الاقتصاد الهندي يئن تحت ضربات كورونا والعالم قلق

الاقتصاد الهندي يئن تحت ضربات كورونا والعالم قلق

29 ابريل 2021
حركة ضئيلة في أسواق نيودلهي والشرطة تقيد المرور
+ الخط -

بينما يتزايد القلق العالمي من موجة الانتشار السريع لجائحة كورونا في الهند مع ضخامة عدد الإصابات الذي تجاوز 350 ألفا في بعض الأيام، بدأت مؤسسات بحثية تراجع توقعاتها لنمو الناتج المحلي الهندي خلال العام المالي 2021 ـ 2022. من بين المؤسسات "أوكسفورد إيكونومكس" التي خفضت توقعاتها لنمو الناتج المحلي الهندي من 11.8% إلى 11.2%.

وهنالك قلق حقيقي من تداعيات تدهور الاقتصاد الهندي على دورة انتعاش الاقتصاد العالمي برمته، إذ إن الهند باتت دولة مؤثرة من حيث حجمها الاستهلاكي والتصديري في العالم، كما تصنف على أنها صاحبة أقوى خامس اقتصاد على مستوى العالم.
ويقدر البنك الدولي حجم الاقتصاد الهندي بنحو 2.869 تريليون دولار وعدد السكان بنحو 1.39 مليار نسمة. وهي بهذا الحجم تعد من بين الدول المؤثرة في أسعار السلع عالمياً، إذ إن الهند من بين البلدان الرئيسية المستهلكة للنفط والغاز في العالم، وهي ثالث دولة من حيث حجم واردات الطاقة في آسيا بعد الصين واليابان.
وكان هنالك تفاؤل بأن تكون الهند من بين الماكينات المحركة للنمو الاقتصادي العالمي بعد تفشي جائحة كورونا في الصين في بداية العام الماضي وحتى بعد النجاحات التي حققتها العام الماضي في محاصرة تفشي الفيروس. ويلاحظ أن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي أصدره البنك الدولي في اجتماعات الربيع الأخيرة رفع توقعاته لنمو الاقتصاد الهندي خلال العام المالي الجاري من 4.7% إلى 10.1%.
وكانت عمليات الإغلاق وتقييد الحركة التي نفذتها الهند في العام الماضي قد رفعت نسبة البطالة في البلاد إلى 23%، ورغم أن البطالة تراجعت بعد فتح الاقتصاد إلى 6.9% خلال شهر إبريل/ نيسان، لكنها لا تزال مرتفعة في الريف الهندي عند مستوى 10%، وفق بيانات نشرتها أمس الأربعاء، صحيفة "غلوبال تايمز" الهندية. وتشكل البطالة تحدياً كبيراً للاقتصاد الهندي الذي ينخفض فيه معدل دخل الفرد ويتزايد فيه الفقر خاصة بالمقاطعات المزدحمة بالسكان.
وربما يعيد الانتشار السريع للموجة الثانية من فيروس كوفيد 19 الاقتصاد الهندي إلى عمليات إغلاق واسعة لنشاط الشركات والأعمال التجارية، وبالتالي تعود دورة الاقتصاد إلى الكساد بعد آمال الانتعاش.
وسجلت الهند إصابات جديدة قياسية يوم الثلاثاء بلغت 323.144 إصابة، وهو معدل قياسي يتواصل لليوم الخامس على التوالي. وحسب بيانات نشرتها قناة " سي أن بي سي" الأميركية بلغ إجمالي عدد الإصابات في البلاد 17.6 مليون إصابة حتى يوم الثلاثاء. ويتوقع اقتصاديون أن تقود الموجة الثانية من فيروس كورونا إلى انكماش الاقتصاد الهندي بنسبة 1.55% خلال الربع الثاني من العام الجاري. ولكن رغم ذلك تتوقع مؤسسة " دي بي أس"، أن يتمكن الاقتصاد من النمو بنسبة 10.5% للسنة المالية التي تنتهي في 31 مارس/ آذار 2022.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وهنالك العديد من المؤشرات السالبة التي تدل على أن الاقتصاد الهندي بات يعاني بشدة من التفشي السريع لجائحة كورونا. من بين هذه المؤشرات تراجع عمليات شحن البضائع بالقطارات التي تعتمد عليها المصانع في توصيل 30% من السلع المصنعة.
وحسب نشرة " كوارتز إنديا" التي تصدر بالإنكليزية، فإن حركة القطارات باتت شبه معطلة في العديد من المقاطعات الهندية وحتى تراجعت الحركة في المدن الهندية الكبرى، مثل بومباي ونيودلهي. وحسب بيانات السكك الحديد الهندية تراجعت حركة شحن البضائع في المتوسط بنسبة 11% خلال شهر مارس/ آذار الماضي.
وفي حال استمرار الجائحة لفترة أطول فإن الولايات المتحدة ستكون من أكبر المتضررين من تدهور الأوضاع الصحية في الهند، لأن واشنطن كانت تعول على الهند كبديل عن الصين في خطة محاصرة التمدد التجاري الصيني. وتحبذ شركات التقنية الأميركية الهند بسبب توفر اليد العاملة المدربة على التصنيع التقني والمهارات العلمية. وكذلك فإن حجم السوق الاستهلاكي الهندي، في نمو مستمر مع تنامي الطبقة الوسطى بالبلاد. وهذا العامل يرفع من مستوى مشتريات معدات التقنية الحديثة بالنسبة للشركات الأميركية الكبرى، وبالتالي يعوض الربحية التي كانت تحصل عليها في الصين. وكان حجم السوق الصيني من بين العوامل الجاذبة للشركات الأميركية للتصنيع في الصين.
وكانت غرفة التجارة الأميركية قد حذرت من تداعيات تفشي الجائحة على الاقتصاد العالمي. وقال نائب الرئيس التنفيذي للغرفة مايرون بريليانت، إن "مخاطر الآثار غير المباشرة (لارتفاع إصابات كورونا) عالية نظراً لأن العديد من الشركات الأميركية تستخدم العمال الهنود لإدارة عمليات مكاتبها الخلفية".
وتعاني المستشفيات الهندية من نقص في الأوكسجين كما تعاني البلاد كذلك نقصاً في اللقاحات المضادة للفيروس. وبالتالي فإن العالم قلق على الاقتصاد الهندي وبدأ في عمليات إنقاذ للهند منذ يوم الأحد الماضي. في هذا الصدد، قال المستشار الطبي بالبيت الأبيض، أنتوني فاوتشي، إن أميركا تدرس إرسال فائض من لقاحات أسترازينكا للهند.

ووفقاً لصحيفة "ذا غارديان"، فإن المملكة المتحدة تعمل على نقل كميات من اسطوانات الأوكسجين جواً إلى الهند، إضافة إلى تعهدها بإرسال مواد طبية أخرى، فيما يتوقع أن تقدم ألمانيا شحنات من عبوات الأوكسجين.
وفي ذات الصدد، قال مؤسس مختبرات بايونتيك ومديرها أوغور شاهين الأربعاء، إنه "واثق" من فعالية لقاحه الذي طورته شركته بالتعاون مع مجموعة فايزر الأميركية ضد النسخة المتحورة الهندية من فيروس كورونا. وذلك وفق وكالة فرانس برس.

المساهمون