حكاية المدفع العثماني... من القاهرة إلى إسطنبول

حكاية المدفع العثماني... من القاهرة إلى إسطنبول

أنقرة

العربي الجديد

العربي الجديد
22 يونيو 2017
+ الخط -

المدفع العثماني قصة توارثها الأجيال عبر قرون عدة، بدءاً من ظهوره في القاهرة، ثم انتقاله إلى إسطنبول، ليكرسه العثمانيون في ذاكرة العرب والمسلمين بشكل عام في شهر رمضان.

المتخصص في التاريخ العثماني والأكاديمي في "جامعة ارتوكلو" في مدينة ماردين التركية، زبير خلف الله، أوضح أن العثمانيين "أعطوا للمدفع الرمضاني أولوية كبيرة لدرجة العشق، ووظفوا أشخاصاً للاعتناء به"، في حديثه لـ "العربي الجديد".

وقال إن أحد الرواة أكد أن والي مصر في العصر الإخشيدي، خُشقدم، جرّب مدفعاً جديداً أهداه إياه أحد الولاة، وتصادف ذلك في وقت غروب الشمس في أول يوم من شهر رمضان الكريم، فتبادرت الفكرة إلى المماليك لاستخدام تلك الفكرة على الإفطار والإمساك في السحور.

وأضاف أنه مع توافد العلماء وأهالي القاهرة على قصر الوالي لتناول الإفطار، انتهزوا الفرصة ليعبروا عن شكرهم بتنبيهه لهم بإطلاق مدفع الإفطار، وبدا أن الوالي أعجب بالفكرة، فأصدر أوامره بإطلاق مدفع الإفطار يومياً، عند أذان المغرب في رمضان.

ولفت إلى أن بعض الروايات الأخرى تقول إن محمد علي باشا أول من استخدم المدفع في الإعلان عن الإفطار، حين امتلك جيشه مدافع حديثة الصنع، فأمر بإحالة القديمة على المستودعات، ووضع واحداً منها في القلعة كتذكار لانتصاره، ومنذ ذلك الحين أمر والي مصر بإطلاق المدافع مع أذان المغرب وعند الإمساك، ليصبح تقليداً متبعاً خلال شهر رمضان، ثم انتقلت الفكرة بعد ذلك من القاهرة إلى إسطنبول.

لكن الزبير أوضح أن هناك رواية أخرى تشير إلى أن فكرة مدفع رمضان سنّها الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت حينما احتل مصر، إذ أراد القيام بعمل ما يرضي به أهلها، فأمر بنصب المدافع على قلعة القاهرة وإطلاق قنابل البارود منها، إيذاناً بحلول شهر رمضان، ليصبح فيما بعد تقليداً متبعاً في شهر الصوم.

واعتماداً على المؤرخين، أفاد خلف الله بأن المدفع تواجد في غالبية المدن والبلدان الواقعة تحت الحكم العثماني في الشرق الأوسط وبلاد الشام كسورية ولبنان ومصر وفلسطين والعديد من المدن الفلسطينية، موضحاً أن المدفع له تاريخ خاص في مرحلة الحروب، خصوصاً في فتح إسطنبول في عهد بايزيد الأول ثم مراد الثاني، ولكنه استخدم في المدن بواسطة البلديات الناشئة في نهاية العصر العثماني بشكل مدني، للتذكير بمواعيد معينة مثل الإفطار والسحور.

وذكر أنه مع زيادة أقاليم الدولة العثمانية خلال القرن الماضي برزت حاجة ملحة إلى وسيلة ليعرف الناس حلول شهر رمضان، وتعريفهم بمواقيت الإفطار والإمساك، لذلك لجأت الدولة العثمانية إلى استحداث مدفع، وتحديداً في ولاية بيروت، لإعلام الناس أن حلول شهر رمضان ثبت بالوجه الشرعي.

وفي مساء يوم الـ29 من شهر شعبان (التقويم الهجري)، كانت 21 طلقة تُطلق من فوهة المدفع تبشيراً برؤية الهلال، ويطلق العدد نفسه من الطلقات عند ثبوت هلال شهر شوال احتفالاً باستقبال عيد الفطر.

وأشار إلى أنه مع ظهور المكبرات الصوتية والإذاعة بدأ يتراجع دور المدفع العثماني، لكنه يحمل في الذاكرة مخزوناً تراثياً بالنسبة للأتراك والعرب.



ذات صلة

الصورة
صلاة عيد الفطر في المسجد الكبير بمدينة إدلب (العربي الجديد)

مجتمع

أبدى مهجرون من أهالي مدينة حمص إلى إدلب، شمال غربي سورية، سعادتهم بعيد الفطر، وأطلقوا تمنيات بانتصار الثورة السورية وأيضاً أهل غزة على الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة

سياسة

أدى أكثر من 60 ألف فلسطيني، اليوم الأربعاء، صلاة عيد الفطر في المسجد الأقصى في القدس المحتلة من دون أيّ أجواء احتفالية، حزناً على ضحايا الحرب الإسرائيلية
الصورة
لا عيد وسط التهجير (داود أبو الكاس/ الأناضول)

مجتمع

يُحرم أهالي قطاع غزة من عيش أجواء العيد والفرحة ولمّة العائلة والملابس الجديدة وضحكات الأطفال، ويعيشون وجع الموت والدمار وخسارة الأحباء والتهجير والتشرد
الصورة
النازح السوري فيصل حاج يحيى (العربي الجديد)

مجتمع

لم يكن النازح السوري فيصل حاج يحيى يتوقّع أن ينتهي به المطاف في مخيم صغير يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة غرب مدينة سرمدا، فاقداً قربه من أسرته الكبيرة ولمّتها.

المساهمون