضور الحفلات الموسيقية في المسرح البلدي، إذ تكون للمالوف التونسي نكهة أخرى مع السفساري.

وتضيف: "أشعر بالفخر عندما تلاحقني نظرات الإعجاب بتمسكي بلباس تقليدي بدأ يدخل طي النسيان في وقت أصبح من يرتديه مبعثا للاستغراب والمفاجأة".

تقبل الشابات على ارتداء مريول فضيلة (فيسبوك)

كما تقبل الشابات بشكل غير مسبوق على ارتداء "مريول فضيلة"، وهو عبارة عن قميص مزركش بخطوط حمراء وبنفسجية وزرقاء ويعود تاريخه، حسب الرواية الشفهية، إلى الموروث الشعبي الذي يروي قصة البطلة فضيلة مع الأمير العثماني زمن حكم الأتراك، لتجد فيه فتيات تونس اليوم جاذبية وجمالا عابرا للزمان والحضارات.


وللشباب أيضا هوس جديد بارتداء "الدنقري"، وهو عبارة عن بنطال وجاكيت أزرق فاقع من الكتان أو القطن البسيط يعود تاريخ ارتدائه إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إذ كان لباسا شبه رسمي للعمال والكادحين في الموانئ والأرصفة وفي المهن الشاقة ليتحول إلى رمز اجتماعي وإيديولوجي للطبقة الكادحة في تونس.

وتفنن الشبان اليوم في ارتداء الدنقري الذي وجدوا فيه ألوانا مختلفة من الأسود إلى البني والأحمر والأخضر، لتبعث في هذا اللباس المنسي حياة جديدة وتنعش به تقاليد كادت أن تدخل طي النسيان.