ثقافة الإنسان تتحكم في ذكرياته

ثقافة الإنسان تتحكم في ذكرياته

19 فبراير 2017
يتذكر الآسيويون من قدّم الحلوى لهم (ياشويوشي شيبا/فرانس برس)
+ الخط -
ما تخزّنه ذاكرتك من أحداث عشتها أو مواقف خبرتها في حياتك، من قبيل أعياد ميلادك أو أماكن زرتها، يُحدَّد جزئياً من خلال خلفيّتك الثقافية. الأميركيون على سبيل المثال، يميلون إلى التركيز على الأساسيات والتفاصيل البصرية مثل الديكور أو زينة قالب الحلوى على سبيل المثال. أمّا الآسيويون فيتذكرون التفاصيل الشخصية أكثر، من كان موجوداً في الحفل مثلاً أو من قدّم الحلوى لهم.

هذا ما خلصت إليه دراسة أعدّتها الأستاذة المساعدة في علم النفس أنجيلا غوتشيز وفريقها البحثي في جامعة برانديز في ولاية ماساتشوستس الأميركيّة، نُشرت نتائجها في مجلة "الثقافة والعقل" الأميركية. وقد أكّدت غوتشيز أنّ "ثقافتك هي التي تؤثر على ما تصوّره كأمر مهمّ حولك". أضافت: "إذا كانت ثقافتك تقدّر التفاعلات الاجتماعية، فإنّك سوف تتذكر هذه التفاعلات بطريقة أكبر من الذين يمثّلون ثقافة تُعلي التصورات الفردية وتثمّنها. الثقافة هي التي تشكّل الذاكرة".

بهدف استكشاف كيفية ارتباط الثقافة بالذاكرة، عمدت غوتشيز وفريقها إلى مجموعة من اختبارات خاصة بالذاكرة شملت 65 طالباً من الولايات المتحدة الأميركية ودول شرق آسيا، بما فيها الصين واليابان وكوريا. سجّلت كلتا المجموعتين نتائج متشابهة في اختبارات الذاكرة العامة، لكنّ الطلاب الأميركيين أظهروا أنّهم يتذكرون شيئاً معيناً بطريقة أكثر تحديداً.

تجدر الإشارة إلى أنّ دراسات سابقة كانت قد أظهرت أن طلاب شرق آسيا يملكون قدرة كبيرة على التذكّر، خصوصاً التفاصيل التي ظهر في سياقها الشيء أو الحدث. لكنّ دراسة غوتشيز وفريقها بيّنت أنّ الحال ليس دائماً هكذا. وأوضحت غوتشيز أنّ "ذاكرة الطلاب الشرق آسيويين هي أكثر تركيزاً على السياق العاطفي والاجتماعي، وتَذكّر التفاصيل في هذا السياق يأتي أكبر من قدرتهم على تَذكّر التفاصيل في المرئيات العادية مثل الصور".

أن نفهم كيفيّة تأثير الثقافة على الذاكرة هو أمر في إمكانه تطوير وتحسين التفاعلات بين الثقافات والأفراد في أمور شتى، بدءاً من العلاقات الدبلوماسية وصولاً إلى أساليب التدريس في الفصول المدرسية. وأوضحت غوتشيز أنّ "التلقين والحفظ والاستظهار قد تكون مفيدة في بعض الثقافات. أمّا المناهج أو المقاربات التي تعتمد على السياق الذي تقدَّم فيه المعلومة فقد تكون مفيدة أكثر في مسألة التعليم بالنسبة إلى ثقافات أخرى". أضافت: "إذا استطعنا أن نفهم كيف نتذكّر، فإنّه باستطاعتنا حينها البدء بفهم بعضنا بعضاً بطريقة أفضل وأكثر واقعية".

دلالات