جدل في العراق بعد الإفراج عن متورطين بمجزرة "مصعب بن عمير"

جدل في العراق بعد الإفراج عن متورطين بمجزرة "مصعب بن عمير"

16 اغسطس 2020
أفرج عن المدانين الأسبوع الماضي (تويتر)
+ الخط -

أثار قرار السلطات القضائية في العراق بتبرئة وإطلاق سراح المتورطين بجريمة قتل عشرات المصلين في محافظة ديالى شرقي العراق عام 2014، والتي عرفت بمذبحة جامع مصعب بن عمير موجة غضب واسعة، خاصة بمحافظة ديالى ولدى ذوي الضحايا.

وكان القضاء قد دان في وقت سابق عدداً من المتهمين بالجريمة، وهم أعضاء مليشيا "العصائب"، وحكم عليهم بالإعدام، إلا أنه عاود مجدداً مع استئناف للحكم بتبرئتهم وإطلاق سراحهم.

وحاولت السلطة القضائية تبرير قرارها بإسقاط التهم عن المفرج عنهم، معتبرة أن الاعتراف الأولي "لا يكفي لإصدار الحكم"، الأمر الذي أثار انتقاداً بين أطراف سياسية وقانونية، اعتبروا ذلك إدانة للقضاء، كونه أصدر أحكاماً سابقة وفقاً لأدلة مماثلة بقضايا مختلفة.

وكان القضاء قد أفرج الأسبوع الفائت، عن المدانين بجريمة جامع مصعب، في محافظة ديالى، والتي ارتكبت في أغسطس/ آب 2014، ونفذها مسلحون من مليشيا "العصائب" اقتحموا المسجد وقت صلاة الجمعة، وفتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة على المصلين، ليسقط أكثر من 73 قتيلاً منهم، وقد صدرت بعد عام أحكام بالإعدام على عدد من تلك العناصر، استناداً على اعترافاتهم بارتكاب الجريمة.

وقال مجلس القضاء الأعلى، في بيان له اليوم، إنه "توضيحاً لما تناقلته بعض وسائل الإعلام بخصوص إطلاق سراح متهمين عن جريمة حصلت في محافظة ديالى، فإن محكمة التمييز دققت القضية ووجدت أن الأدلة فيها غير كافية لإصدار قرار حكم سواء بعقوبة الإعدام أو غيرها، ذلك لأن المتهمين أنكروا التهمة أمام قاضي التحقيق وأمام محكمة الجنايات، وأن أقوال الشهود والمشتكين تناقضت أمام القائم بالتحقيق".

وأضاف البيان أن "الأدلة العلمية غير متوفرة في الدعوى، وأن الدليل الوحيد في القضية هو اعتراف المتهمين أمام القائم بالتحقيق في مرحلة التحقيق الابتدائي، وهو لا يكفي سبباً للحكم، سيما وأن التقرير الطبي الخاص بفحصهم يشير إلى تعرضهم للضغط"، مؤكداً أنه "لكون تلك الأدلة المتحصلة لا ترتقي إلى مستوى الدليل المعتبر قانوناً، لذا قررت المحكمة نقض القرار الصادر بحقهم والإفراج عنهم".

وفي هذا السياق، استغرب النائب عن "كتلة الحل"، محمد الكربولي، من تبرير القضاء لقرار إفراجه عن المجرمين، وقال في تغريدة له، "القضاء يقول: تبين أن سبب إدانة مرتكبي جريمة جامع مصعب بن عمير هو اعترافهم أمام القائم بالتحقيق الابتدائي بالجريمة، وهو غير كاف لإدانتهم! فلماذا مازلتم تعدمون وتسجنون آلاف الأبرياء من الحالات نفسها!؟". 

القضاء يقول: تبين أن سبب إدانة مرتكبي جريمة جامع مصعب بن عمير هو اعترافهم امام القائم بالتحقيق الابتدائي بالجريمة،وهو غير كافي لإدانتهم !! نقول: فلماذا مازلتم تعدمون وتسجنون الآف الابرياء من الحالات نفسها!!؟#ميزانكم_مائل

— محمد الكربولي (@mohamdalkarboli) August 16, 2020

أما النائب عن "تحالف القرار"، ظافر العاني، فقد دعا السلطة القضائية، بالمعاملة بالمثل مع الأبرياء الذين انتزعت الاعترافات منهم تحت التعذيب.

وقال العاني في تغريدة له، "عندما يصدر توضيح من مجلس القضاء بأن الاعتراف بوسائل الضغط وعدم تطابق أقوال شهود العيان ليس سبباً للتجريم، رغم أن قتلى مسجد مصعب بن عمير بالعشرات، فإننا نطالب بنفس المعاملة للحالات المماثلة لمن انتزعت منهم الاعترافات بالقوة وبتقرير المخبر السري".

عندما يصدر توضيح من مجلس القضاء بان الاعتراف بوسائل الضغط وعدم تطابق اقوال شهود العيان ليست سببا للتجريم رغم ان قتلى مسجد مصعب بن عمير ٣٤ فاننا لايسعنا الا أن نطالب بنفس المعاملة للحالات المماثلة لمن انتزعت منهم الاعترافات بالقوة وبتقرير المخبر السري .

— ظافر العاني (@DhaferAlani) August 16, 2020

في المقابل، ندد "مركز بغداد لحقوق الإنسان" بالإفراج عن المجرمين، وقال في بيان له إن "تبرير مجلس القضاء الأعلى الإفراج عن مرتكبي مجزرة جامع مصعب بن عمير، يؤكد سياسة الكيل بمكيالين، حيث أصدر القضاء أحكاماً بالإعدام في قضايا لم تتوفر فيها الأدلة التي توفرت في هذه القضية، وصادقت عليها محكمة التمييز".

#مركز_بغداد لحقوق الإنسان:
بيان: تبرير مجلس القضاء الأعلى الإفراج عن مرتكبي «مجزرة جامع مصعب بن عمير» يؤكد سياسية الكيل بمكيالين، حيث أصدر القضاء أحكاما بالإعدام في قضايا لم تتوفر فيها الأدلة التي توفرت في هذه القضية وصادقت عليها محكمة التمييز.https://t.co/bBV7Iplz9x pic.twitter.com/ulVxp45jMA

— مركز بغداد لحقوق الإنسان (@baghdadchr) August 16, 2020

 

الاعتراف دليل

ويرى خبراء بالقانون، أن الاعتراف هو دليل بحد ذاته، وللمحكمة الرأي في تحديد مسار الحكم.

وقال الخبير القانوني معتز العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاعتراف إذ كان قد حصل من المتهم في التحقيق البدائي أو غير البدائي فإن المحكمة أمامها خيارات بالتعامل مع القضية، وفقاً للمعطيات الأخرى كالشهود وغيرها من الأدلة والإثبات، ولها أن ترى تبرئة المتهم أو إدانته".

واستدرك العبيدي قائلاً "لكن قضية كقضية مجزرة جامع مصعب التي قتل فيها أكثر من 70 شخصاً، لا يمكن التعاطي معها كغيرها من القضايا، لذا فإن الاعتراف، يضاف إليه انتماء المدانين لنفس المليشيا التي نفذت الهجوم، هو إدانة".

وأشار إلى أن "القضاء سبق وأن أصدر أحكاماً بالإعدام بناء على اعترافات أولية، وقد انتزعت بالإكراه من أبرياء"، مبيناً أن "الضغوط السياسية باتت محرجة للسلطة القضائية، وأنها تجبرها على تكييفات قانونية غير منطقية، تجعل من القضاء في دائرة الاتهام بعدم المهنية".

دلالات