حكايات هزّت تونس

حكايات هزّت تونس

16 يوليو 2015
يتهم العمل بجرأة مبالغ فيه (العربي الجديد)
+ الخط -
مسلسل "حكايات تونسية" أثار ولا يزال يثير الجدل. هو يروي تونس ما بعد الثورة في قصص مختلفة تنقل جزءاً من الواقع. هكذا عرّف عنه صنّاعه قبل عرضه: الدعارة والزنا والمخدرات والخيانة الزوجية والفساد السياسي... قد بدأ عرضه منتصف رمضان على قناة "الحوار التونسي" الخاصّة، لأنّه يقتصر على 15 حلقة.

تدور قصّته حول أربع نساء: شمس (عزباء)، إيناس (مطلقة)، صابرين (متزوّجة حديثا) وبية (تونسية من ديانة يهودية على علاقة بابن رئيس حزب سياسي). ينقل الصحافي حسّان قصصهنّ في إطار وثائقي يعدّه حول نساء تونس. فيكتشف شبكة دعارة على علاقة بحزب سياسي، وتشمل تهريب سلاح، ويتورّط فيها رجال أعمال. وهو مقتبس من فيلم للمخرجة وكاتبة السيناريو ندى المازني حفيظ. فقط غيّرت في الفكرة وطاقم العمل.

يتهم العمل بجرأة مبالغ فيها، خصوصاً في تصوير الأسرة والمرأة التونسية. واتّهم "بعدم احترام العادات والتقاليد". يردّ أحد أبطال العمل، الممثل علي بنور، وهو نائب في مجلس نواب الشعب، إنّ "المسلسل يتعرّض لفئة تونسية لا يمكن التغافل عنها". ويتابع في حديث لـ "العربي الجديد": "طبعاً لا يعكس صورة المجتمع كلّه، لكن لا يمكن نفي وجود باغيات وإرهاب وعنف ومثليين في تونس".


بطلات العمل
حاولت "العربي الجديد" الحديث مع بطلات العمل، لكن أغلبهنّ رفض الردّ. وحدها الممثلة والإعلامية مريم بن حسين أجابت بأنّها "تتحفّظ". وهذا مفهوم بسبب ردود الفعل القاسية اتجاه العمل. وقد وصلت حدّ شتم طاقمه والمطالبة بوقف بثّه. لطفي العبدلي، أحد أبطال المسلسل، اعتبر في حديث لـ "العربي الجديد" أنّ "ما نقلناه أقبح جانب في المجتمع التونسي لذلك كانت ردّة الفعل عنيفة. ردّة الفعل متوقّعة مقارنة بالدراما التونسية التقليدية. فالمسكوت عنه مجهول من التونسيين وسيصدمهم طبعاً". وقد سانده الفنان هشام رستم: "مللنا من التخويف بأنّ هذا يقدّم صورة سلبية للبلاد. هكذا نعود إلى زمن بن علي". من الأبطال الفنان علي بنور، وقد دافع عن "الحقّ في طرح مشاكل المجتمع بدل السكوت عنها".

وأثار المسلسل احتجاج جمعيات ومنظمات نسوية منها "المرأة والريادة" التي طلبت رئيستها سناء غنيمة من "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري - الهايكا" إيقاف بثّه. وهي قالت لـ "العربي الجديد" إنّه "يضرّ صورة المرأة التونسية ويؤدي إلى تجاوزات بحقّها. فالناس تتأثر بسهولة خصوصاً أنّ نسبة مشاهدته عالية، ويعرض في ساعات الذروة". وبالفعل حقّق العمل نسب مشاهدة تجاوزت الخمسين في المائة أحياناً. إذ يبثّ التاسعة ليلا.


يتساءل علي بنور: "كيف يحظى المسلسل بأعلى نسبة مشاهدة تقريباً يومياً في ظلّ دعوات إلى مقاطعته ووقف بثّه؟ ألا يعكس هذا خللا ما". ويضيف: "لا يعرض في مرفق عمومي مطالب باحترام ذائقة الشعب، بل في قناة خاصّة. ولا أحد مجبر على المشاهدة".

أما غنيمة فتعتبر "عنوانه مغالطة، لأنّه يربط الأحداث بالواقع، ولا يقدّم إلا صورة واحدة للمرأة التونسية هي صورة غير مشرّفة". يردّ العبدلي بأنّ "هذا كلام لا يخدم ولا يطوّر وضعية المرأة في تونس. فمن يخشى على صورة التونسية فليعمل على إصلاحها بإقفال بيوت الدعارة وليس بمهاجمة عمل درامي".


تحرّك السلطات
وأصدرت "الهايكا" بلاغاً منذ أيّام حول الإنتاج الدرامي الرمضاني التونسي عموماً، تطرّق إلى "بعض الأعمال الدرامية المحمّلة بنسبة عالية من العنف المجّاني والمبالغ فيه، والأعمال التي قدمت صورة دونية ومشوّهة للمرأة". ثم خصّت "الهايكا" مسلسل "حكايات تونسية" بلفت نظر في بلاغ خاصّ يوم الإثنين، اعتبر أنّ المسلسل "يحتوي على مضامين من شأنها أن تكون صادمة لبعض الفئات ألاجتماعية إلى جانب تكريس صورة نمطية للمرأة، كما أنّ بعض هذه المضامين من شأنه أن يؤثّر بشكل سلبي على فئة الأطفال والمراهقين خصوصاً".

ودعت الهيئة القناة التي تبثّ العمل إلى عرض عبارة: "هذا البرنامج غير مناسب للأطفال دون سن 12"، لمدّة 10 ثوان، قبل بدء العرض، على كامل الشاشة، وبخطّ واضح، إضافة إلى وضع علامة، طيلة عرض الحلقة، تفيد بأنّ البرنامج "ممنوع مشاهدته لمن هم دون 12 عاماً". وأكدت ضرورة ألا يعرض قبل التاسعة مساء.

وصف العبدلي قرارات الهايكا بـ "غير الجدية" معلّلاً ذلك بكونها "لم تتّخذ قرارها منذ انطلاق عرض المسلسل، ووفق قانون ومنهجية واضحة، بل تحرّكت تحت ضغط الشارع بعد بثّ أكثر من نصف عدد الحلقات".

ويتواصل العرض مع تواصل الاعتراضات عليه. فقد أفادت صحف تونسية أنّ بعض العلامات التجارية سحبت ومضاتها الإشهارية التي تمرّر خلال بثّ المسلسل، على خلفية الانتقادات الحادّة التي وجّهت له. كما انتشرت رسوم ونصوص على فيسبوك التونسي بعنوان "حكايات تونسية" تروي قصصاً عن نضال المرأة التونسية عبر التاريخ، في محاولة للردّ على المسلسل.
الفنان هشام رستم قال لـ "العربي الجديد" إنّ "المسلسل جيّد في المواضيع والممثلين والإخراج والكتابة، لكن ربما كان الأفضل عدم بثّه خلال رمضان، أو يفضّل بثّه في ساعة متأخّرة ". يوافقه في ذلك علي بنور الذي صرّح أنّ "توقيت عرض العمل قد يكون محرجاً لأنّه يتزامن مع رمضان، لكن يجب تكثيف وتطوير الدراما التونسية لتنافس مثيلاتها في دول عربية أخرى، خصوصاً خلال رمضان".


أولاد مفيدة
يذكر أنّ النقد السلبي لم يقتصر على "حكايات تونسية" هذا العام، بل شمل أعمالا أخرى كمسلسل "أولاد مفيدة" الذي بثّ في النصف الأوّل من الشهر وحظي بنسب مشاهدة مرتفعة جداً، لكنّ الانتقادات الموجهة له كانت أقلّ حدّة. أحد أبطاله هشام رستم قال لـ "العربي الجديد: "حرصنا على طرح مواضيع مهمة دون إزعاج المشاهد، فخصوصية رمضان أن يجمع العمل بين التشويق والضحك والدراما والمعالجة الاجتماعية".

إقرأ أيضاً: الهادي درغام يبيعُ أدب السجون على أرصفة تونس

المساهمون