60 يوماً وعائلة عفانة تناضل لاسترداد جثمان ابنتها مي من الاحتلال

60 يوماً وعائلة عفانة تناضل لاسترداد جثمان ابنتها الشهيدة مي من الاحتلال

القدس

جهاد بركات

جهاد بركات
13 اغسطس 2021
+ الخط -

هذه هي المرة الحادية عشرة خلال ستين يوماً التي تنزل فيها عائلة الشهيدة الفلسطينية، مي عفانة، إلى الشارع ليس للمطالبة بمحاسبة قاتلها، بل لمطلب إنساني فحسب وهو تسليم سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثمانها، من أجل أن تودّع عائلتها الجثمان بمن فيهم ابنتها سلاف، التي لم تتجاوز خمسة أعوام من عمرها؛ ومواراتها الثرى في بلدتها أبو ديس، جنوب شرق القدس المحتلة.

اعتصام لعائلة الشهيدة مي عفانة- القدس (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

قرب مدخل بلدة العيزرية المجاورة، أي على بعد عشرات الأمتار من مدخل مستوطنة معاليه أدوميم، المقامة على أراضي الفلسطينيين في القدس، تصل عائلة عفانة، بعدما أقامت اعتصامها الأسبوعي الحادي عشر، مساء أمس الخميس، في خيمة اعتصام دائمة في بلدة أبو ديس، أقامت فيها صلاة الجمعة.
يقول حسن جفال، زوج مي لـ"العربي الجديد"، إنّ ابنته سلاف التي تبلغ من العمر، خمس سنوات، هي أكثر من يسأل عن مي. "متى ستعود؟ وأين ذهبت؟". لا تعرف بعد معنى الشهادة والموت، ولذا بقي الأمل عندها بعودة أمها لأكثر من ستين يوماً، وربما سيقرّب وداعها لجثمان والدتها الإجابة عن بعض الأسئلة لا جميعها، وربما سيساعد الطفلة، وجود قبر تزوره، على فهم معنى الشهادة.
 يتابع حسن عن ابنته وحالها خلال الشهرين الماضيين، قائلاً: "هي من كانت ترعاها وتقضي معها الوقت. الطفل يتعلق بوالدته، تسأل عنها، لكن لا تعرف ما الذي تعنيه الشهادة أو الموت، ربما تستوعب كلمة الموت، لكنها ستظل غير متأكدة من عدم عودة والدتها وسيظلّ هناك الأمل".
يقول زوج الشهيدة مي عفانة: "هذه أسرة كانت تعيش في أمان، والاحتلال حرم الطفلة من أمها، وأنا كزوج أفتقد زوجتي. أهلها، أمها ووالدها وأشقاؤها الكل يفتقدها. هذه جريمة بحق كل العائلة، وأنا أطالب الصليب الأحمر والمجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية والإعلام، بالعمل من أجل حلّ قضية الجثامين. فاحتجاز الجثمان جريمة إضافية على عملية الإعدام".

لم تجد العائلة أمامها سوى الحراك الشعبي للضغط على الاحتلال، فتبدو المسارات القانونية في مؤسسات الاحتلال بلا جدوى، ويقول والدها خالد عفانة لـ"العربي الجديد": "إن قدوم العائلة مع شبان بلدة أبو ديس والنشطاء إلى مدخل بلدة العيزرية المجاورة، يهدف إلى الضغط على الاحتلال، لقد جئنا لنطالب بتسليم الجثمان. هم مضغوطون من الحراك ونحن نريد أن نضغط ونزيد من ضيقهم، لأنه لا يوجد أمامنا أي وسيلة أخرى. لا أحد يساعدنا من السلطة، أو العالم العربي والإسلامي، ونحن مثل المضرب عن الطعام في السجون، ليس أمامه سوى الأمعاء ليحارب بها، ونحن لدينا أجسادنا فقط نضعها أمام قوات الاحتلال، وها هم الشبان يضعون أجسادهم أمام تلك القوات".
طاقم المحامين تقدم بطلب إلى ما يسمى بالإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، لاسترداد جثمان الشهيدة مي عفانة، وتأخّر الرد خمسة وأربعين يوماً، ليأتي بالرفض. 
يقول زوج الشهيدة، حسن جفال: "منذ ستين يوماً لم نبلّغ بأي شيء رسمي من أية جهة كانت، سواء الارتباط الفلسطيني أو مخابرات الاحتلال، لذا تقدمنا بطلب عبر المحامي قوبل بالرفض، لنتوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، ولا ردّ حتى اللحظة".
ويؤكد جفال: "نحن الآن نعتمد على الجانب الشعبي، لأنّ الجانب الرسمي للأسف لا يتواصل معنا، الجهات الإعلامية التي تسلط الضوء على هذا الملف، قليلة جداً. زوجتي ليست وحدها، هناك 80 جثماناً محتجزاً لدى الاحتلال، أناشد الجهات الإعلامية بالتركيز على هذه القضية المركزية".
تعلم العائلة تماماً أنّ القرار سياسي وانتقامي بالنسبة إلى سلطات الاحتلال وليس قانونياً، والعائلة توجهت عبر طاقم المحامين إلى محكمة الاحتلال العليا، خشية من دفن الجثمان في مقابر الأرقام، وليتيح ذلك التوجه لاحقاً لمحاكم دولية. ويقول جفال: "للأسف أنا أذهب لجلادي لكي يقاضيني، ولكن هذا المتبّع للوصول إلى المحاكم الدولية، يجب أن يمر الأمر بمحكمة الاحتلال".
أمّا والد مي فيقول: "إنّ لجنة المحامين قدّمت الطلبات 3 مرات لجهات الاحتلال قبل الذهاب إلى المحكمة العليا الإسرائيلية والتي وصفها في حديثه بـ(المحكمة السفلى). وفي حال لم يتم تقديم مثل تلك الطلبات لجيش الاحتلال ستؤجل المحكمة الأمر لأشهر، وقد توجّه فعلاً طاقم المحامين إلى المحكمة العليا خوفاً من دفنها في مقابر الأرقام". وأشار عفانة إلى أنه لا توجد أية معلومة عن موعد انعقاد جلسة لها.
واستشهدت مي عفانة في 16 يونيو/ حزيران الماضي، قرب بلدة حزما، شمال شرق القدس، حيث أطلق عليها الاحتلال النار بتهمة محاولتها تنفيذ عملية دهس، وأبقت على جثمانها في الثلاجات. وترفض العائلة ادعاءات الاحتلال، ويقول زوجها: "إنها كانت في طريقها لإجراء فحوصات طبية، وكانت على تواصل مع صديقتها عبر الهاتف قبل إعدامها. وهي ذهبت ناحية مكان لركن المركبات عادة، لتصطدم المركبة بالحجارة في تلك المنطقة قرب بلدة حزما". لكن من أطلق النار عليها بحسب زوجها، هو "مستوطن يرتدي لباساً مدنياً، وليس جندياً بلباس عسكري".
وعفانة التي أعدمت برصاص الاحتلال، أم لطفلة ومحاضرة في جامعة الاستقلال الفلسطينية، وكانت تكمل دراسة الدكتوراه في الأردن، إذ كانت تنتظر تسليم رسالة الدكتوراه. 
وجثمان عفانة واحد من أصل 80 جثماناً محتجزاً لدى سلطات الاحتلال منذ عام 2015،  إذ أعادت حكومة الاحتلال سياسة احتجاز الجثامين مع الهبة الشعبية التي اندلعت في ذلك الوقت، وعُرفت بهبة أو انتفاضة القدس. واحتُجز المئات من الجثامين التي سُلّم عدد كبير منها بعد مرور أشهر وسنوات، فيما بقي العشرات في الاحتجاز، أقدمهم جثمان الشاب عبد الحميد أبو سرور، الذي استشهد في 20 إبريل/ نيسان 2016، يضاف إليها 253 جثماناً محتجزاً فيما تعرف بمقابر الأرقام منذ ما بعد عام 1967.

ذات صلة

الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.

المساهمون