روسيا في سورية: امتهان الخداع

روسيا في سورية: امتهان الخداع

07 أكتوبر 2015
التدخل الروسي في سوريا (أرشيف)
+ الخط -
يثير الانخراط الروسي المتزايد في الحرب السورية شائعات بمساهمة روسية أوسع في الاقتصاد السوري. وقد أشارت تقارير نشرتها الصحافة السورية أخيراً إلى مخططات روسية ترمي إلى استثمار مليارات الدولارات في الاقتصاد السوري، وتظهر استعداد روسيا لتقديم مساعدات مالية للحكومة السورية.

بالإضافة إلى ذلك، وفي مقابلة مع صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام، ذكر الملحق التجاري في السفارة الروسية لدى دمشق، إيغور ماتفيف، لائحة طويلة من المشاريع التي يمكن للبلدين التعاون فيها. تتضمن هذه المشاريع معملاً لمولدات الطاقة، وإقامة محطة لمعالجة المياه، والاستثمار في قطاع السياحة، ومشاريع في مجال البُنى التحتية، إضافة إلى تشجيع الصادرات السورية من خلال إنشاء قرية صادرات وواردات روسية في سورية. والملفت للنظر أن معظم هذه المشاريع المذكورة في مقابلة ماتفيف مطروح إقامتها في محافظتي اللاذقية وطرطوس.
مشروع واحد فقط، وهو عبارة عن محطة طاقة كهربائية جديدة، مطروح خارج المنطقة الساحلية وبالقرب من دمشق.

لكن وعلى الرغم من كل هذه الأقاويل، الحقيقة أن قليلاً من هذه المشاريع قابل للتنفيذ.

فروسيا لم تكن مصدراً للاستثمار في الأسواق الخارجية، وباستثناء قطاع الطاقة لم تُعرف أي استثمارات روسية مهمة في أي مكان من الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، يتعرض الاقتصاد الروسي حالياً إلى ضغوط قوية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط، والعقوبات الغربية.
وبذلك لا يبدو أن باستطاعة موسكو تقديم المساعدة المطلوبة أقله بشكل كافٍ.

وفي الوقت نفسه فإن الحكومة السورية في حال من الإفلاس وغير قادرة على الدفع للشركات الروسية لتقوم بتنفيذ أي مشروع في سورية.

من الممكن أن تمنح الحكومة السورية الشركات الروسية بعضاً من العقود، كإقامة محطات الطاقة أو التنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية. إن أياً من هذه المشاريع لن يبدأ الآن بالتأكيد، ولكن سيكون بإمكان الروس تنفيذ هذه المشاريع بعد انتهاء الحرب، أو استخدامها كورقة للمساومة مع أي حكومة سورية مستقبلاً.

إذاً لماذا كل هذه الضجة حول انخراط روسيا اقتصادياً في سورية؟ ولماذا الخطط لإقامة تلك المشاريع حصراً في اللاذقية وطرطوس؟

من الواضح أن الهدف من كل هذه الضجة هو سياسي. يريد البلدان إظهار عمق التعاون بينها، وأنه شامل ويرتكز على استراتيجية بعيدة الأمد. كما يمكن أن يكون الهدف رفع معنويات مناصري الأسد في المنطقة الساحلية بتقديم الوعود لهم بمستقبل زاهر تبقى فيه روسيا ملتزمة بالنظام، حتى وإن خسر دمشق وتراجع إلى الساحل السوري.
(خبير اقتصادي سوري)

المساهمون