ضغوط شديدة لتجديد برامج تحفيز الاقتصاد الأميركي

ضغوط على إدارة ترامب لتجديد برامج تحفيز الاقتصاد الأميركي

20 يوليو 2020
سيدة توزع الطعام المجاني في أحد أحياء لوس أنجليس الفقيرة (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تقترب فيه العديد من برامج تحفيز الاقتصاد الأميركي من الانتهاء، تتسارع الجهود على كل الأصعدة من أجل تمديد بعض تلك البرامج، أملاً في استكمال مسيرة استعادة النشاط، بينما يخشى البعض تفاقم تأثيرها السلبي على عجز الموازنة.

وكان قد تم إقرار هذه البرامج في مارس/ آذار الماضي الذي شهد ذروة تأثير أزمة انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد. وبعد أن أقر الكونغرس برنامج تعويضات بطالة سخية لمن فقدوا وظائفهم خلال فترة انتشار الوباء، أو بسبب الجهود المبذولة لاحتوائه، ضمن قانون الأمن الاقتصادي والتخفيف والمساعدات الخاص بفيروس كورونا، المعروف اختصاراً باسم CARES، يضمن لهم الحصول على ما يقرب من 50% من دخلهم قبل فقدان وظائفهم، بالإضافة إلى 600 دولار أسبوعياً للمستحقين، عملاً على تحفيز الإنفاق الاستهلاكي الذي يعتبره الأميركيون السبب الرئيس في الانتعاش الاقتصادي خلال 11 عاماً مضت، يصل البرنامج إلى نهايته، بينما يضغط كثيرون من أجل مده لبضعة أسابيع إضافية. 
وأرسل حكام الولايات يوم الجمعة رسائل إلكترونية لمستحقي تلك الإعانات، كل في ولايته، أكدوا فيها أن الأسبوع الحالي هو الأخير الذي يتم صرف هذه المبالغ، ما لم يتفق الحزبان الجمهوري والديمقراطي على تجديد البرنامج. لكن بدا واضحاً أن العديد من الأصوات المؤثرة في واشنطن تؤيد تجديد البرنامج الذي ساعد أكثر من 25 مليونا على التعايش مع الأزمة خلال الشهور الماضية، رغم انقطاع أرزاقهم.
ويوم الجمعة، قالت جانيت يالين، الرئيس السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي: "صراحة أنا أعتقد أن عدم مد برنامج تعويضات البطالة الاستثنائية سيكون بمثابة كارثة"، وأكدت، مخاطبةً أعضاء لجنة فرعية بمجلس النواب، مختصة بمتابعة تأثيرات أزمة الفيروس، من خلال تقنية الفيديو كونفرانس، أن هذه التعويضات كانت حبل إنقاذ لمن فقدوا وظائفهم، وأن "الاقتصاد الأميركي يحتاج للإنفاق الذي يمكن أن يقوم به هؤلاء". وفي نفس الجلسة، التي تعد الأولى لهما منذ تركهما منصبهما، أيد بن برنانكي، الرئيس الأسبق للبنك موقف يالين، في ضرورة مد فترة تلقي تعويضات البطالة الاستثنائية، ممتدحاً مشرعي القوانين على حجم وسرعة رد فعلهم للأزمة الاقتصادية عند ظهور علاماتها الأولى قبل نهاية الربع الأول من العام. 

وتحملت الحكومة الفيدرالية منذ منتصف مارس الماضي ما يقرب من 10 مليارات دولار من تعويضات البطالة الاستثنائية كل شهر وفقاً للقانون الذي أقره الكونغرس.
وبعد أن منحت الحكومة الأميركية شركات الطيران ما يقرب من 25 مليار دولار، وأقرضتها مبلغاً مماثلاً، لمساعدتها على الاحتفاظ بالعمالة لديها خلال فترة تراجع، وربما توقف إيراداتها، حتى آخر سبتمبر/ ايلول القادم، ومع إعلان بعض الشركات نيتها تسريح بعض موظفيها اعتباراً من بداية أكتوبر/ تشرين الأول، تقدم العديد من اتحادات العاملين في شركات الطيران بطلبات لمد برامج المساعدات للشركات من أجل تقليل عدد المسرحين بأكبر قدر ممكن. 
والأسبوع الماضي، أخبرت يونايتد إيرلاينز أكثر من 35 ألفاً من موظفيها، يمثلون 45% من قوة العمل لديها في الولايات المتحدة، باحتمالات تسريحهم في وقت قريب، وفعلت أميركان إيرلاينز الأمر نفسه مع ما يقرب من 25 ألف موظف لديها. 
وبعد أن مدت الفترة المسموح فيها للشركات الصغيرة بالتقدم للحصول على قروض من خلال برنامج حماية الأجور، PPP، حتى 8 أغسطس/آب القادم، تشير التوقعات إلى اضطرار الحكومة الأميركية للمد مرة أخرى، حيث لم تتمكن من منح كامل المبلغ المخصص للبرنامج، والبالغ نحو 600 مليار دولار، يتبقى منها حالياً أكثر من 100 مليار تبحث عمن يقترضها. 

بلغ عجز الموازنة الأميركية ما يقرب من 2.74 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد

 

وبخلاف هذه البرامج، نص قانون CARES على تأجيل، أو في بعض الأحيان إلغاء، سداد العديد من أقساط القروض الحكومية الخاصة بالطلبة، والتي تقترب قيمتها من 1.2 تريليون دولار، حتى نهاية سبتمبر/ ايلول المقبل. ومع توفير الإجراء الحكومي لما يقرب من 7 مليارات دولار شهرياً في أيدي المدينين، تعرف الحكومة أنها تمثل قوة دافعة للنمو الاقتصادي المتعثر، ولا يتوقع أحد أن تخلو أي حزمة جديدة من قرار بمدها، لثلاثة شهور أخرى على أقل تقدير.

ورغم استقرار معدل البطالة الأميركي خلال العام الماضي 2019 عند أدنى مستوياته في ما يقرب من نصف قرن، تعثر أكثر من 20% من الحاصلين على قروض الطلبة في السداد.

وعلى نحو متصل، تتعرض أقساط الرهن العقاري، البالغة 55 مليار دولار شهرياً، والإيجارات الشهرية، التي جمدتها الحكومة الفيدرالية في عقاراتها حتى الأسبوع الأخير من يوليو/ تموز الحالي، لمخاطر عدم السداد في حالة عدم مد الحكومة الفيدرالية لبرامجها الهادفة للتخفيف على المواطنين.

وتشير التوقعات إلى تزايد احتمالات مد فترة التأجيلات في قانون حزمة الإنقاذ المنتظرة، والمتوقع صدوره قبل نهاية الشهر الجاري، وتحديداً بعد أن قامت وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية، التابعة للحكومة، بمد فترة عدم جمع الإيجارات، من الأسر المؤمن على قروضها العقارية من الحكومة، حتى نهاية الشهر القادم.

ورغم ما يبدو من توافق بين الحزبين على ضرورة تجديد أغلب تلك البرامج، كما التوسع في تقديم مدفوعات نقدية للأسر التي يقل دخلها عن مستوى معين، تجد الإدارة نفسها في موقف لا تحسد عليه، بعد أن سجلت الموازنة العامة أكبر عجز في تاريخها خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، بقيمة تتجاوز 864 مليار دولار، وهو ما يتجاوز قيمة أغلب العجوزات التي تم تحقيقها في تاريخ الولايات المتحدة في عام كامل. 
وبانقضاء ثلاثة أرباع العام المالي، بلغ عجز الموازنة الأميركية ما يقرب من 2.74 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وهو ما يؤكد تجاوزه مبلغ 3.7 تريليونات دولار الذي توقعه مكتب الموازنة التابع للكونغرس للعام كاملاً قبل ما يقرب من شهرين.

ويمثل العجز الأعلى في تاريخ أميركا، أكثر من 250% من أكبر عجز تم تسجيله من قبل، وكان 1.4 تريليون دولار، في اعقاب الأزمة المالية العالمية في 2009.

المساهمون