هذه أسباب اعتقال عميد الشرطة المصري السابق محمود قطري

هذه أسباب اعتقال عميد الشرطة المصري السابق محمود قطري

28 نوفمبر 2017
عميد الشرطة المصري السابق محمود قطري (فيسبوك)
+ الخط -


"هل تضييق الحكومة على الميديا المحلية يدفع إلى قنوات تركيا وقطر ومثيلاتهما؟ النتيجة أن الحكومة تطعن نفسها بيدها. لا بيد عمرو"، كانت هذه آخر كلمات عميد الشرطة السابق، محمود قطري، على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"، قبل اعتقاله بواسطة قوة من جهاز الأمن الوطني، لانتقاده القصور الأمني المتكرر في العمليات الإرهابية الأخيرة.

وفي آخر مداخلة له على فضائية "مكملين" التي تبث من تركيا، قال قطري إنه يجب إعادة النظر في استراتيجية مكافحة الإرهاب، التي يتبعها النظام الحالي، بعد إثبات فشلها، في ضوء غياب التأمين على الأرض، وتوقع ضرب الإرهاب لأي منشآت، مستنكراً تصريحات قيادات أمنية مصرية بعدم توقع الهجوم على أحد المساجد في سيناء، باعتبار أن النظام مسؤول عن حماية المواطنين من كافة الجرائم بصفة عامة.

ورفض قطري اتجاه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي للاستعانة بالقبائل الليبية، لتأمين الحدود الغربية لبلاده، بعد تسليحها، معتبراً أنه قرار خاطئ أمنياً، ويخلق بذور لمليشيات مسلحة تُعرض الحدود المصرية للأخطار، علاوة على زيادة عمليات التهريب.

ووفقاً لرواية زوجته، عفاف حجازي، فإن قوات الأمن داهمت مسكنهما بمدينة دمنهور، بقوة أمنية قوامها 20 ضابطاً، و6 سيارات شرطة، واعتقال زوجها في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، من دون إظهار إذن النيابة العامة، والتحفظ على السلاح الشخصي الخاص به، وجهاز الحاسب الآلي، والهواتف المحمولة، واقتياده إلى مقر جهاز الأمن الوطني بمحافظة البحيرة للتحقيق معه.




وكتب ضابط الشرطة السابق، محمد محفوظ، على "فيسبوك": "التصريحات المتكررة عن السلبيات التي تُعاني منها وزارة الداخلية من بعض ضباط الشرطة- وللأسف هم قلة- تزعج الجنرالات، باعتبارها تصريحات معادية للوزارة، كوننا أقلية مارقة متمردة خرجت عن الخط الذي رسمته لضباطها، وأفرادها".

وأضاف محفوظ أن "جهاز الشرطة خرج من تحت جناح الشعب إلى خدمة النظام، ومن يجلس على كرسي الحكم. وها هو العميد قطري أصبح من نزلاء سجون السيسي، ولا أحد يدري على من سيكون الدور القادم. فسجون السيسي مثل جهنم، كلما قلنا لها: هل امتلأتِ؟ تقول: هل من مزيد؟!".




ونظراً للتضييق على ظهوره ببرامج القنوات الفضائية، ومنع نشر آرائه في المواقع الإلكترونية، والصحف المحلية، في أعقاب استيلاء الجيش على السلطة بمنتصف عام 2013، لجأ قطري لطرح أفكاره من خلال المداخلات الهاتفية مع قنوات "الجزيرة، والشرق، ووطن، ومكملين، والحوار"، المحسوبة على المعارضة المصرية، للحديث عن أهمية تطبيق منظومة للأمن الوقائي، بهدف منع الجريمة قبل وقوعها.

ودأب قطري على توجيه الانتقادات لمنظومة الأمن في مصر خلال الفترات الأخيرة، خاصة بعد الاعتداء المسلح على المصلين بمسجد الروضة في شمال سيناء، الذي أودى بحياة 309 من المدنيين، الجمعة الماضية، مؤكداً أن منظومة الأمن الوقائي هي أفضل الحلول لمواجهة الجرائم الجنائية، والإرهابية، على حد سواء.

كان قطري أحد المقربين من الإعلامي إبراهيم عيسى، وضيفاً شبه دائم بمقر صحيفة "الدستور" التي كان يترأس تحريرها الأخير قبل اندلاع الثورة المصرية، ونشر بها العديد من المقالات، والآراء حول حتمية إعادة هيكلة جهاز الشرطة.
ومنعت أكاديمية الشرطة محاولة قطري للاعتصام داخلها قبل 7 سنوات، لمطالبته بإنشاء نقابة لضباط الشرطة، تدافع عنهم من القرارات التعسفية التي يتعرضون لها، بعد رفض المذكرة التي تقدم بها إلى لجنة فض المنازعات، ما دفعه لرفع دعوى قضائية ضد وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، أمام محكمة القضاء الإداري، لمعرفة أسباب الرفض غير المبرر.




وأُجبر قطري على تقديم استقالته من الخدمة بوزارة الداخلية برتبة عميد، بعد إصداره كتاباً حمل عنوان "يوميات ضابط شرطة في مملكة الذئاب"، إذ يعد من أوائل ضباط الشرطة، الذين نادوا بتطهير وزارة الداخلية، واحترام دولة القانون، والحريات، وحقوق الإنسان، قبل اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011.

وتعرض الكتاب إلى الأساليب البشعة للتعذيب في حق المواطنين بأقسام الشرطة، ومقار الاحتجاز، مثل تعليق المشتبه بهم من أرجلهم في وضع مقلوب، حتى تحتقن وجوههم، وتتلون باللون الأحمر من شدة تدفق الدماء إلى الرأس، وتوصيل أسلاك الكهرباء إلى الأعضاء التناسلية لهم، حتى يعترف المتهم على نفسه، ليس فقط من شدة الألم، وإنما خوفاً أيضاً على فقد ذكورته.
وكشف قطري عن العديد من وسائل التعذيب الأخرى، مثل سجن المواطن فى مكان بعيد عن قسم الشرطة، حتى لا يصل إليه أحد، معتبراً أن الحبس الاحتياطى هو "عار على جبين الشرعية، والدستور، والقانون"، كونه يُتيح سجن المواطنين من دون أي مبرر لمدة تصل إلى عامين، قبل أن تثبت إدانتهم.

ودعا في كتابه، إلى ضرورة إجراء تغيير شامل فى فكر وفلسفة أجهزة الشرطة، وكلياتها، وإعداد الطالب من خلال دراسة العلوم الشرطية الحديثة، والتدريب عليها، وليس بالتدريب العنيف بهدف تحويل دارس الشرطة إلى وحش آدمي، واختيار الطلبة من بين الحاصلين على ليسانس الحقوق، وإلغاء التدريبات التي لا تفيد إلا في فض التظاهرات، ومطاردة عصابات الجبال.