إيران تتوقع فشل واشنطن في تمديد حظر الأسلحة عليها

إيران تتوقع فشل واشنطن في تمديد حظر الأسلحة عليها وتحذّر من تفعيل آلية "فض النزاع"

12 اغسطس 2020
إيران متمسكة بالاتفاق النووي (Getty)
+ الخط -

بموازاة تصاعد الحراك الأميركي في مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر السلاح على إيران وعرض واشنطن مسودة قرار جديدة بهذا الشأن، بعد رفض المسودة الأولى، تتوالى ردود الفعل والتصريحات الإيرانية، إزاء هذه الخطوة الأميركية، وسط توقعات طهران بفشلها، وتصعيد تهديداتها بالرد عليها إن نجحت، مع تأكيدها على أنها "لن تقبل بتغيير الاتفاق النووي".

وحذرت طهران من احتمال لجوء واشنطن إلى تفعيل آلية "فض النزاع" بالاتفاق النووي كخيار بديل في حال فشل خيار تمديد الحظر التسليحي.
وأدلى كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، اليوم الأربعاء، بتصريحات حول المساعي الأميركية في مجلس الأمن لمنع انتهاء الحظر التسليحي على إيران، وتمديده، ليؤكد روحاني أن واشنطن "أخفقت دوماً خلال العامين ونيف الماضيين في مشاريعها ضد الشعب الإيراني"، متوقعاً أن تفشل جهودها في تمرير مسودة قرارها في مجلس الأمن، ومعتبراً أنها "تهدف إلى تدمير الاتفاق النووي والقرار الأممي الـ2231".

وقال روحاني، وفقاً لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية، إن بلاده بعد انتهاء هذا الحظر يمكنها بيع وشراء الأسلحة بموجب القرار 2231 "لكن أميركا تحاول نقض هذا البند في القرار، ونحن على أمل كبير أنها ستفشل وستواجه عزلة مرة أخرى".
وشدّد الرئيس الإيراني على أن "أي قرار يتم إقراره سيكون بمثابة انتهاك الاتفاق النووي"، متوعداً بأن "من يمرر هذا القرار سيتحمل عواقب ذلك".
وبموجب القرار 2231 الصادر في مجلس الأمن، يوم 20 يوليو/تموز عام 2015، بعد نحو أسبوع من التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية الدولية، فإن الحظر على بيع الأسلحة لإيران، المفروض منذ 13 عاماً، سينتهي اعتباراً من الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لذلك كثفت الإدارة الأميركية جهودها في الآونة الأخيرة، يقودها وزير الخارجية مايك بومبيو، لمنع رفع هذا الحظر، داعية الأطراف الأوروبية والصين وروسيا إلى تمديد فترته.
وفي سياق حديثه عن موضوع الحظر التسليحي على بلاده، عرّج روحاني على موقف مجلس التعاون الخليجي، الداعي إلى تمديد هذا الحظر في رسالة إلى الأمم المتحدة، لينتقد بشدة هذا الموقف، معتبراً أن القدرات الإيرانية الدفاعية والعسكرية "لصالح كل المنطقة".
وخاطب روحاني دول مجلس التعاون الخليجي بالقول إن "قوتنا ليست موجهة ضدكم. وعليكم أن تحذروا من أولئك الذين ينهبون مواردكم وفي المقابل يبيعون لكم السلاح لقصف جاركم"، في إشارة غير مباشرة إلى حرب اليمن.
وربط روحاني بقاء هذه الدول بسياسات بلاده، قائلاً إنه "لو أعطينا الضوء الأخضر لصدام حسين (الرئيس العراقي الراحل) لكان احتل كلا من السعودية وقطر والإمارات غداة الهجوم على الكويت. لا شك أنه لولا صمودنا لأجل استقرار المنطقة لما كنتم اليوم. نحن كنا دوما إخوانا وحماة لكم"، بحسب قوله. 
واتّهم روحاني الإدارة الأميركية بأنها من خلال "استفزازات تسعى إلى زيادة الضغط على الشعب الإيراني لبث الفرقة والخلاف في المجتمع وبين السلطات الثلاث"، معتبراً أنها "فشلت وستفشل في مشروعها هذا".
وأشار إلى تصريحات نظيره الأميركي، دونالد ترامب، قبل أيام، قال فيها إنه سيتوصل إلى اتفاق مع إيران فور فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، متسائلا إن "كان صادقاً حقاً ويريد حل القضايا، فلماذا خلال السنوات الماضية قدم كل هذه المشاريع ضد الشعب الإيراني والمنطقة؟ ولماذا هذه الأيام يطرح قراراً ضد جزء من الاتفاق النووي؟"، من الواضح أنه ليس صادقاً ولا يلتزم بالعهد، في إشارة إلى موضوع حظر الأسلحة.
من جهته، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أنه "على يقين بأن القرار الأميركي لتمديد الحظر التسليحي لن يكسب الأصوات"، مستبعداً في الوقت ذاته أن تقدّم واشنطن "مسودة قرار أخرى".
وقال ظريف لوسائل الإعلام، على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية، اليوم الأربعاء، إن "ثمة توقعات في نيويورك بأن القرار الأميركي لن يحصل إلا على صوت أو صوتين"، معتبراً أن ذلك "سيوضح العزلة الأميركية في العالم بشكل كامل". وقال إن "الأميركيين قالوا الأسبوع الماضي إنهم يوم الإثنين في هذا الأسبوع سيوزعون مشروعهم على أن يتم التصويت عليه يوم الثلاثاء، لكن سمعنا مساء أمس أنه تم تأجيل التصويت".

وتعقيباً على مسودة جديدة عرضتها واشنطن على أعضاء مجلس الأمن، قال ظريف "إنهم عرضوا قراراً أقصر من السابق وفي بنود عدّة، لكن الهدف هو نفسه"، مؤكداً أنها "لن تحصل على الأصوات اللازمة".
أما فيما يتوقع مراقبون أن الإدارة الأميركية في حال فشل جهودها في تمديد الحظر التسليحي على إيران، ستلجأ إلى تفعيل آلية "فض النزاع" المنصوص عليها في الاتفاق النووي، رغم انسحابها من الاتفاق، لم يستبعد ظريف أن تتبع واشطن هذا المسار، مؤكداً أنها بسبب انسحابها من الاتفاق النووي "ليست في موقع قانوني يخول لها ذلك"، مشيراً إلى أن "الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) أبلغت أميركا بأنها لا يمكنها قانونياً تفعيل آلية فض النزاع".
ومن شأن تفعيل آلية "فض النزاع" أن يعيد الملف النووي الإيراني برمته إلى مجلس الأمن، وفرض العقوبات الأممية على طهران مجدداً، وإحياء القرارات الأممية الستة ضدها، والتي ألغيت بموجب القرار الـ2231. كما أن ذلك سيمدد حظر الأسلحة تلقائياً.
أما بشأن أنباء عن مقترح أوروبي لتغيير مضمون الاتفاق النووي وعرضه على واشنطن، أكد ظريف أن "هذا المشروع إن عُرض على أميركا فإنه لم يقدم لنا بكل تأكيد"، مشدداً على "أننا لن نقبل بأي خطة تحدث تغييراً في الاتفاق النووي".

 مسودة جديدة
في الأثناء، كشفت وكالة "رويترز" أن الولايات المتحدة قدمت، أمس الثلاثاء، نسخة مبسطة من مشروع قرارها الرامي إلى تمديد حظر الأسلحة على إيران، مشيرة إلى أن المسودة الجديدة تتكون من أربع فقرات فقط وستمدد حظر الأسلحة على إيران "إلى أن يقرر مجلس الأمن غير ذلك"، مؤكدة أنه "ضروري لحفظ السلم والأمن الدوليين".
ونقلت الوكالة عن دبلوماسيين قولهم إن المسودة الأميركية السابقة كانت "مشددة"، والتي تشمل أكثر من عشر صفحات، وتلزم الدول بتفتيش الشحنات القادمة من إيران والمتجهة إليها، كما تضمنت ملحقاً بعقوبات تستهدف أفراداً وكيانات.
وقال دبلوماسيون إنه في حين أن المسودة الأميركية الجديدة قد تمنح الولايات المتحدة المزيد من الأصوات، فمن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستستطيع الحصول على تسعة أصوات، وهو الحد الأدنى اللازم لتمرير مشروع القرار. ويقولون إن من غير المرجح أن تقنع روسيا والصين بالامتناع عن التصويت.

المساهمون