المخططات الدولية تثير قلق نازحي سيناء من إسكانهم بالعريش

المخططات الدولية تثير قلق نازحي سيناء من إسكانهم بالعريش

08 مايو 2017
لم يستطع الجيش حسم الوضع بشمال سيناء(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
ما زال صدى القرار الحكومي الذي أصدره مجلس الوزراء المصري نهاية الأسبوع الماضي، بتخصيص أراضٍ في العريش لإنشاء مساكن للنازحين من القرى الحدودية في شمال سيناء، يتردد بين المواطنين الذين تركوا بيوتهم على أمل العودة إليها بعد انتهاء العمليات العسكرية. ويتخوّف النازحون من قرى رفح والشيخ زويد، من أن يكون القرار الحكومي بمثابة إنهاء لقضيتهم ومنع عودتهم لديارهم مجدداً، بعد أن قررت الحكومة بناء مساكن لهم في مناطق العريش، وهو ما يعني تراجعاً من السلطات المصرية عن وعودها المتكررة بأنه لا تهجير لسكان رفح والشيخ زويد. وكانت الجريدة الرسمية قد نشرت في عددها الصادر الخميس الماضي، قرارين لرئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، حول تخصيص أراضٍ لصالح إنشاء مساكن في العريش للقادمين من القرى الحدودية.
وتنبع تخوّفات النازحين من أهالي سيناء من هذا القرار، من أنه يؤكد عدم انتهاء الحرب الدائرة بين الجيش وتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم الدولة "داعش" خلال الأشهر القليلة المقبلة، بل يبدو أنها ستمدد لسنوات طويلة، مما استدعى إيجاد حل قد يكون دائماً للنازحين في العريش. كما يتخوّف النازحون من أن هذه البدائل بنقل سكنهم للعريش بدلاً من رفح والشيخ زويد، تتزامن مع الحديث عن مخططات دولية وبموافقة النظام المصري على حل القضية الفلسطينية على حساب أراضٍ من سيناء، وهي الأراضي المحاذية لقطاع غزة، والمتمثلة بمدينتي رفح والشيخ زويد على أقل تقدير.
ويأتي هذا القرار الحكومي بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر الشباب الدوري الثالث في الإسماعيلية، أن عدم الاستقرار والتهديدات للمقاولين لم يمكّنا الدولة من إنشاء مدينة رفح الجديدة التي وعدت بها سكان الشريط الحدودي الذين تم هدم منازلهم في أكتوبر/تشرين الأول 2014.
وحول ذلك، قالت مصادر قبلية مطلعة لـ"العربي الجديد" إن الدولة لم تختر توقيت هذا الإعلان بشكل عشوائي، بل تزامن مع تصاعد التوتر بين قبيلة الترابين وتنظيم "داعش". وأشارت المصادر القبلية إلى أن القرار جاء من دون التنسيق مع الأطراف المعنية في شمال سيناء، أو استشارة المتضررين من القرار وهم النازحون من رفح والشيخ زويد، مؤكدةً أنهم كانوا ينتظرون قراراً حكومياً بالعودة إلى ديارهم، وليس إجبارهم على السكن في مناطق جديدة بعيدة عن أراضيهم وممتلكاتهم. وأكدت المصادر أن هذه "البيوت البدوية" وفق ما جاء في قرار الحكومة، تحتاج إلى عام كامل من العمل لإنشاء مئات الوحدات منها، مما يعني أن الحرب في سيناء مستمرة لسنوات طويلة، وليس كما تتحدث السلطات بأنها قاب قوسين أو أدنى من إنهائها.


والتقت "العربي الجديد" نازحين إلى مناطق بئر العبد غرب مدينة العريش، أجمعوا على رفض السكن بعيداً عن قراهم الأصلية التي تركوها على أمل العودة إليها بعد هدوء الأوضاع الأمنية فيها. وقال الشاب محمد سعيد لـ"العربي الجديد": "مشاريع فاشلة، لا بديل عن عودتنا لبيوتنا وأراضينا، الحكومة لم تقل إنها مشاريع مؤقتة، بل هذا الحل الدائم بدلاً من بناء رفح الجديدة أو العودة للقرى التي هُجّرنا منها".
أما الرجل المسن أبو خالد يوسف الذي نزح من جنوب مدينة الشيخ زويد، فقد أكد أنه حاول التواصل مع محافظ شمال سيناء عبد الفتاح حرحور، لكن لم يُجب على الاتصالات، وحاول لقاءه في مقر المحافظة برفقة عدد من النازحين للاستفسار عن القرار الحكومي إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك. وقال يوسف لـ"العربي الجديد": "يبدو أن الجهات الحكومية في شمال سيناء تعرف المخطط الذي تقصده الحكومة في إنهاء قضية النازحين، لذلك لا تريد الحديث معنا، أو التواصل مع النازحين الذين أبدوا قلقهم من المشروع الجديد".
يشار إلى أن عشرات العائلات نزحت من مناطق سكنها في قرى رفح والشيخ زويد، نتيجة العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش ضد تنظيم "ولاية سيناء" منذ 3 سنوات على الأقل، عدا عن نزوح المئات بسبب إقامة المنطقة العازلة بين قطاع غزة ومصر. ويعيش النازحون في مناطق العريش وبئر العبد في ظروف إنسانية صعبة للغاية، في ظل تخلي الدولة عن دعمهم، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، مما دفع الكثيرين منهم إلى العيش في بيوت بلاستيكية. وتمر مناطق شمال ووسط سيناء في أوضاع أمنية متدهورة منذ نحو 4 سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط مئات المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل، فيما تقطن في سيناء عدة قبائل كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها. ولم يتمكن الجيش المصري من حسم الأوضاع في شمال سيناء، في ظل تطور عمليات التنظيم المسلح وتوسعها إلى مدينة العريش.

المساهمون