العباءة النجفية... المدينة تُدثّر أهلها

العباءة النجفية... المدينة تُدثّر أهلها

21 ديسمبر 2018
ينتظر بعض الزبائن لأشهر للحصول على عباءة(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من اندثار كثير من العادات والتقاليد العراقية القديمة، بما فيها ما يتعلق بالملابس والأزياء، إلا أن العباءة النجفية الرجالية ما تزال تحافظ على رونقها، وتميزها، وغلاء ثمنها.
ويسمى الشخص الذي يمتهن صناعة وخياطة العباءة في النجف بـ "العبايجي"، وبرزت أسر عراقية عدة بهذا اللقب، ومنها من برز في مجال السياسة والجيش والتعليم على مستوى العراق أيضاً.
ويقول صباح الجزائري، وهو "عبايجي" يعمل في سوق النجف القديم، لـ "العربي الجديد" إنه تعلم المهنة من أبيه الذي ورثها بدوره عن جده، مبيناً أن العباءة التي تصنع في النجف مميزة، ولا يمكن تقليدها أبداً.
يضيف: "ما تزال أسواق النجف، ولا سيما القديمة منها، تحتفظ بشكل العباءة التي اشتهرت بها المدينة منذ نحو مئتي عام"، مؤكداً أن بعض الخياطين أدخلوا عليها لمسات حديثة، كاستخدام القماش المستورد في خياطتها، أو تزيينها ببعض الخيوط التي تزيد من رونقها.
يشير الجزائري إلى وجود أنواع عدة للعباءة النجفية، أبرزها وأكثرها تداولاً "البهارية" التي تلبس في جميع المواسم، والنوع الآخر هو العباءة "الثكيلة" التي تُحاك من الصوف، ويزداد الطلب عليها خلال فصل الشتاء.
يتابع: "أما البشت، فهو نوع آخر من العباءة النجفية، ويستخدم في الصيف، وتزداد قيمته، ويرتفع سعره، كلما كان خفيفاً وشفافاً يبرز لون الدشداشة التي تلبس تحته".

يلفت إلى أن جميع المحافظات العراقية تقصد النجف من أجل شراء العباءة بالجملة والمفرد، موضحاً أنه في السابق كانت بعض أصناف العباءات التي تصنع في النجف تصدّر إلى دول عربية وخليجية، معرباً عن أمله أن يسهم التحسن الأمني في العراق في عودة العباءة النجفية للأسواق العربية عامة والخليجية على وجه الخصوص، كونها الأكثر جودة من تلك القادمة من الصين أو تايوان، وفقاً لقوله.
في هذا السياق، يقول سلام داود، وهو صاحب محل لبيع العباءة في العاصمة العراقية بغداد، إن أغلب زبائنه يقصدون محله من أجل شراء العباءة التي تصنع في النجف، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن هذا النوع من العباءات يكون أغلى سعراً من الأنواع الأخرى.
ويشير إلى أن سعر العباءة النجفية لا يقل عن 150 ألف دينار عراقي (ما يعادل 120 دولاراً أميركياً)، ويرتفع السعر بحسب جودة القماش، أو نوع الحياكة ليصل إلى 800 ألف دينار عراقي (ما يعادل 660 دولاراً أميركياً).
ويوضح أن بعض الزبائن يضطر إلى الانتظار أشهر عدة حتى اكتمال عباءته في النجف، إذا كانت وفقاً لطلبات خاصة من قبله، مبيناً أن الأنواع الأخرى الموجودة المطروحة في السوق، وعلى الرغم من رخص أثمانها، إلا أنها لم تكن قادرة على منافسة العباءة النجفية.
يقول سمير الفراجي، وهو أحد زعماء القبائل في محافظة الأنبار (غرب العراق)، أن بُعد المسافة لم يمنعه من الذهاب المتكرر إلى النجف من أجل شراء عباءة لكل موسم، مشيراً في حديث إلى "العربي الجديد" أن السوق فيه أعداد وأنواع كثيرة من العباءات، إلا أنه لم يقتنع إلا بالعباءة النجفية، على غرار ما كان يفعل والده.

المساهمون