صحافة مصر في مهب التعديلات الدستورية

صحافة مصر في مهب التعديلات الدستورية

11 مايو 2019
تهميش معارضي التعديلات ورافضيها (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من محاولات السلطات المصرية المستميتة لتمرير التعديلات الدستورية من دون معارضة تذكر، لم تكف المنظمات الحقوقية المصرية والدولية عن فضح انتهاكات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونظامه من قمع وحجب وتقويض.

ورصدت تقارير حقوقية عدة الانتهاكات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 الذي شهد إقرار تعديلات دستورية تسمح للسيسي بالبقاء في السلطة حتى عام 2030، كان أبرزها التصنيف العالمي لحرية الصحافة لـ "منظمة مراسلون بلا حدود" الذي كشف تراجع مصر إلى المرتبة 163 عالمياً من إجمالي 180 بلداً، بتراجع مركزين عن العام الماضي.

كما أن السلطات المصرية توسّعت بشكل فجّ، خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية، في حجب المواقع الإلكترونية لدرجة حجب 34 ألف موقع إلكتروني على مستوى العالم عن المستخدمين في مصر، في إطار سعيها إلى ملاحقة روابط المواقع التابعة لحملة "باطل" المناهضة للتعديلات الدستورية وفقاً لمؤسسة "نِت بلوكس".

وكانت عدوى حجب المواقع الإلكترونية قد بدأت في مصر في 24 مايو/ أيار عام 2017، عندما أقدمت السلطات المصرية على حجب 21 موقعاً إلكترونياً، وكانت أغلبها إخبارية. لاحقاً، توسعت السلطات في حجب مواقع لتشمل عدداً ضخماً من المواقع التي تقدم محتوى وخدمات مختلفة إلى أن وصل عددها إلى 513 موقعاً على الأقل، علماً أن حجب "العربي الجديد" سبق هذه الخطوات، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، ولا يزال محجوباً في مصر.

والتعديلات الدستورية كشفت صراحة عما حاول النظام المصري مواراته خلال سنوات مضت، إذ كانت التعليمات لمؤسسات الإعلام صريحة وواضحة، والتزم بها الجميع، ومن خرج عنها طاوله الحجب والمصادرة، وفق ما كشفت ورقة بحثية صادرة في الخامس من مايو/ أيار الحالي عن مؤسسة "المرصد المصري لحرية الإعلام"، وعنوانها "صحافة محاصرة في سياق انتخابي".

الدراسة التي تناولت الشبكات الإخبارية الخمس "الهلال اليوم" و"اليوم السابع" و"مصراوي" و"المشهد" و"الأهالي" وجدت أن الصحف "تجاهلت عن عمد خيار مقاطعة الاستفتاء، وافتقرت إلى المهنية في تناول هذا الخيار وتوضيح أسبابه، وركزت على حث المواطنين على المشاركة في التصويت"، وتساءلت حول ما إذا كانت قد تحولت إلى "منبر للفصيل السياسي الحاكم، لدعمها الاتجاه الذي تدعمه السلطة التنفيذية في الاستفتاء".

وأشارت الدراسة إلى أن اتجاهي المقاطعة والرفض لم يُشر إليهما بمهنية وحيادية، ولم تفرد المساحات المناسبة لهما، وبالأخص الاتجاه الرافض لتلك التعديلات الذي حصل على 11 في المائة من إجمالي الأصوات في نتيجة الاستفتاء. 

وخلص التقرير إلى أن المواد الصحافية المرصودة تشابهت في "التركيز على استخدام فزاعة (الإخوان المسلمين)، واستخدام الرموز الدينية في الدعاية للاستفتاء، ووصْف الممتنعين عن التصويت بالآثمين، واستخدام الأطفال وكبار السن".
واستنتج التقرير أيضاً أن "مصطلح (الوطنية) استُخدم بكثرة في الترويج للتعديلات الدستورية. ولم تنشر التعديات والرشاوى الانتخابية أمام اللجان. وغلبت على عدد من المضامين الصحافية صورة تحمل تشويه المعارضين والرافضين للتعديلات الدستورية".

وفي السياق نفسه، أكدت "مؤسسة حرية الفكر والإعلام" أن تراجع أعداد الانتهاكات خلال الشهور الأخيرة لا يعبّر إطلاقاً عن تغير سياساتي في تعامل السلطات المصرية مع الصحافيين، بقدر ما يعبر عن الواقع الذي آلت إليه أوضاع حرية الصحافة والإعلام في ظل سيطرة الدولة على الكثير من وسائل الإعلام، بالإضافة إلى حالة القمع التي تعرض لها الصحافيون خلال الفترات السابقة، والتي زادت مع صدور لائحة جزاءات "المجلس الأعلى للإعلام"، في 18 مارس/ آذار الماضي.

المساهمون