الرئيس الذي ظلمه الجميع

الرئيس الذي ظلمه الجميع

16 سبتمبر 2015
+ الخط -
منذ الانقلاب العسكري في مصر، تكالب كثيرون على الظهور في أدوار البطولة، ولم يكن أسهل من امتهان الدكتور محمد مرسي، والخوض في سيرته وشخصه، وحتى الرافضين للأحداث التالية والمعارضين لانحرافات نظام ما بعد مرسي لم يجدوا سبيلا لنفي تهمة الأخونة عنهم سوى بالخوض أيضا في شخصه.
سواء كنت صحفياً، سياسياً، أو حتى مسؤولاً في أي مؤسسة في الدولة، فالطريق الأقصر لمد جسور علاقات مع السلطة الجديدة هو إهانة الرجل.
لطالما اعتبرتُ أن مرسي متواضع القدرات، ولطالما تعجبت من وجوده على رأس حزب بحجم الحرية والعدالة. وبالطبع، كنت أكثر تعجباً عند ترشيحه للرئاسة بديلاً لخيرت الشاطر حال عدم قبول أوراقه، إلا أن انتخابه رئيساً غيّر الوضع تماما.
انتخاب محمد مرسي رئيسا بانتخابات نزيهة يعني أن الوطنية تقتضي دعمه ومساعدته ليؤدي واجبه، لا انتقاد قدراته ومحاربته، وأحيانا كثيرة تكون مساعدة رئيس منتخب بمعارضته، لكن المعارضة تعني المعارضة السياسية، وليس إسقاط الرجل والعمل على إفشاله، ما اضطرني لدعمه في وجه معارضةٍ لا تعلم عن المعارضة شيئا.
تجاوز الزمن اليوم الحديث عمّا إذا كان مرسي فشل في إدارة الدولة. الرجل قطعا فشل. حتى أقصى مؤيديه تطرفاً لا ينفي فشله، بقدر ما يبرره بمؤامرات مخابراتية من مؤسسات الدولة ورجال النظام السابق، أيا كانت الظروف والأجواء التي فشل خلالها، فالرجل فشل، لكن هل يعني فشله إسقاطه؟
الرجل تم انتخابه لأربعة أعوام رئاسية، وهذا يعني أن يكملها، ومن ثم تتم محاسبته، ويعاقب على فشله بالتصويت العقابي، وعدم انتخابه فترة أخرى، وحتى إن ذهب الرجل إلى الحد الذي يستوجب إسقاطه، قبل انتهاء فترة حكمه، فإسقاطه يكون ديمقراطياً بعزله دستورياً عن طريق البرلمان، فالرجل جاء بطريقة ديمقراطية، وسقوطه بغير ديمقراطية البرلمان يعني سقوط الديمقراطية بأكملها في مصر، لا سقوط شخصه، وللأسف هذا ما حدث.
يطالعنا يوميا كتاب وساسة معارضون للنظام القائم، بسب الدكتور محمد مرسي والتجني عليه، ولا أقصد نعته بالفشل، فلا يعتبر وصف المسؤول بالفشل سباً، لكن أقصد من يسبونه سباً تجريحياً مباشراً، ويتجنون عليه برميه بالخيانة والجاسوسية، وغيرها من التهم التي إن صحت لكانت إهانة للمصريين كلهم، لا لأستاذ الهندسة الذي انتخبوه، فكما يقول جورج أورويل: "الشعب الذي ينتخب الخونة لا يعتبر ضحية، بل شريكاً في الجريمة".
جموع المنافقين التي تتكالب على شحذ ألسنتها، ولدغ سمعة الرجل وأهله، طالما تعاملوا مع كل فاسد، ونافقوا كل مسؤول، ولطالما هاجموا كل من رحل. دائما يبحثون عن أماكنهم مع كل سلطة. هاجموا حسني مبارك بعد خلعه، ويهاجمون كل فاسد بعد سقوطه، وكلنا رأينا الحفلات الإعلامية التي أقاموها لحمدي الفخراني ووزير الزراعة المتهمين بالرشوة.
وعلى الرغم من أن تهم الفساد كثيرة وجاهزة لكل مسؤول، فإن لا أحد منهم تجرأ على اتهام محمد مرسي بفساد أو بسرقة، وكل ما استطاعوه اتهامه باتهامات مستوحاة من قسم الخيال العلمي في هوليود، من نوعية التخابر مع فضائيين والتعامل مع حماس وإسرائيل في وقت واحد، وأكل البط. لربما يظهر قريبا دليل ما على أن أستاذ الهندسة كان يتناول وجبات دسمة من لحم أسماك القرش المحرّم صيدها دوليا.
ظلمت الدكتور محمد مرسي جماعته، عندما رشحوه لأهم منصب في الدولة بديلاً لمن يرونه كفاءة حقيقية، مثل خيرت الشاطر. في رأيي، اختاروه فقط لأن أوراقه مكتملة، رئيس حزب له نواب بالبرلمان، ولا يحتاج لجمع توكيلات، كما ظلمه ثوار استعجلوا إسقاطه، وتآمروا عليه، حتى وإن لم يدروا، لكن المحزن أنه هو بشخصه أكثر من ظلم نفسه، حين قبل مهمة لا يستطيع القيام بها، وقبل الاستمرار في تمثيل دور الحاكم وهو لا يحكم، وادعى أن هناك "رجالة زي الدهب" في القوات المسلحة. ظلم نفسه عندما استمر في تمثيل دور المسيطر على كل شيء، حتى وهو يرى نفسه يهوي.

37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
محمد عادل (مصر)
محمد عادل (مصر)