هل من أمل بنمو التجارة العربيّة مع تصاعد الأزمات؟

هل من أمل بنمو التجارة العربيّة مع تصاعد الأزمات؟

01 يونيو 2015
من اليمين حمزة الروضي وفهد الشريعان (العربي الجديد)
+ الخط -
أدت الأزمات والحروب في المنطقة العربية إلى إغلاق العديد من المعابر الحدودية، وهُدمت البنى التحتية للموانئ والمطارات. فهل تشلّ هذه الأزمات الحركة التجارية البينيّة؟

حمزة الروضي: الإصلاحات حدت من مخاطر الحروب

قال الخبير في العلاقات التجارية الدولية حمزة الروضي، إن 55% من دول المنطقة العربية قد قامت بإصلاحات لتدارك الأضرار التي لحقت بمبادلاتها التجارية، خصوصاً بعد انطلاقة الربيع العربي، "وهو معدل جيد مقارنة مع المعدل المسجل في الدول الآسيوية والذي بلغ 60%، رغم أن هذه الدول لا تعرف اضطرابات أمنية كتلك التي تعيشها المنطقة العربية".

وأكد الخبير التجاري الدولي في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن الدول العربية تنبهت إلى أن انعدام الاستقرار يكاد يعصف بميزانها التجاري، وبمبادلاتها التجارية، فقررت القيام بالعديد من الإصلاحات على أنظمتها للمبادلات التجارية. وذكر من بين هذه الإصلاحات ما قامت به الجزائر، من ناحية تحسين بنيتها التحتية فيما يتعلق بالموانئ "خصوصاً وأنها ترى النجاح الذي حققه ميناء طنجة المتوسطي في المغرب، والذي سجل أكبر نسبة نمو في العالم" يقول المتحدث ذاته.

ويضيف: "قامت الجزائر كذلك بتقليص مدة معالجة السلع الواردة نحو موانئها إلى أوقات تناسب مصالح المصدرين والمستوردين.

وتحدث الروضي أيضاً عن الإجراءات التي قامت بها المملكة المغربية من خلال تقليص عدد الوثائق المطلوبة من أجل الاستيراد والتصدير، وهو نفس الأمر الذي قامت به المملكة الأردنية، والتي تحاول تقليص عدد الأيام الضرورية التي يحتاجها التاجر لتخليص معاملاته، ربطاً بالمعدل الدولي وهو بحدود 10 أيام، وهي المدة التي نجح المغرب في الوصول إليها أخيراً.
ولفت الخبير حمزة الروضي إلى "أن الأزمات الأمنية دفعت العديد من الدول العربية إلى جعل أنظمتها التجارية أكثر تنافسية"، وأشار بهذا الصدد إلى التقرير الأخير لمجموعة البنك الدولي، والذي أورد في سطوره، رصد خبراء المجموعة قيام 11 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ "جهود لتطوير نشاطها التجاري وتحسين طرق المبادلات التجارية بين دول المنطقة لمواجهة انعدام الأمن".

في المقابل قال الخبير الروضي، إن الجهود التي تقوم بها كل من قطر والإمارات العربية المتحدة مهمة جداً لتحسين أنظمتها للمبادلات التجارية، "ويمكن القول إن أفضل أداء للدول العربية سجلته قطر والإمارات"، حسب تعبيره، مفسراً الأمر بأنهما بدأتا عملية إصلاح أنظمة المبادلات التجارية منذ أكثر من 8 سنوات، لذلك تمكنت الدولتان أمام كل الصعاب التي تعصف بالمنطقة، وكذا الانخفاض الحاد لأسعار المواد البترولية، من المحافظة على معدلات نمو جيدة في ما يخص مبادلاتهما التجارية، سواء مع الدول العربية المحيطة بهما، أو مع باقي دول العالم.

اقرأ أيضا: الصادرات العربية تتهاوى في زمن الحرب

فهد الشريعان: الحروب شلّت التجارة البينيّة
وصف الخبير الاقتصادي الكويتي، فهد الشريعان، البيئة التجارية في الدول العربية، وخاصة البلدان التي تعرف حروباً، بـ"المخيفة وعالية المخاطر". وأضاف أن رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، لم يعد يغريها الاستثمار في استيراد وتصدير مختلف المواد، نظراً لعدم توافر الشروط الملائمة لتصريف المنتجات داخل الأسواق العربية، أو شح بعضها، إن لم نقل انعدامها، حسب المتحدث ذاته، وكذا انهيار البنية التحتية للعديد من الدول بسبب الدمار الذي لحق بها من جراء المواجهات المسلحة، أو نظراً لتعطل الحركة التجارية البرية بسبب إغلاق المعابر الحدودية بين العديد من الدول العربية.

وقدم الخبير فهد الشريعان، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، المثال بتوقف المبادلات التجارية بشكل شبه تام في سورية، وتضرر لبنان من مخاطر المعابر البرية، والتي كانت سبباً مباشراً في عدم استفادة هذا البلد من موسمه الفلاحي لهذه السنة، والذي قال عنه الشريعان إنه "جيد وبمردود عالٍ"، لكن الزبون الأول للبلد والمتمثل في دول الخليج، لم يحصل على الإمدادات المعتادة من الفواكه والخضر، بسبب الأوضاع الأمنية التي تشهدها المنطقة.

وانتقل الخبير الكويتي للحديث عن تأزم المبادلات التجارية في اليمن، والتي فاقمتها الحرب الأخيرة التي اندلعت بسبب الصراع مع مليشيا الحوثي. وذكر فهد الشريعان كذلك تأثر المبادلات التجارية للعراق بعد توسع سيطرة تنظيم "داعش" على العديد من النقاط الحدودية للبلد، وبسط نفوذه على مواقع حساسة، كانت تعتبر المورد الأساسي لمختلف المواد التي ينتجها العراق.

أما في ما يخص الدول العربية في شمال أفريقيا، فأوضح الخبير الاقتصادي الكويتي أن العلاقات السياسية كانت منذ مدة حاجزاً أمام التبادل التجاري بين دوله، وما عمّق الأزمة، الظروف الأمنية التي تشهدها ليبيا اليوم، والأوضاع الأمنية غير مستقرة في تونس، وكذا نشاط الجماعات المسلحة على الشريط الصحراوي الجنوبي. وعن الأوضاع في ليبيا، شدد المتحدث ذاته على أن نوع المبادلات التجارية التي يعرفها البلد اليوم، لا تتجاوز الاتجار في النفط الخام، وهذا الأخير يخضع بدوره لتحكّم المليشيات المسلحة، بعيداً عن أنظار أجهزة الدولة بمختلف انتماءاتها، ما يجعل حجم المبادلات التجارية غير معروف وتحت رحمة السوق السوداء.

وأوضح فهد الشريعان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التقارير الدولية التي تتحدث عن حجم المبادلات التجارية في الدول العربية بعد اندلاع الصراعات الواسعة فيها، لا تعكس حقيقة الواقع، وذهب حد القول بأن بعض الدول أصابها الشلل التجاري. وأضاف أن العديد من الدول العربية أصبح يبحث فقط عن العودة إلى المستويات التي كان يحققها قبل أربع سنوات. وقال الشريعان إن الأوضاع الحالية أفرزت استفادة بعض الدول بشكل إيجابي منها، وذكر من بينها الأردن، التي عوضت الإمدادات من المواد التي كانت تأتي من سورية ولبنان، وأصبحت تغطي العجز الحاصل داخل مجموعة من الأسواق، خاصة الخليجية، حيث أصبح الموردون فيها يعتمدون بشكل كبير على المنتجات الزراعية الأردنية.

وعن الحلول الممكنة لتجاوز الأوضاع الحالية، شدد الخبير الاقتصادي الكويتي على أن سياسة المؤتمرات الاقتصادية التي استضافتها العديد من الدول العربية أخيراً، لن تأتي بنتائج، لأن الحلول الحقيقية تكمن في إيجاد مخارج سياسية للأوضاع، وإطفاء لهيب الصراعات المسلحة، قبل الخوض في مناقشة إصلاحات اقتصادية، لم ولن تجد البيئة الملائمة لنزولها إلى أرض المواقع 


المساهمون