عهد التميمي... أيقونة عرب الخارج

عهد التميمي... أيقونة عرب الخارج

19 فبراير 2018
+ الخط -



يحاول العرب الموجودون في دول الاغتراب تعزيز مقومات الهوية المفقودة، من لغة وتاريخ ولباس وأغان، ولكل هذا توزع الجالية العربية صور عهد التميمي، تلك الطفلة التي بكل جرأة استطاعت أن تجعل مراهنة إسرائيل على موت القضية مع التقادم الزمني، مراهنة خاسرة.
لكل هذا، توزع الآن في كل مواقع التواصل والسوشيال ميديا صور عهد التي تعري الفكر الاستعماري أمام العالم، وتسقط كل ما حاوله هذا الفكر من طمس لهذا الوعي العميق للهوية الحضارية.

تراهن دولة الاحتلال على كسر مقومات الهوية للأجيال الفلسطينة القادمة نهائيا، كي تضمن بذلك انهيار كل مقومات وجود شعب هو من أعرق شعوب الأرض، هي تدرك تماماً أن الانسان حين يفقد دعائم هويته الحضارية، سيفقد ذاته، ويفقد قدرته على أية مواجهة، وسيتحول الى كائن ضائع، مقزوم الأحلام والشخصية، متخبط يأكل نفسه بنفسه، وغير قادر على تحقيق أي فعل جمعي، وعلى تحقيق أي انتصار.


لقد قدَّم عالِم النفس الاجتماعي "تاجفل" نظريَّة الهويَّة الاجتماعية عام 1972؛ بأنَّها: "جزء من مفهوم الذَّات لدى الفرد، يُشتقُّ من معرفته بعضويَّته للجماعة أو الجماعات، مع اكتسابه المعاني القيميَّة والوجدانيَّة المتعلِّقة بهذه العضوية، وذلك في علاقته بالتكوين الاجتماعيَّ الذي ينتمي إليه، والتي عن طريقها يتعرَّف عليه الآخرون"، وبالتالي فالهوية هي عبارة عن كيان يصير ويتطوَّر، إمَّا في اتِّجاه الانكماش، وإمَّا في اتِّجاه الانتشار والنمو.

ووفقًا لـ"أمارتيا صن" فإنه يمكن أن يقدِّم الشعورُ بالهويَّة مساهمةً مهمَّة لجعل العلاقة مع الآخرين قويَّة ودافِئة، وهذا ينطبق على العلاقة بين المواطنين أنفسهم من أبناء الوطَن الواحد، باعتباره أحد مصادِر "الثَّروة" مثله مثل رأس المال إذ يراهن عليه بإعادة إحياء الشعوب لذاتها ولقدراتها ولشخصيتها الحضارية، وقد أضاف تلجفل أن زرع وتأكيد الانتماء هما صمام الأمان لبقاء الشعوب، لذا قيل "إن روح الشعب تكمن في تراثه الشعبي» و"إن شعبًا بلا هوية، هو شعب بلا وجود"، فمعرفة الذات وتوكيدها والبحث عنها، هي مسألة حضارية ضرورية لأن فِقدان الهويَّة واضطرابِها وأزمتها، تؤدي إلى شعور الفرد بالعزلَة والاغتراب واليأسِ والتشاؤم، فيبدأ عندها انحلال الشخصيَّة، وتتضح معالم ازدواجيَّتها، وينمو في داخلها صراع القِيَم ويحولها الى شخصية مترددة،عصبية، متطرفة، سلبية تجاه كل ما يحيط بها، كارهة لكل مفهوم الوطن والانتماء، ويحول المجتمع كله إلى مجتمع مفكك، متحارب، طائفي، وقبلي.

المساهمون