مفكرة المترجم: مع يارا المصري

مفكرة المترجم: مع يارا المصري

03 مارس 2022
يارا المصري
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم. "أحلم بترجمة قدر ما أستطيع من الأدب الصيني المعاصر، ربما يكون أساساً في المكتبة العربية ولأجيال قادمة" تقول المترجمة المصرية في حديثها إلى "العربي الجديد".


■ كيف بدأت حكايتكِ مع الترجمة؟

- بدأتُ الترجمة عام 2011، بعد عودتي من الدراسة في الصين. وكانت البداية بترجمة نصوص قصيرة بين القصّة والشعر. 
  

■ ما هي آخر الترجمات التي نشرتِها؟ وماذا تترجمين الآن؟

- آخر ترجمة صدرت لي روايةٌ بعنوان "الحبّ في القرن الجديد" لـ تُسان شيِّيه عن دارَيْ "سرد" و"ممدوح عدوان". وتصدر لي قريباً رواية بعنوان "قاموس ماتشياو" للكاتب الصيني هان شاو غونغ، وطبعة مزيدة ومنقّحة من "أحتضن نمراً أبيض وأعبر المحيط"، وهي مختارات من أعمال الشاعر الراحل خاي زي.


■ ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟

- لعلّ أكبر عقبة تواجه المترجم العربي هي تقدير مِهنته ومهمّته، من حيث مكافأة الجهد، ومن حيث النشر والانتشار، ليس فقط في الترجمة الإبداعية، ولكن في الترجمة الفكرية والعِلمية وغيرها. وثمة مؤسّسات لنشر الترجمة للأسف يبقى فيها العمل المُترجَم لعدّة سنوات قبل نشره، بالإضافة ــ بالطبع ــ إلى المحظورات الكثيرة في العالم العربي، والتي تجعل من الترجمة أحياناً عملاً شائكاً للغاية.


■ هناك قول إن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتكِ بعد الانتهاء منها؟

- دور المحرّر ضروري جدّاً في عملية نشر الكتاب: إذا لم يكن من أجل التدقيق اللغوي والمعرفي، فإنه عينٌ ثانية تقرأ النصّ. أجل، يحرّر والدي ترجمتي بعد الانتهاء منها، وأعمل كذلك مع محرّر الدار التي ستنشر الكتاب.

يحتاج المترجم العربي إلى مزيد من تقدير مهنته ومهمته

■ كيف هي علاقتكِ مع الناشر، ولا سيّما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟

- كنتُ محظوظة في التعاون مع ناشرين أتاحوا لي فرصة نشر العناوين التي رأيتها مناسبة أو ذات أهمية، وتقديم كتّاب غير معروفين للقارئ، بل وترجمة أكثر من عمل لهم، مثل الكاتب سوتونغ.


■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختياركِ للأعمال التي تترجمينها؟ وإلى أي درجة تتوقفين عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟

- الاعتبار الأوّل والأخير الذي يحكم اختياري للأعمال التي أترجمها هو "الإبداع" ومدى رؤيتي لأهمّية هذا العمل أو ذاك للقارئ العربي. نحن ننظر أحياناً لبعض الأعمال من منظور أيديولوجي إن جاز التعبير، وهذا المنظور لا يعنيني كثيراً، وكلّ الأعمال الإبداعية، إن لم تحمل موقفاً سياسياً، فهي على الأقلّ تحمل موقفاً من الحياة، وهذا الأخير ما يعنيني.

الصورة
شيء اسمه حجر - القسم الثقافي

■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجمين له؟ 

- تربطني علاقات طيّبة وودّية مع كتّاب صينيين من الذين لم أترجم لهم، وممَّن ترجمت لهم، أو بمحرّري أعمالهم، مثل الشاعر شي تشوان، محرّر أعمال الشاعر خاي زي؛ ترجمتُ مختارات من قصائد شي تشوان أيضاً، بعنوان "معابد معتمة". 
 

■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟

- يلعب المترجم أدواراً مختلفة قبل وأثناء وبعد الترجمة، فالمترجم يكون ناقداً وكاتباً ومحرّراً أيضاً. ليس لدي إنتاج في مجال التأليف، ولكن لديَّ أسلوبي في الترجمة بما لا يتعارض مع النص الأصلي، وأعتقد أن هذا ما يميّز مترجماً عن آخر، التمكن من اللغة المترجَم إليها وأسلوبه الخاص. 

 
■ كيف تنظرين إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟

- أرى جوائز الترجمة دفعة معنوية للمترجم قبل أن تكون مكافأة مادية. حصلتُ على "جائزة أخبار الأدب" عام 2016 وعلى "جائزة الإسهام المتميّز في الكتاب الصيني ـ فئة الشباب" عام 2019، كما حصلت ترجمتي لرواية "الحبّ في القرن الجديد" على "جائزة الشيخ حمد للترجمة" في دورة 2021. هذه الجوائز ليست تكريماً لي فقط، بل تكريمٌ كذلك لكلّ المترجمين الشباب في مصر والعالم العربي.

جوائز الترجمة دفعة معنوية للمترجم قبل أن تكون مكافأة مادية

■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظرين إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية؟ وما الذي ينقصها برأيك؟

- الترجمة المؤسّساتية مهمّة للغاية، إذ يمكن للمؤسّسات تحمّل المخاطرة أكثر من المشاريع الفردية، بالإضافة إلى قدرتها على الطبع والتوزيع والوصول إلى القارئ. ولدينا في هذا المجال تجربة مهمّة في مصر، هي "المركز القومي للترجمة"، لكنّه محكوم بالروتين الحكومي.
 

■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسيرين وفقها كمترجمة؟ وهل لك عادات معينة في الترجمة؟

- ليست لديّ عادات معيّنة في الترجمة؛ أسير وفقاً للقواعد التي يسير عليها معظم المترجمين. أقرأ العمل المراد ترجمته وأقرأ عن الكاتب وخلفيّة العمل. أترجم ـ وهذا الأنسب بالنسبة إلى وقتي ـ ما يقارب ألف رمز صيني كلّ يوم، وبعد الانتهاء من ترجمة النصّ، أبدأ المراجعة، وأتواصل مع الكاتب أو أصدقائي في الصين إن كان ثمّة أسئلة، ثم أبدأ في العمل على كتابة المقدّمة.

الصورة
الفرار في عام ١٩٣٤ - القسم الثقافي

■ كتاب أو نصّ ندمتِ على ترجمته ولماذا؟

- لم أندم مطلقاً على أيّ عمل ترجمته. 


■ ما الذي تتمنينه للترجمة إلى اللغة العربية؟ وما هو حلمكِ كمترجمة؟ 

- حُلمي كمترجمة هو ترجمة قدر ما أستطيع من الأدب الصيني المعاصر؛ ربما يكون أساساً في المكتبة العربية وللجيل القادم من المترجمين.


بطاقة

مترجمة مصرية، من مواليد الإسكندرية عام 1988. درست اللغة الصينية في "كلّية الألسن" بـ"جامعة عين شمس" في القاهرة و"جامعة شاندونغ للمعلّمين" في مدينة جينان بالصين. صدر لها العديد من الترجمات من الصينية إلى العربية: "العظام الراكضة" لـ آشه (مجموعة قصصية، 2015)، و"رياح الشمال" لبينغ يوان (مجموعة قصصية، 2016)، و"الذوّاقة" لو وين فو (رواية، 2016)، وثلاث روايات لـ سوتونغ: "الفرار في عام 1934" (2017)، و"زوجات ومحظيات" (2017)، و"حياة أخرى للنساء" (2018)، إضافة إلى ثلاثة كتب من المختارات الشعرية: "أحتضن نمراً أبيض وأعبر المحيط" للشاعر الراحل خاي زي (2017)، و"معابد معتمة" لـ شي تشوان (2018)، و"شيء اسمه حجرٌ، يليه كوكب مصر" لـ أويانغ جيانغ خي (2019). آخر ما صدر لها ترجمة رواية "الحب في القرن الجديد" لـ تُسان شيِّيه (2021). حاصلة على "جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي" في حقل الترجمة من الصينية إلى العربية (2021).

المساهمون