تضمّنت المجلة دراسة للمفكّر عزمي بشارة بعنوان "الطائفة والطائفية: من اللفظ ودلالاته المتبدّلة إلى المصطلح السوسيولوجي التحليلي"، والذي يراكم فيها مقارباته السابقة حول نشوء الطائفية كظاهرة سياسية اجتماعية في سياقها التاريخي في المشرق العربي، الذي تعاني بلدانه متعدّدة الطوائف من عدم استقرار في هويتها الوطنية أو القومية.
ضّم العدد أيضاً دراسات عدّة؛ من بينها "مقاربة في علم الاجتماع التاريخي لفهم التباين في مرحلة ما بعد الثورات في البلدان العربية" لـ رايموند هينبوش من اسكتلندا، و"الثورة وتاريخ الهامش في مصر: محاولة في علم الاجتماع التاريخي (مع الإشارة إلى الحالة التايلندية)" لـ هاني عوّاد من فلسطين، و"العنف الأسري في روايات رجال يتكلمون": الاستنتاجات وتضميناتها العملية" لـ عزه شرارة بيضون من لبنان.
إلى جانب "سجال سوسيو أنثروبولوجي حول مساهمة النساء في إعادة إنتاج السيطرة الذكورية" لـ خالد شهبار من المغرب، وترجمة بعنوان "خمسون سنة من السوسيولوجيا المغاربية في الفترة ما بعد الكولونيالية" من تأليف الباحث الجزائري الطيب شنتوف، وقد ترجمها إلى العربية رشيـد بن بيه.
في قسم المناقشات، تضمّن العدد مناقشتين إحداهما بعنوان "دراسة الطبقة الوسطى الهشة في المغرب: مقاربة جديدة" كتبها سعد الدين إكمان من المغرب، والأخرى "رأس المال في القرن الحادي والعشرين" كتبها سمير سعيفان من سورية.
أمّا في قسم مراجعات الكتب، فقد اشتمل العدد على مراجعة كتاب "الانتحار بحرق الذات لدى الشباب التونسي العاطل عن العمل"، من إعداد المهدي لحمامد، إضافة إلى مراجعة لكتاب "عن الدولة: دروس في الكوليج دو فرانس (1989-1992)"، من إعداد نصير مروة.
وتضمّن قسم تقارير المؤتمرات العلمية، قراءة أولية في التقرير الأول للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية بعنوان " العلوم الاجتماعية في العالم العربي: أشكال الحضور" الذي صدر عام 2015، من إعداد محمد سعدي.
تستمرّ المواجهات عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة بين "حزب الله" وقوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي بدأت بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي ضدّ أهداف في العمق الإسرائيلي، والتي قابلها الاحتلال بعدوان على غزة، وسط مخاوف من توسّع رقعة المواجهات عند حدود لبنان.
كان الأمر أشبه بجولةٍ لا نهائيةٍ بكثير من الشجن، تتّشح، أربعة أشهر، مختلف مرافق مدينة الشارقة بالعروض الفنية. وكانت الثيمة الفنية الغالبة على بينالي الشارقة في دورته الـ15 (افتتح في 7 فبراير/ شباط الماضي ويستمر إلى 11 يونيو/ حزيران المقبل)، الجراح الما بعد كولونيالية وما ألحقه الاستعمار الغربي لبلدان العالم الثالث من تهميش وقمع وجراحٍ لا يمكن أن تندمل أو تبرأ، فما زالت الدول الخارجة من الاستعمار تعيش مضاعفات ويلات الاستعمار. حمل أحد العروض مثلا عنوان "رسالة إلى كيسنجر"، ويعرض عشرات العاهات التي سبّبها قرار وزير الخارجية الأميركي الأسبق رعاية الفصل العنصري في أفريقيا. وقد تمنّى كاتب الرسالة الذي كان يقرأها، بينما الصور الرهيبة تتوالى على الشاشة، تمنى أن يكون كيسنجر بكامل صحته، حتى يتمكّن من مشاهدة رسالته العميقة وفهمها. جاء البينالي تحت شعار "التاريخ حاضرا"، وحظي باهتمام رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، الفنانة حور القاسمي، التي ركّزت في كلمتها في مؤتمر صحافي على أن بينالي هذا العام جاء تجسيداً لرؤية الباحث والناقد النيجيري الراحل أوكوي إينوزور (1963 – 2019)، وما أحدثته أفكاره وتصوّراته من أثرٍ هائل على الفن المعاصر، والتي أفضت إلى صياغة مشروع فكري طموح، رسَمَ معالم تطور مؤسسات وبيناليهات كثيرة في العالم. ويلاحظ متتبع عروض البينالي بسهولةٍ أثر هذا الناقد وتوصياته على معظم اللوحات والفقرات الفنية والأدائية الثرية والمتنوّعة والكثيرة التي غطت أجزاء واسعة من الشارقة ومرافقها الثقافية والفنية. عمل إينوزور قيّماً وناقداً ومؤرّخاً فنياً، وعُرِف بأبحاثه في الحداثة وتجلياتها في العالم، ونظريات الفن المعاصر، والتصوير الفوتوغرافي، والشتات، والهجرة، والتحرّر من الاستعمار ومآلات ما بعد الكولونيالية، وتاريخ تطوير المتاحف والمعارض والممارسة التقييمية. وتمحورت مشاريعه التقييمية حول المعارض الدولية المتصلة بالراهن، أو تلك المتأسّسة على دوافع تاريخية، ما جعلها عروضاً متحفية وموسوعية. كما عرف نهجه بإيلاء فن الهامش وآسيا وأفريقيا أولوية في مقابل ما كان حاصلا من مركزية أوروبية للفنون في العالم، فأحدث نهجه ثورة في عالم الفنون. لذلك من يتجول ويرى اللوحات الفنية التي عُرضت في أثناء بينالي الشارقة يلاحظ أن معظمها يدور حول الفقر والاضطهاد الذي تتعرّض له الشعوب المستضعفة، خصوصا اللوحات من القارّة الأفريقية، فهي الأقرب إلى الأرض والبساطة وحياة الفلاح. كما أن لوحات وعروضا عديدة تضمنت عودة للتراث الفني في أشكال جديدة، مثل التي تحاكي أعمال الفنان غوغان الذي عُرف باهتمامه بعوالم العالم الثالث وأحواله، حيث قضى ردحا من حياته في أفريقيا. تم التعبير عن موضوع ما بعد الاستعمار، بأبعاده وتجلياته، من خلال ما يزيد على ثلاثمائة عمل لما يزيد عن 150 فناناً محلياً ومن جميع أنحاء العالم. ومن عروض تستوقف الزائر لوحات الفلسطينية العالمية منى حاطوم، فقد تميّزت بالإيحاء، فعليك أن تبحث عن الجرح الفلسطيني العميق في لوحاتها من دون أن تقدّمه لك بسهولة، مثل تلك المجسّمات التي احتلت قاعة ضخمة والمتعلقة بمجموعة من الأسرّة المتقاربة والمكتظة في سجن إسرائيلي، ما يعبر بصمت عن عذابات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وتصادف هذه النسخة من بينالي الشارقة مرور 30 عاماً على نسخته الأولى، ما شكّل فرصة لتأمل إرثه الثقافي المتراكم، حيث أقيمت جولاتٌ موسّعةٌ للحضور في الأسواق القديمة والآثار والمتاحف التاريخية التي تتمتّع بها المدينة الثقافية. تجولت العروض التي ستظل مفتوحة للجمهور أربعة أشهر في مناطق متعدّدة من إمارة الشارقة، مثل الذيذ وكلباء وخور فكان، وفي مواقع ثقافية وأثرية وصالات سينما ومسارح تتميز المدينة الثقافية الشارقة بكثرتها وتنوّعها. على سبيل المثال أكاديمية الشارقة للأداء التي تعد بمثابة صرح أكاديمي مهم مجهّز لتدريس الأداء الحركي والمسرحي والفنون على مستوى عالمي. حضر فعاليات البينالي مجموعة مهمة من فناني العالم، وكذلك المسرحي والروائي النيجيري الحائز جائزة نوبل للآداب وول سوينكا. وفازت بجائزة هذه الدورة ثلاثة أعمال، وهي "الدائرة" للفرنسية من أصول مغربية بشرى خليلي، و"مجتث" للكولومبية دوريس سالسيدو، و"ترنيمة" للإيرانية هجرة وحيد.