إلغاء مجالس المحافظات في العراق يكيل بمكيالين

إلغاء مجالس المحافظات في العراق يكيل بمكيالين

03 فبراير 2020
حُلّت مجالس المحافظات استجابة لمطالب المتظاهرين (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
كشف مسؤول عراقي رفيع في بغداد، اليوم الإثنين، أنّ عدداً من مجالس المحافظات التي صوّت البرلمان على حلّها استجابة لمطالب المتظاهرين، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا يزال أعضاؤها يمارسون صلاحيات ويتمتعون بامتيازات مختلفة.

وأوضح المسؤول، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ممارسة هذه الصلاحيات تأتي رغم أن قرار البرلمان يقضي بإلغائها وتحويل ما بذمة المجالس إلى ديوان المحافظة وتكليف نواب البرلمان عن تلك المحافظات بمهام رقابية في ما يتعلق بأعمال المحافظ ونائبيه".

وجاء قرار إلغاء مجالس المحافظات غير المنضوية في إقليم والبالغ عددها 15 محافظة، بنحو 120 قضاء إدارياً وأكثر من 400 ناحية، وحل مجالسها أيضاً، كأحد شروط المتظاهرين، إذ تستهلك تلك المجالس سنوياً ما لا يقل عن 200 مليار دينار عراقي (أي نحو 180 مليون دولار أميركي) كمرتبات شهرية ونفقات حمايات، وإقامة، ونفقات أخرى، بينها ما يعرف بمخصصات الخطورة والضيافة.

وعليه، اعتبر المتظاهرون أن تلك المجالس تمثل أحد أبواب الفساد والهدر المالي وحلقة زائدة في الهيكل الإداري لتلك المحافظات منذ عام 2005، كما تُنفق الدولة كل أربع سنوات ما لا يقل عن مليار دولار لإجراء انتخابات لتلك المجالس، ويرى مراقبون وناشطون عراقيون أن تلك المبالغ كافية لحل أزمة المدارس أو نقص المستشفيات خلال المدة ذاتها.

وأكد المسؤول العراقي عينه أن مجالس محافظات عدّة ما زالت ترفض تطبيق قرار حلها، على الرغم من أن مرتبات العاملين فيها لم تدفع عن الشهر الماضي. ولفت إلى أنّ "أعضاء ورؤساء مجالس في محافظات عدّة، أبرزها الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكربلاء والبصرة وصولاً إلى مستوى مجالس أقضية، ما زالوا يمارسون صلاحيات ويتنقلون بصفتهم القديمة".

وأشار أيضاً إلى أن "الكثيرين منهم لم يسلموا سيارات الدولة، ولم يمنحوا انفكاكا لأفراد حماياتهم لإعادتهم إلى مديرية الشرطة بالمحافظات تلك"، مبيناً أن "آخرين يمارسون دوراً سلبياً بتدخلهم في شؤون المحافظات ودوائرها الخدمية". وأكّد أنّ "بعض المجالس تتذرع بأنها قدمت طعنا للمحكمة الاتحادية بشأن استمرار عملها ورفض قانون البرلمان، وبذلك تصر على أنها تواصل عملها لحين البت بذلك الطعن"، كاشفاً أنه "رغم رفض المحكمة الاتحادية الطعن بقرار البرلمان، إلا أن عدداً من مجالس تلك المحافظات ما زال أعضاؤها يمارسون صلاحياتهم. وهناك كتب رسمية ترد فيها أختام تلك المجالس".

وكشفت وثيقة صادرة عن مسؤول شؤون المحافظات في البرلمان، طورهان المفتي، موجهة إلى دواوين المحافظات تجدد تأكيدها على إنهاء عمل مجالس المحافظات وفقاً لمقررات البرلمان وللتعديل الثاني من قانون انتخابات مجالس المحافظات، في إشارة تؤكّد استمرارية عمل بعض تلك المجالس.

في الشأن، أوضح الخبير القانوني طارق حرب، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "حل مجالس المحافظات من قبل البرلمان هو قانوني، على اعتبار أن مدتهم القانونية المتمثلة بأربع سنوات قد انتهت".

وبين حرب أنّ "مجالس الأقضية والنواحي جاءت بالتعيين وليس بالانتخاب وبالتالي حلّها قانوني، واستمرارهم بالعمل أمر مخالف لقرار مجلس النواب الذي صوت على حل مجالس المحافظات". ورأى في الوقت نفسه أنّ "أعضاء مجالس المحافظات سيحالون وفق قانون التقاعد، الذي يمنح الأعضاء التقاعد كل حسب خدمته السابقة في دوائر الدولة والتعليمات النافذة".


في المقابل، برّر عضو مجلس محافظة الأنبار طه عبد الغني، في حديث لـ"العربي الجديد"، استمرار العمل، قائلاً إنّ "مجلس محافظة الأنبار قانونياً ما زال مستمراً بعمله، إذ إنه حتى الآن لم تصادق المحكمة الاتحادية على القرار أو لم تبت بقرار سواء بتأييد الحل أو عدمه على اعتبار أن كل المجالس المنحلة قدمت طعناً لدى المحاكم المختصة، وهذا ما فعله مجلس الأنبار".

وأضاف أنّ "موضوع حل مجالس المحافظات هو هروب مجلس النواب إلى الإمام ومحاولة رمي الكرة في ساحة مجالس المحافظات للتخلص من نقمة المواطنين، وهذه هي خطوة سلبية وغير مدروسة".

وتابع أن "الحكومات المحلية لا يمكنها العمل دون وجود مجالس محافظات كون وجودها وجوداً دستورياً، وبالتالي على المحكمة الاتحادية النظر بالطعون المقدمة، ونعتقد أن المحكمة الاتحادية ستقول كلمتها الفصل في هذا الموضوع وتُحكّم الدستور، آملين أن يكون يوم التاسع من الشهر المقبل موعداً للنطق بالطعن".

غير أن الرأي القانوني جاء مخالفاً لكلام عبد الغني، إذ أكد نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان محمد الغزي، لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المجالس حلت بكل فروعها وجميع رواتب وامتيازات الأعضاء توقفت منذ إصدار قانون الانتخابات، ووزارة المالية أوقفت المبالغ المالية التي تمنح إلى مجالس المحافظات، إضافة إلى أن لهم الحق بالتقاعد إذا انطبق عليهم قانون الخدمة أو قانون التقاعد الموحد".

وأوضح أنّ "جميع الممتلكات والذمم المالية التي كانت عائدة إلى مجالس المحافظات تم تسليمها إلى المحافظين في كافة المحافظات غير المرتبطة بإقليم"، مبيناً أنه "لا يحق لأي عضو مجلس محافظة أن يزاول عمله أو ينتحل صفة عضو مجلس محافظة كون القانون واضح في حل مجالس المحافظات".