"التريكوارتيستا"..بابا نويل الكرة الإيطالية ومشروع مانشيني الجديد مع إنتر

"التريكوارتيستا"..بابا نويل الكرة الإيطالية ومشروع مانشيني الجديد مع إنتر

17 نوفمبر 2014
صانع الألعاب هاجس مانشيني الأول(العربي الجديد)
+ الخط -

"إنه اللاعب الذي يملك جينات مهارية تفوق أقرانه، ويتفوق على منافسيه بذكائه الفطري، وقدراته التقنية التي تجعله مؤهلاً لصناعة الفارق في اللحظات المصيرية، لذلك تجده الحاسم الأكبر خلال المباريات الكبيرة، والنجم صاحب أكبر رصيد في صناعة الأهداف مع فريقه ومنتخب بلاده، وعلى الرغم من ارتدائه القميص نفسه مع رقم على الظهر، إلا أنه بالنسبة للجماهير والأنصار بمثابة الرهان الفائز بين جنبات الركن المنسي من المدرجات"، هذا هو التعريف الأساسي لصانع اللعب على الطريقة الإيطالية من وجهة نظر مدرب إنتر الجديد، روبرتو مانشيني.

وفي إيطاليا، صانع اللعب الذي يسجل الأهداف ويمررها للاعبيه يُطلق عليه "التريكوارتيستا"، وهو التكتيك الأكثر نجاعة في ملاعب الكالشيو، والمركز الذي لعبه خلاله أعتى، وأعظم النجوم على مر تاريخ البطولة العريقة، التي عرفت عبر سنوات طويلة بأنها أيقونة المستديرة داخل وخارج القارة العجوز. ومع قدوم نجم سامبدوريا القديم إلى ملعب جوزيبي مياتزا لتولي مقاليد الإنتر، فإن الحديث عن أعظم صناع اللعب، من وجهة نظر مانشيني، سيكون مهماً لفهم تطلعاته خلال المرحلة المقبلة.

خوان سباستيان فيرون
لاتسيو 2000 من أعظم الفرق التي مرت على السيريا وأوروبا، مع المدرب السويدي، إريكسون، الذي فاز معهم بالدوري الإيطالي والكأس مرتين وكأس الكؤوس الأوروبية خلال 4 سنوات لا تُنسى، مع طريقة لعب 4-4-2 "الجوهرة" التي تصبح 4-3-1-2 بسبب تحركات الأرجنتيني الفنان، خوان سباستيان فيرون، الذي لعب كصانع لعب خلف الثنائي كلاوديو لوبيز وسيموني إنزاجي، وأمام وسط فولاذي مكون من الشولو سيميوني وستانكوفيتش، والجناح الحر بافيل نيدفيد.


وبالتالي "التريكوارتيستا" لا تحتاج إلى طريقة لعب معينة أو أسلوب تكتيكي خاص، بل تعتمد بشكل أكبر على خصائص اللاعب، وهل يستطيع القيام بهذا الدور أم لا؟ لذلك كان فيرون واحداً من الأسماء المفضلة، دائماً، عند مختلف المدربين، لأنه قادر على أداء الدور الهجومي ببراعة، مع قدراته الدفاعية الواضحة، حيث أنه قام بقطع كرات مع لاتسيو بنسبة تصل إلى 7.9% من إجمالي الكرات المقطوعة للفريق بأكمله.

روي كوستا
في بطولة دوري أبطال أوروبا 2003، وصل الروسونيري إلى قمة المجد مع المدرب، كارلو أنشيلوتي، وطريقة اللعب الشهيرة 4-3-1-2 بوجود وسط فولاذي يبدأ مع قاطع الكرات، جينارو جاتوزو، رجل الغابة الذي لا يرحم أحداً، والريجستا الممرر، صانع الهجمة من الخلف أندريا بيرلو، مع اللاعب الثالث، سيدورف، الذي ينجح في إضافة لمسته الخاصة كلاعب حر يتحرك على الأطراف وفي العمق، ويصنع الثقل التكتيكي الحقيقي للفريق الإيطالي.


أما دور الحسم وهمزة الوصل بين الوسط والهجوم، كان عن طريق البرتغالي الخبير روي كوستا، اللاعب المميز في الجمع بين مهمات الوسط الهجومي، وصانع اللعب الصريح أمام منطقة الجزاء، وهذا عنصر رئيسي يخص تعريف مركز التريكوارتيستا في الكرة الإيطالية، وأجاد النجم البرتغالي اتقانه بشدة، خصوصاً على مستوى الربط بين ثلاثي الوسط ونجمي المقدمة، فيليبو إنزاجي وأندريه شيفيتشينكو، لذلك كان أفضل وصف ممكن للرقم 10، لاعب التسعينيات الذي قاد ميلان الألفية إلى بطولة أوروبية جديدة.

روبرتو باجيو
أعاد روبرتو باجيو اكتشاف نفسه من جديد مع فريق بريشيا، رفقة الثعلب الإيطالي العجوز، كارلو ماتزوني، خلال بدايات الألفية الجديدة، بعد استعادة دور "التريكوارتيستا" ونجاح المدرب في صناعة نظام تكتيكي يسمح للرقم 10 بأداء الدور الهجومي والاكتفاء بصناعة الأهداف وتسجيلها، مع وجود ارتكاز يقطع الكرات وآخر يساهم في إيصال الكرة إلى روبرتو، ولنا في ثنائية بيرلو-باجيو خير دليل إبان فترات بريشيا الساحرة.


باجيو هو فنان يعرف متى وأين يهرب من الرقابة، وفي ثوانٍ معدودة يتخذ قراره الذي يعتمد على الكرة، وتمركز زملائه، وطريقة وقوف دفاع المنافس، ومع رؤية كروية بمعدل 360 درجة، يبدأ "بابا نويل" الكرة الإيطالية في توزيع الهدايا على الرفاق، ليلعب 4 سنوات مع بريشيا، ويسجل 45 هدفاً، ويصنع أهدافاً بنسبة 33.7% من كل عدد الأسيست للنادي خلال فترة وجود الأسطورة الأولى للكرة في بلاد الأزوري.

إنتر والتحدي الجديد
وعاد النجم الكبير والمدرب الفائز بأكثر من بطولة في مختلف دوريات أوروبا، روبرتو مانشيني يتولى المهمة مرة أخرى رغم كل المعوقات الأخيرة التي واجهت الفريق العريق خلال السنوات الأخيرة. وبعد الفشل غير المفاجئ لخلفه والتر ماتزاري وطريقة لعبه 3-5-2 التي أوجدت قصوراً واضحاً على مستوى المساحات خلف الأظهر، وصعوبة التحكم في الفراغات سواء عند الاستحواذ أو فقدان الكرة، حتى رحيله بعد نتائج سيئة أودت بالإنتر إلى المركز التاسع في لائحة الترتيب.


ويُعطي مانشيني اهتماماً خاصاً بمركز صناعة اللعب، وأجرى المدرب دراسات سابقة عدة عن أهمية وقيمة التريكوارتيستا، لذلك استخدم الهولندي، شنايدر، في هذا المركز خلال فترته مع جالطة سراي التركي، والمفارقة الغريبة أن اللاعب نفسه قام بدور مشابه مع جوزيه مورينيو في فترته الذهبية مع النادي الإيطالي، حينما لعب كمركز اتصال بين منطقة الوسط والهجوم أثناء التحولات من الدفاع إلى الهجوم.

لذلك، فالأقرب تغيير طريقة اللعب من 3-5-2 إلى 4-4-2 أو 4-3-1-2 بوجود ثنائي هجومي في الأمام، ولكن خلفهم صانع لعب صريح، يربط خطوط الفريق وتُبنى على عاتقه طريقة اللعب الجديدة، ومع إعارة ريكي ألفاريز فإن القيام بهذا الدور لن يخرج بعيداً عن الكرواتي، ماتيو كوفاسيتش، الذي انشغل كثيراً بالأدوار الدفاعية سابقاً، وأندرسون هيرنانيز، ووقتها من الممكن تحول الطريقة إلى 4-3-3 صريحة لأن البرازيلي لاعب وسط ثالث أكثر منه صانع لعب خالص.

ولا عجب من أول تصريحات روبرتو في ولايته الثانية مع إنتر، حينما قال في كلمات واضحة خاصة بالصبر والانتظار: "لا أملك خاتماً سحريّاً، وإنما أعتقد بالعمل وبالحماس شرط أن يكون لدى الفريق إرادة العمل الجماعي"، ومن المتوقع أن يطلب تعاقد جديد يرضي غروره على مستوى النجاعة الهجومية، والقادم حتماً سيكون محوريّاً بالنسبة للنيراتزوري وأنصاره.

دلالات

المساهمون