وتفيد هذه المعلومات بعمل النظام على نقل المقاتلين من مطار حماة العسكري، ونقل أمكنة إقامة ضباط روس وإيرانيين ذوي رتب عالية إلى أبنية سكنية مواجهة لمحطة القطار، (تقع بين المطار والمدينة)، وكذلك استخدام نفق سري بين المطار ومحطة القطار، يستخدمه القادة الأمنيون في تنقلهم بين المطار والمحطة، عند شعورهم بأدنى خطر.
وفي التفاصيل، تقول المصادر التي اشترطت عدم ذكر اسمها، أن النظام يقوم بنقل مقاتلين روس وإيرانيين وأفغان من مطار حماة العسكري إلى محطة القطار الموجودة في حي البعث داخل مدينة حماة، حيث تم توزيع القيادات الأمنية بين مطار حماة العسكري ومحطة القطار، ولا سيما ليلاً، لتأمين مبيت ليلي، وإقامة أكثر أمناً لتلك العناصر".
كما أكدت المصادر أنه تم نقل أمكنة لإقامة ضباط روس وإيرانيين ذوي رتب عالية إلى أبنية سكنيه مواجهة لمحطة القطار (تقع بين مطار حماة العسكري وبين أحياء سكنية (حي جنوب الثكنة وحي البعث)، وذلك لضمان عدم إمكانية استهدافهم، وحمايتهم داخل أبنية وبين منازل المدنيين.
250 عنصراً روسياً في مدينة حماة
وقدّرت المصادر عدد العناصر الروسية في مدينة حماة بـ 250 عنصراً، تم نقلهم من مطار حميميم العسكري إلى مطار حماة منذ بداية المعارك حديثاً في ريف حماة، ومن ثم تم نقل إقامتهم إلى محطة القطار منذ أيام، كما بينت أن هنالك ما يقارب 500 عنصر روسي في مدينة مصياف بريف حماة الغربي، بالإضافة لمقاتلات روسيات، فيما هنالك أعداد كبيرة من مليشيات الحرس الثوري الإيراني.
نفق سري
وأكّدت المصادر وجود نفق سرّي محصّن يصل مطار حماة العسكري بمحطة القطار، يستخدمه القادة الأمنيون في تنقلهم، عند شعورهم بأدنى خطر أو أثناء عملية الاستهداف، كما تم سحب جميع المخططات الهندسية لمطار حماة العسكري ولمدينة حماة وأحيائها من مجلس المدينة، ومن جميع المؤسسات الحكومية واعتقال من يقوم بالسؤال عنها.
وقال مدير المكتب الإعلامي لـ"جيش النصر"، محمد رشيد، لـ "العربي الجديد "، إنه "بحسب متابعتنا لاتصالات مطار حماة العسكري عبر مراصدنا، وبعد عودة عمل المطار بشكل جزئي، تمت إعادة المليشيات الإيرانية التي تشرف على عمل المطار، وكان الإخلاء للعناصر الروسية والإيرانية مؤقتاً، بعد تنفيذ جيش النصر الضربة، وحصلت حالة تخبط من هول الانفجارات، وبعد سقوط الصواريخ على أماكن حيوية داخل المطار، مما تسبب بانفجارات وتصاعد مكثف للدخان".
وقال هادي الياسين - ناشط ميداني في مدينة حماة - إنه شاهد خلال الساعات الماضية تجوّل عناصر روس وبشكل كبير في أحياء حي البعث وجنوب الثكنة المواجه لمحطة القطار، وبعتادهم وأسلحتهم ولباسهم العسكري، يتجولون في المحال التجارية هناك.
وأضاف الياسين لـ " العربي الجديد" أن أهالي مدينة حماة باتوا يلاحظون انتشاراً كبيراً للمقاتلين الروس والإيرانيين والأفغان بشكل كبير في شوارع مدينة حماة وأسواقها، بشكل غير اعتيادي وبأعداد كبيرة، حتى في أسواق المدينة وشوارعها، ويعملون على قيادة سيارات بين الأهالي والسكان بشكل طبيعي جداً، وكأنهم من أهالي المدينة.
وتحدث عن عمليات دهم للأبنية السكنية المطلة على المطار، واعتقال عدد من الشباب والرجال.
وعزا أبو محمد، أحد قادة المعارضة العسكريين بريف حماة، نقل المقاتلين الروس والإيرانيين، إلى خوف النظام من قيام مقاتلي المعارضة باستهدافات جديدة، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "جيش النصر استطاع يوم أمس استهداف مراكز وأماكن داخل المطار العسكري بشكل دقيق وبأهداف محددة، ولم تكن تلك الاستهدافات عشوائية كسابقاتها، ومن خوف النظام الكبير من ضربة أميركية متوقعة لمطار الموت (مطار حماة العسكري)، لضمان شل حركة النظام في المنطقة الوسطى والمنطقة الشمالية لسورية.
وأكّد أن عملية الاستهداف التي تمت يوم أمس، أسفرت عن مقتل 15 عنصراً من قوات النظام وجرح عناصر آخرين، أثناء استهداف أحد الحواجز الموجودة داخل المطار، وقد أكّد ذلك "مركز حماة الإعلامي".
مليشيات إيرانية جديدة بريف حماة
كما حصلت "العربي الجديد" على معلومات تتحدث عن مليشيات إيرانية جديدة في قرية الشيحة في ريف حماة الشمالي الغربي، تحت مسمى "فجر آل هاشم"، والتي تتألف من ألفي عنصر من جنسيات إيـرانيـة وشيشانية وأفغانيّة، ومجموعات من مليشيا "فاطميون" بقيادة المدعـو (علي حـجي أغري)، وهو إيراني الجنسية يتكلم اللغة العربية بطلاقة، وهو المسؤول العسكري المباشر عن جميع جبهات المنطقة، بدءاً من معسكر قمحانة وباتجاه الغرب.
وتتمركز هذه الميلشيات، والتي تتواجد للمرة الأولى بريف حماة، في الأحياء الغربية ضمن ثلاث مدارس، كما أن حاجي الأصغري، قائد تلك المليشيات يسكن في منزل خاص في الأحياء الغربية كذلك، كما أن الدعم المالي لهذه المليشيا كبير جداً، ومن أهم المعلومات الواردة عنهم أنهم يرفضون القتال مع جيش النظام ومليشيات الدفاع الوطني، لكونهم بنظر تلك المليشيات خونة، ولا يقاتلون من أجل عقيدة دينية محددة.
وقد تم استخدامها حديثاً في المعارك الدائرة قرب حلفايا بريف حماة، حيث أنها قامت على إدارة معارك صوران وتل بزام، والتي انتهت بسيطرة النظام على تلك المنطقتين، عقب تغطية نارية كثيفة من قبل النظام، أدت إلى انسحاب مقاتلي المعارضة منها على الفور.
بالإضافة لمليشيات فجر آل هاشم، تم استقدام حركة النجباء العراقية، والتي تعرف بأنها تحتوي على مقاتلين موالين لطهران، وتم نقل أحد مراكزهم إلى ريف حماة الغربي، حيث تعرف مقراتهم بأنها متواجدة في دمشق في منطقة السيدة زينب، يبلغ عدد أفراد حركة النجباء العراقية في حماة ما يقارب مائتي مقاتل، أيضاً يعملون على القتال تحت الإدارة الإيرانية التي مقرها مركز البحوث العلمية الواقع قرب مدينة مصياف، بريف حماة الغربي.
"كتّاب طليعيون" عبارة بدأت تأخذ صدى كبيراً في الفترة الأخيرة داخل الوسط الثقافي المصري، خصوصاً بين الروائيين الشباب. وبخلاف ما يظنّه بعض النقاد والكتّاب، العبارة ليست مجرد مجرد كلمة لوصف ظاهرة، بل هي تجسيد لتجارب مهمة في الكتابة الروائية، تحاول تقديم أدب مختلف ومتجدد عما سبقه، من حيث اللغة وأسلوب الكتابة والتعاطي مع الأفكار والقضايا الاجتماعية والفكرية.
حول هذه المسألة، حاورنا كتّاباً تندرج كتاباتهم ضمن "الطليعية" بدرجة أو بأخرى، في محاولة لتحديد ماهية هذه الكتابة واستخلاص خصوصياتها في سياق الراهن السياسي المصري واستقطاباته والذي أحوج ما يكون إلى قيم الطليعية.
الشاعر عبد المنعم رمضان يقول لـ "العربي الجديد" إن الأدب الطليعي هو لقب دائم يطلق في كل الأزمنة. هناك كتاب طليعيون كانوا في أوائل القرن الماضي، وفي كل فترة هناك شباب غالباً ما تطلق عليهم هذه الصفة، ليس لأنهم شباب، بل لأنهم يؤسّسون لتقاليد كتابية جديدة، أو يحاولون هدم التقاليد السائدة. ويرى رمضان أن يوسف إدريس ويوسف الشاروني كانا في زمنهما كاتبَين طليعيين، مثل إدوارد الخراط في زمنه، وكذلك إبراهيم أصلان، ومحمد البساطي ورفاقه.
ولا ينسى رمضان الكتّاب السورياليين في مصر الذين كانوا بدورهم طليعيين، ملاحظاً أن الطليعة في فترة من الفترات كانت شديدة الارتباط باليسار، أدباً ومعتقدات، ومضيفاً أنه لم يصادف طليعيين يمينيين إلا نادراً. أما اليوم فالطليعيون ليسوا يساريين ولا يمينيين، بل هم أقرب إلى الديمقراطية الليبرالية، وهذا أمرٌ يحتاج إلى تأمل كبير.
وحسب رمضان، نستطيع أن نزعم أن الطليعية ترتبط بالنوع الأدبي أو الفني. ففي الوقت الذي يكون فيه الشعر هو من يسحب القاطرة ، تكون قاطرة الأدب في مكان ما، وتصبح الطليعية للشعراء أكثر. الآن يبدو للبعض أن الرواية هي التي تسحب القاطرة لأن أغلب الكتاب الطليعين هم روائيون. هناك نوع أدبي أو فني يفرض نفسه في زمنٍ ما، يصبح هو السيد. أحياناً يكون الفن التشكيلي، كما حدث في منتصف القرن الماضي، وأحياناً يكون الشعر، لكنه الآن الرواية.
من جهته، يعتقد الروائي والمترجم أحمد عبد اللطيف أن الأدب الطليعي هو الذي يخرج عن سياق المعروف والمتناول، سواء على مستوى الشكل أو المضمون. بهذه الطريقة يمكن أن نتحدث عن أدب طليعي مصري رصف طريقاً جديداً في السرد العربي واهتم بتقنيات الرواية وخرج بها من مجرد الحكاية.
أما عن التأثر بالرواية الغربية فيرى عبد اللطيف أن هذا التأثر ليس معناه تقليدها بقدر ما هو إضافة لها، فالأدب يتلاقح كما يقول تاريخ الأدب، ومع كل تلاقح ينتج أدب جديد أو كتابة جديدة، وتصبح الحدود الفاصلة في التأثيرات شبه متلاشية وذائبة في بعضها. الرواية التجريبية المصرية الجديدة استطاعت أن تنقل اللغة من جمودها، وأن تطرح أزمة اللغة العامية بالتخلي عن كلمة أزمة. ويمكن أن تقارن الآن بين اللغة المحفوظية (نسبة إلى نجيب محفوظ) أو لغة جيل الستينات، واللغة في الكتابة الشابة.
هذا الانتقال من أرض إلى أخرى ومن عالم إلى آخر، ومن تقنية إلى أخرى، لا يمكن أن يسمى سوى أدب طليعي يستجيب لمطالب العصر وانفتاحه، كما يستجيب لأزمات الإنسان الجديدة، التي يتم تناولها بطرق مختلفة.
ويتفق الروائي طارق إمام مع وجهة نظر عبد المنعم رمضان بأن هناك تيار طليعي لا يقتصر على الجيل الحالي، إنما هو تيار سردي من الستينات حسب ظنه، وله في كل جيل نماذج، تحاول الاشتغال عليه، يقابله تيار تقليدي موجود أيضاً في كل الأجيال. ويذكر إمام من الكتاب الطليعين في الستينيات محمد حافظ رجب، ومحمد إبراهيم مبروك.
وفي تحليله للكتابة الطليعية في مصر، يقول إنها تتحقق على عدة مستويات، أوّلها اللغة الروائية، وتجديد شكل اللغة الروائية، وعدم الركون للغة الحكي التقليدية التي نستطيع أن نجدها في أعمال روائية كثيرة. المستوى الثاني هو الاشتغال على البنية الروائية بحد ذاتها وعملية تجديدها.
ويضيف إمام إنه في النهاية نستطيع القول إن تجربة الكتابة الطليعية هي ليست تجربة شكلية أو شكلانية، بل رؤيوية، أي كيفية الخروج برؤية للرواية وعالمها تكون غير تقليدية.
ويؤكد إمام أن هناك كتّاب الآن يركّزون في كتاباتهم على العنصر العجائبي والغرائبي، وفتح المخيلة، واللعب بعيداً عن النص الواقعي، لأن النهر المتدفق للرواية العربية حتى اليوم يسير على خط الواقعية بكل تنويعاتها. والخروج من عباءة الرواية الواقعية نحو رواية فانتازية أمرٌ مهم حققه أكثر من كاتب مصري شاب مثل أحمد عبد اللطيف.
أما الروائية منصورة عز الدين فترى أن ثمة كتابة تجريبية مزدهرة في مصر مقارنة بالدول العربية الأخرى. ولا يقتصر الأمر على وجود كتَّاب لديهم الجرأة على التجريب والنزوع إلى المغامرة في الكتابة، بل ثمة قارئ متذوق للكتابة الطليعية ومتحمس لها.
ولا تعتقد عز الدين بأن وصف كتابة ما بالتجريبية أو الطليعية هو حكم قيمة إيجابي بالضرورة، فثمة كتابة قد تختبئ خلف ظاهر الجدة والتجريب، في حين لا تتّسم في باطنها بهذه الجدة المدعاة. وفي المقابل هناك كتابة تتمسك من ناحية الشكل بالبنية الكلاسيكية للرواية لكنها بالغة الجدة من ناحية الأفكار أو العالم الذي تقدّمه.