"الهيبة" في فخّ التسويق

"الهيبة" في فخّ التسويق

14 يونيو 2019
المنتج صادق الصباح متمسّك بمسلسل "الهيبة" (ميديوم)
+ الخط -
من المعروف أنّ قيمة النص أو الرواية في المسلسلات تُحدَّد فعلياً بنوع الإشكاليات المطروحة في الرؤية الفنيَّة وتماسك السيناريو. وهذا يمثل وجهة نظر أو هدف كلّ عمل درامي. في حين يخضع البعض لشروط تفقد قيمة هذا العمل مع الوقت. الإشكالية عادةً لا تُطرَح من خلال الكاتب، ولو أنَّ المسؤولية النقديّة الأولى تقع على عاتق الكاتب نفسه، إذْ من واجب الكاتب مراعاة الأبعاد الخاصة بالطرح والحبكة التي تحوم حول الشخصيّة والمواقف والأبطال والأحداث عموماً.

لم يكن مسلسل "الهيبة" إلا صورة مصغرة عن واقعٍ محدود يعيشه اللبنانيون. قبل أيّام، صرّح المنتج صادق الصبّاح أنّ فكرة المسلسل والأحياء الخارجة عن سلطة القانون تحوّلت إلى واقعٍ في لبنان. يذكر الصبّاح بحادثةٍ جَرَت بين الجيش اللبناني وبعض الخارجين عن القانون، مساء الاثنين الماضي، في مدينة بعلبك. وبشّر الصباح بأنّ هذا ما دفعه إلى تقديم فكرة "الهيبة" من البداية، في الجزء الأول، وبأنّ نجاح المسلسل يُؤكّد صوابية رؤيته.

يحاول الصبّاح التمسك بخيطٍ يربط بين نجومية الممثل السوري تيم حسن، وبين أجزاء جديدة، في إطار المتابعة بالنجاح. أو بالأدق ما يخاله "نجاحًا" في الجزأين الثاني والثالث. لكن، في الجزء المعروض في شهر رمضان الماضي كان واضحًا الضعف الذي ظهر في سياق المتابعة، وتفلّت المضمون من يد الكاتب والمخرج على حد سواء. لكن الإصرار على متابعة المسلسل وإنتاج أجزاء جديدة هو هوس فريق العمل، ولا سيما الممثلون منهم، بالنجاح وحصد نسبة المشاهدة والشهرة.
الإشكالية تتعلق هنا بالرؤية المطروحة والشكل القصصي للمسلسل فضلاً عن الإخراج، إذْ يأخذ النص في الجزء الثالث امتداداً لحكاية قديمة إلى حاضر الشخصيات المشاركة. مشاكل القرية المنسية تتكرر منذ أربع سنوات على حساب الشركة المنتجة والمتابعين. ثمة زمنان في المسلسل، زمن تاريخي داخلي طويل، هو زمن حياة الشخصيات، مثل "والدة جبل"، وزمن خارجي لكل من يريد النيل من أهل القرية، أو من الدولة اللبنانية لمجرَّد أنّه مطلوبٌ للقضاء مثلاً. لكن الحبكة تفقد قيمتها عندما يحتار الكاتب في ربط المواقف في سياق يكون أحياناً غير متماسك. وتفلت الأحداث بالتالي من يد المخرج.

كان، مثلاً، واضحاً في المشهد الأخير من الجزء الثالث لـ"الهيبة" الضياع في تصوير النهاية. النهاية مسؤولية مشوقة تأتي على نحو حلم، بحسب ما سرب من أخبار، تقول إن مشاهد القتل ما هي إلا حلمٌ لزوجة جبل "نور رحمة"، ستصحو منه في الجزء الرابع، وتستكمل الحكاية.
يعتبر صادق الصباح أن الجزء الرابع سيشكل ضماناً لنجاح، لن يقف عند أي حدود برأي الرجل صاحب الخبرة التسويقية في دنيا الإنتاج. ويرى الصباح أن ورقة تيم حسن "جبل" لا تزال رابحة، وتشكل بالنسبة له أماناً تنافسيًا يضمن بيع الجزء الرابع وحتى الخامس. ويشبّه الصباح نهاية الجزء الثالث من المسلسل بنهاية فيلم "العراب" الشهير، والذي يقتل بطله وهو في صالون للحلاقة. لكنه يغيّب أن مضمون العراب والمستوى الإخراجي للفيلم تخطيا مفهوم النهاية الاستفهامية أو تلك التي تقودنا للسؤال، وماذا بعد؟ أو ما الذي سينتظرنا لاحقاً؟ في "الهيبة" اختلفت الأساليب، وكانت النهاية لتخرج بصورة أفضل لو وجدت مجموعة ورشة عمل، مهمتها حصر الرواية والأحداث المستجدة ضمن قالب واحد، لا ينتقص أو يخرج عن السياق أو يتراخى ضعيفًا في بعض الحلقات.

المساهمون