أميركا تتجه لتصدير النفط

أميركا تتجه لتصدير النفط

20 ديسمبر 2015
عودة النفط الأميركي(مارك رالتسون/ فرانس برس)
+ الخط -
تزايدت التوقعات في الفترة الأخيرة، حول التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الأميركية و"الكونغرس" في ما يتعلق برفع الحظر على تصدير النفط الأميركي قبل نهاية العام. يقول مؤيدو رفع الحظر "إن القانون الذي تم تشريعه في العام 1975 رداً على الحظر النفطي الذي فُرِضَ من قبل الدول العربية النفطية ضد الولايات المتحدة، أصبح إرثاً لحقبة ماضية، لا تمت بأي بصلة للواقع الجديد، ذلك أن حظر التصدير كان يهدف أساساً، إلى عزل الاقتصاد الأميركي عن تبعات أي عطل محتمل لإمدادات النفط العالمية، الذي قد يتسبب في خلق حالة من عدم التوازن في أسواق الطاقة الأميركية".
لقد أسهمت عوامل عديدة في إعادة التفكير بجدوى إبقاء القانون، المثير للجدل، طيلة العقود الماضية دون تغيير. أولاً، أصبح العالم يمتلك وفرة كبيرة من إمدادات النفط بفضل طفرة تقنية استخلاص النفط من الصخر الزيتي الأميركي التي تسببت في انهيار أسعار النفط الخام الأميركي إلى ما دون 36 دولاراً للبرميل، واقتراب أسعار الغاز الطبيعي من أدنى مستوياتها في 14عاماً. بعبارة أخرى، لم تعد هناك ندرة في مادة النفط في أسواق الطاقة الأميركية التي كانت من أهم الأسباب التي دفعت المشرعين الأميركيين إلى إصدار قانون يمنع تصدير النفط إلى الخارج.

ارتفاع الإنتاج

ثانياً، إن تضاعف إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال السنوات الست الأخيرة، من نحو 4 ملايين برميل يومياً في عام 2008 إلى ما يزيد عن 9 ملايين برميل في الوقت الراهن، ساعد في تقليل اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبي المستورد. لذلك، فإن رفع الحظر سيساعد من وجهة النظر الأميركية على تحقيق التوازن في الأسواق المحلية، إضافة إلى إعطاء حلفاء الولايات المتحدة بديلاً أخر لشراء النفط الخام، عوضاً عن مصادره التقليدية، مثل روسيا والشرق الأوسط، وجميعها عوامل تُبقي أسعار النفط متدنية على المدى القصير.

ثالثاً، يتداول الخام الأميركي، تاريخياً، بسعر أقل بقليل من سعر خام برنت، ذلك لأن منتجي النفط في أميركا لم يكن بإمكانهم تصدير نفطهم إلى مصافي التكرير في الخارج، ولكن مع رفع الحظر المرتقب، فإن عدداً كبيراً من هذه المصافي ستكون على استعداد لدفع سعر أعلى مقابل الحصول على خام ذي جودة عالية. إضافة إلى ذلك، سيكون بمقدور المنتجين الأميركيين الوصول إلى أسواق واسعة، وهو سبب أضافي يبقي أسعار النفط والغاز ضمن مستويات متدنية نسبياً في المستقبل.
رابعاً، إن رفع حظر تصدير النفط سيشجع المزيد من الإنتاج المحلي على المدى الطويل، ما يسهم في إعادة الأسعار إلى الارتفاع من أدنى مستوياتها التي سجلتها في الآونة الأخيرة. إضافة إلى ذلك، سيكون لزيادة نشاط الصناعات النفطية في الولايات المتحدة دور أساسي في خلق وظائف جديدة في قطاع الطاقة المحلية، بعد أن تسبب انخفاض أسعار النفط في إنهاء نحو 120 ألف وظيفة خلال العام الماضي فقط.
في المقابل، لا يمكن محو الأثر السلبي جراء الارتفاع المتوقع في إنتاج الولايات المتحدة من النفط، إذ إن أي زيادات أخرى في الصادرات الأميركية إلى الأسواق العالمية ستؤدي في نهاية المطاف، إلى مزيد من التراجعات على أسعار النفط، ما يمثل عاملاً ضاغطاً في إبقاء أسعار النفط عند مستويات متدنية. وحتى وإن تمكن رفع الحظر عن تصدير النفط من خلق المزيد من الوظائف في الولايات المتحدة، الا أن أسعار النفط ومشتقاته ستواجه المزيد من الضغوطات السعرية من خلال تشجيع إنتاج كميات أكبر من النفط الخام محلياً.
إن سوق النفط هي سوق عالمية مفتوحة، حيث يتلاقى جميع منتجي ومستهلكي النفط في العالم، ويتفاعل إجمالي الطلب مع العرض العالمي، واللذين من خلالهما تتحدد الأسعار. تبعاً لذلك، فإن عملية استبدال نفط منتج في بلد ما ببلد آخر قد تكون أمراً طبيعياً، إذ لا يهم كثيراً أين تحدث المعاملات، إذا كانت الدول المستوردة ستحصل على كامل احتياجاتها من النفط وبأسعار مقبولة.
(خبير اقتصادي أردني)

اقرأ أيضاً:النفط... لتمويل داعش

المساهمون