نقص السواعد يهدد القطاع الزراعي في الجزائر

نقص السواعد يهدد القطاع الزراعي في الجزائر

23 أكتوبر 2016
أصحاب المزارع يشكون نقص الأيدي العاملة (Getty)
+ الخط -

 

 

يواجه قطاع الفلاحة في الجزائر، نفور اليد العاملة منه، ما خلق أزمة في ميدانٍ تراهن عليه الحكومة كثيرا لإنعاش اقتصاد البلاد، التي تعاني من أزمات مالية بسبب تراجع إيرادات النفط، جراء استمرار تدني أسعار بيع الخام عالمياً.

وحسب آخر الأرقام الصادرة عن الديوان الجزائري للإحصائيات، فإن قطاع الفلاحة يُشغل حالياً حوالي 1.2 مليون شخص ما يمثل 8.7% من اليد العاملة في البلاد، بعدما كان يُشغل 2.5 مليون عامل سنة 2013، منهم 1.9 مليون دائمون والباقي عمالة موسمية.

ويبلغ العجز الذي سجله قطاع الفلاحة منذ بداية العام، حسب وزارة الفلاحة والصيد البحري حوالي 800 ألف يد عاملة، ما جعل أصحاب الأراضي والمستثمرات على وجه الخصوص في مواجهة أزمة حادة مع بداية ونهاية كل موسم فلاحي تحديدا عند غرس المحصول وجنيه.

ويؤكد عليوي محمد، رئيس الاتحاد الجزائري للفلاحين في حديث مع "العربي الجديد" أن " العجز يرتفع بحوالي 150 ألفا إضافية في موسم الحصاد وجني الثمار" عن المعدلات الذي أعلنته وزارة الفلاحة والصيد البحري.

ويقول محمد إن نقص اليد العاملة أدى إلى تأخر الكثير من الفلاحين في حصد مزارع القمح في الموسم الماضي، ما نتج عنه ضياع حوالي 18% من المحصول.

وحسب التوزيع الجغرافي، فإن محافظات شرق الجزائر، هي الأكثر تضرراً من نقص اليد العاملة في قطاع الفلاحة، تليها الجنوب الجزائري، الذي أصبح كبار الفلاحين فيه يعانون في بداية كل موسم في إيجاد عمال يتكفلون بجني ثمار التمر ووضعه في الصناديق تمهيدا لتسويقه، ما أدى إلى فساد الثمار الذي ظل بالنخيل دون جني.

ويعاني عمار بلعطار، صاحب مستثمرة (مزرعة) للطماطم، على غرار المئات من الناشطين في مجاله من مشكلة نقص اليد العاملة، التي باتت تؤثر سلباً على القطاع الفلاحي، وحتى على القطاعات المتصلة به كالصناعات الغذائية التحويلية.

ويتكرر المشهد نفسه حسب بلعطار، عند موعد جني المحصول، ما يؤدي إلى تلف المحاصيل في الأرض، لافتا إلى أن ضياع المحصول أصبح يؤرق الفلاحين الذين بات يصعب عليهم العثور على من يتكفل بعملية الغرس والجني.

ويقول بلعطار الذي توجد مزرعته في محافظة "أم البواقي" على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة الجزائر إن "الصعوبات التي يواجهها الفلاحون تحولت من مشاكل تقنية إلى مشاكل متعلقة بالعامل البشري".

ويعزو خبراء في القطاع الفلاحي، عزوف الجزائريين، لا سيما من فئة الشباب عن العمل في الزراعة، إلى تدني الأجور مقارنه مع القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى مخططات تشغيل الشباب التي وضعتها الحكومة.

ويقول عيسى عامر منصور، الخبير في الفلاحة إن "الحكومة شاركت من حيث لا تدري في ارتفاع العجز في اليد العاملة في قطاع الفلاحة، بعد إطلاقها لبرنامج دعم وتشغيل الشباب المعروف باسم (الاونساج)، حيث سهلت على الشباب الحصول على قروض لإنشاء شركات صغيرة دون مراعاة الطابع الجغرافي ولا التكوين الدراسي والمهني للشباب، وبالتالي أصبح الشباب يفضل الحصول على قروض مصرفية طويلة الأمد بدلا من العمل في المزارع".

وأمام هذه الوضعية، لم يجد الكثير من الفلاحين وأصحاب الحقول والمزارع حلاً، سوى الاستنجاد باليد العاملة الأجنبية من أفارقة مهاجرين ومغاربة، بل دعا بعض الفلاحين والمستثمرين إلى السماح باستصدار رخص عمل رسمية لجلب العمالة الأجنبية، وهو الخيار الذي تبناه المزارع أخضر غوماري من محافظة البويرة (100 كم جنوب شرق العاصمة).

ويقول غوماري "نفضل تشغيل أفارقة مهاجرين بأجرة يومية بدلا من تضييع الوقت في التفاوض مع شباب عاطل لا يرغب في العمل، رغم عدم وجود أي فرص لهم خارج هذا القطاع".

ويضيف المزارع في حديث إلى "العربي الجديد" أن "شباب المنطقة أصبح كله يتكلم عن قروض الاونساج، أو التوجه إلى المدن الكبرى للعمل في المقاهي ومحلات الأكل والحلاقة، عوضا العمل في البيئة التي نشأ فيها".

وتعرض قطاع الفلاحة في الجزائر للتقشف على غرار باقي القطاعات الأخرى، بعد أن تقلصت الميزانية التي خصصتها الحكومة للقطاع في العام المقبل 2017 إلى 212 مليار دينار ( 1.9 مليار دولار)، مقابل 254 مليار دينار (2.3 مليار دولار) خلال العام الحالي، بالرغم من مراهنة الجزائر على القطاع بجانب الصناعة والسياحة لفك ارتباط الاقتصاد الجزائري بأموال النفط التي تشكل 94% من مداخيل البلاد، وذلك إثر انخفاض أسعار النفط عالميا بأكثر من النصف منذ منتصف عام 2014.

دلالات

المساهمون