فنزويلا... حرب أهلية مؤجلة حتى إشعار آخر
شبه الاستقرار الذي تعيشه أميركا الجنوبية في السنوات الأخيرة، على الرغم من الأزمات الاقتصادية العاصفة ببعض بلدانها، لا ينعكس على فنزويلا، التي تبدو مشاكلها في حقبة ما بعد رئيسها الراحل هوغو تشافيز، أصعب مما كانت عليه في أيامه. لم تكن الأشهر الأخيرة في كاراكاس سهلة على الفنزويليين، الذين يمرّون بأصعب فتراتهم الاقتصادية، خصوصاً مع تصاعد الجدال بين الرئيس نيكولاس مادورو والمعارضة، على خلفية سعي الأخيرة إلى دفع المجلس الوطني الانتخابي للسماح بفتح أبواب التواقيع على استفتاء حول بقاء مادورو أو إقالته. لكن لم تنجح المعارضة في محاولاتها مع المجلس، مع تجميد الرئيس عملية الاستفتاء ضده. دفع ذلك المعارضة إلى العمل عن طريق البرلمان، الذي تسيطر عليه، فصادق الأخير في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على إطلاق عملية عزل مادورو، مطالباً باستدعائه للمثول أمامه، أمس الثلاثاء. بالطبع، لم يقبل مادورو دعوة البرلمان، من دون أن يردّ شخصياً، بل ترك الأمر للجيش الفنزويلي، الذي أعلن على لسان وزير الدفاع، فلاديمير بادرينو لوبيس، عن دعمه للرئيس مادورو، نافياً وجود أي انتهاك لدستور البلاد من قبله.
سياسياً، قد تُحلّ الأمور سريعاً، لكن الوضع الاقتصادي بات مثار قلق بالغ لفنزويلا. الأرقام تتحدث، فحين كان سعر برميل النفط يناهز الـ100 دولار قبل ثلاثة أعوام، كان الوضع الاقتصادي في فنزويلا الغنية بالنفط ممسوكاً، على الرغم من وجود فئة كبيرة تحت خط الفقر. غير أنه مع تراجع أسعار النفط حتى 48 دولاراً للبرميل الواحد مطلع عام 2015، تراجعت مداخيل الحكومة بشكل مخيف، ما دفعها إلى سلوك خطوة مالية خطرة، مع استصدارها عملة ورقية من دون غطاء احتياطي، ليزداد التضخم بنسب عالية. بالتالي، لم يعد غريباً تحول ملايين الفنزويليين إلى كسب قوتهم عن طريق عمليات تجارية صغيرة، أقرب إلى المبادلة التي كانت سائدة في العهود الأولى للتبادل التجاري. ومنهم من ينتظر ساعات من أجل الحصول على مقادير صغيرة من أغذية مدعمة ثم إعادة بيعها، والمتاجرة بالعملات في سوق مواز، وبيع سلع مسروقة. فنزويلا باتت تتحوّل إلى بلد "بدائي"، لا بلد "في طور النمو"، وتعويلها على حوار 11 نوفمبر، قد يكون خطوة في مسارٍ طويل.