تونس على أعتاب التخلف عن سداد الديون

تونس على أعتاب التخلف عن سداد الديون

04 ابريل 2022
من تظاهرة ضد انفراد الرئيس قيس سعيد بالسلطة (فرانس برس)
+ الخط -

أشهر قليلة تفصل تونس عن التخلف عن سداد ديونها... هكذا يبدو المشهد كارثياً وفق توقعات أكبر بنوك الاستثمار العالمية للدولة الواقعة في شمال أفريقيا، وذلك بسبب الاضطرابات السياسية التي تشهدها وعدم القدرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية حقيقية.

وتزيد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية من صعوبات تونس المالية، بينما توصد الأوضاع السياسية التي تشهدها والتصنيفات الائتمانية المتراجعة للاقتصادي، كل الأبواب الممكنة للحصول على تمويلات خارجية رغم المحاولات الأخيرة للتوجه نحو صندوق النقد الدولي مجدداً.

وتحتاج تونس، خلال العام الجاري 2022، إلى تمويلات خارجية لسد عجز الموازنة المتفاقم ومواجهة التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في قفزات لأسعار الطاقة عالمياً والسلع الأساسية.

مخاطر مالية متزايدة

ويوم الجمعة الماضي خفضت وكالة "فيتش"، تصنيف تونس من "بي سالب" إلى" سي سي سي" ما يعني وجود مخاطر مالية متزايدة، مشيرة إلى أنّ هذه المخاطر ترجع إلى تأخير اعتماد برنامج مالي جديد مع صندوق النقد الدولي، بعد التغييرات السياسية الحاصلة في تونس منذ يوليو/تموز 2021، في إشارة إلى التدابير الاستثنائية التي يتخذها الرئيس قيس سعيد منذ ذلك التاريخ بهدف الانفراد بالسلطة.

واعتبرت "فيتش" أنّ البرنامج المالي مع صندوق النقد الدولي أمر ضروري لتونس للوصول إلى دعم الميزانية من جهات التمويل الدولية.

لكنّ تونس لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، الذي يطالب الحكومة بمجموعة إصلاحات ترفضها النقابات العمالية، باعتبارها تعرض الطبقات الضعيفة (الفقيرة) ومتوسطة الدخل إلى صعوبات معيشية.

ويقول الخبير المالي محسن حسن، إنّ تصنيف "فيتش" يضع البلاد في أعلى درجات المخاطر، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنّ هذا التصنيف يؤكد أنّ السندات تنطوي على مخاطر ائتمانية كبيرة، وتظل إمكانية التخلف عن السداد احتمالاً حقيقياً، وهو ما يعني مزيداً من تعقيد المشهد في البلاد، التي تعاني أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

وكانت حكومة تونس تعوّل على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد قبل نهاية الربع الأول من العام الجاري، بما يسمح لها لاحقاً بالخروج إلى السوق المالية الدولية لتعبئة موارد مالية لا تقل عن 4 مليارات دولار.

الاقتراض من صندوق النقد

ويستحوذ الدين العام لتونس بحسب قانون الموازنة على82.57% من إجمالي الناتج المحلي في 2022، ويبلغ الدين الخارجي نحو 72.9 مليار دينار (24.8 مليار دولار)، بما يعادل 63.9% من إجمالي الدين العام، بينما يبلغ الدين الداخلي 41 مليار دينار، بما يعادل 36.1%.

في نهاية مارس/ آذار الماضي، قلل بنك الاستثمار الأميركي "مورغان ستانلي" من احتمالية توصل تونس إلى اتفاق على برنامج قرض مع صندوق النقد هذا العام، إذ تزيد المعارضة السياسية للبرنامج الاقتصادي المقترح، من مخاطر تخلّف الحكومة في نهاية المطاف عن سداد ديونها.

وكتب البنك الاستثماري الذي يقع مقره في نيويورك في مذكرة بحثية: "مع افتراض مرور تونس بحالة من الفوضى في عام 2022، ومن دون حدوث إصلاحات جوهرية، فإنّ هذا يزيد من احتمالية تخلّفها عن السداد في عام 2023 بسبب احتياجات التمويل المرتفعة".

وفي ظل الاحتجاجات وعدم الاستقرار السياسي منذ 2011، تعاني الدولة من النمو الاقتصادي الهزيل والبطالة المتزايدة، كما يتجاوز الإنفاق الحكومي الإيرادات باستمرار. وارتفعت تكاليف الغذاء والطاقة مع تعافي الطلب العالمي من جائحة فيروس كورونا، بينما تزيد الأزمة الأوكرانية من المأزق مع ارتفاع الأسعار العالمية وتعطل الإمدادات.

هيكلة الديون

وغالباً ما ساهم التضخم المرتفع في عدم الاستقرار الاجتماعي في شمال أفريقيا، ومع ذلك، فقد أدى هذا بدوره إلى تراجع إجراءات التقشف.
وبالنظر إلى التعقيد السياسي، يرى "مورغان ستانلي" أنّ من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى بعض من إعادة هيكلة الديون حتى لو فاجأت الحكومة المراقبين، وتوصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام 2022.
وكتب البنك: "في حين نرى برنامجاً نهائياً لصندوق النقد الدولي في عام 2023، من المرجح أن تتدهور الأساسيات بشكل ملحوظ في غضون ذلك مع احتمال حدوث تعثر في المستقبل".

المساهمون