زيادة أجور عمال المغرب مقابل تمرير ثلاثة ملفات شائكة

زيادة أجور عمال المغرب مقابل تمرير ثلاثة ملفات شائكة

30 ابريل 2024
تظاهرة عمالية في الرباط للمطالبة بتحسين الأجور، 1 مايو 2022 (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة المغربية، الاتحادات العمالية، ورجال الأعمال يهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للعمال عبر زيادة الأجور ومراجعة نظام الضريبة على الدخل، مما يضمن تحسين دخل الطبقة المتوسطة بدءًا من يناير 2025.
- الاتفاق يشمل أيضًا موافقة الاتحادات العمالية على إصلاحات في نظام التقاعد وتمرير قانون ينظم الإضراب، بالإضافة إلى مراجعة تشريعات العمل، في سياق محاولة الحكومة لتحسين الظروف المعيشية والعملية للعمال.
- على الرغم من الاتفاق، هناك تحديات ومخاوف بشأن تنفيذ الإصلاحات وتأثيرها على الاقتصاد المغربي والقدرة الشرائية للأسر، مع التأكيد على ضرورة مراعاة مستوى التضخم وضمان عدم تأثير الإصلاحات الضريبية سلبًا على العمال.

توصلت الحكومة المغربية والاتحادات العمالية ورجال الأعمال، أمس الاثنين، إلى اتفاق يقضي بزيادة أجور العمال ومراجعة الضريبة على الدخل، مقابل العمل على إصلاح نظام التقاعد وتمرير قانون ينظم الإضراب ومراجعة تشريعات العمل.

وأفضت المفاوضات إلى الكشف قبل عيد العمال الذي يحل في الأول من مايو/أيار المقبل، عن إقرار زيادة في أجور الموظفين في حدود 100 دولار شهرياً. كما توصلت الأطراف، حسب الاتفاق الذي اطلعت عليه "العربي الجديد" إلى إقرار زيادة في الحد الأدنى لأجور العمال في النشاطات غير الفلاحية في القطاع الخاص بنسبة 10%. كما اتفقوا على مراجعة نظام الضريبة على دخل العمال اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2025، وذلك عبر اعتماد تدابير خاصة تهدف إلى تحسين دخل الطبقة المتوسطة.

وسيتم رفع الشريحة المعفاة من الضريبة على الدخل من 3 آلاف دولار إلى 4 آلاف دولار سنوياً، ومراجعة باقي شرائح جدول الضريبة على الدخل من أجل توسيع تخفيضها بالنسبة للطبقة المتوسطة، مع خفض الحد الأعلى للضريبة من 38% إلى 37%. ويتجلى أن الحكومة ورجال الأعمال ربطوا زيادة الأجور وتحسين الدخل، بموافقة الاتحادات العمالية على تشريعات تهم التقاعد وقانون العمل والإضراب.

ألحت الاتحادات العمالية منذ بداية جولة المفاوضات قبل عدة أسابيع على زيادة أجور الموظفين والعاملين في القطاع، في ظل التضخم والغلاء الذي يشهده المغرب منذ أكثر من ثلاثة أعوام، لكنها طالبت بأن يترافق ذلك مع خفض ضريبة الدخل خاصة أن أكثر من 70% من إيرادات تلك الضريبة تأتي من الأجور التي تخضع لضغط جبائي مرتفع مقارنة بمصادر دخل أخرى.

وتعليقا على تلك التطورات، قال الخبير الاقتصادي المغربي محمد الرهج، إن زيادة الأجور في القطاعين العام والخاص، تجد مبررها في تراجع القدرة الشرائية للأسر بسبب التضخم الذي بلغ في العام الماضي 6.1%، في حين تستهدف الحكومة بلوغ معدل في حدود 2.1% في العام الحالي.  وشدد الرهج المتخصص في المالية العمومية في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن الأجور لم تواكب التضخم في المغرب منذ سنوات، فقد كان يفترض في الحكومة اعتماد زيادات تراعي مستوى التضخم.

غير أن زيادة الأجور إذا ما أقرها الحوار الاجتماعي الدائر بين الأطراف الفاعلة الثلاثة لن تكفي، بل يتوجب التعجيل بإصلاح ضريبة الدخل، خاصة على مستوى الأجور، بحسب الرهج، الذي يؤكد أن إصلاح الضريبة، يجب أن يراعي مستوى التضخم أيضاً. وشدد على ضرورة أن تكون ضريبة الدخل متوازنة، موضحاً أنها تصل إلى 38% على الأجور، في حين أنها لا تتعدى 10% في ما يخص الدخول أخرى.

بدوره، قال عبد الرحيم الهندوف، رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين، إنه يفترض اللجوء إلى إقرار زيادات في أجور الموظفين في مستوى يستجيب للانتظارات التي تراكمت في الأعوام الأخيرة بفعل التضخم. وكان الاتحاد الوطني للمهندسين، احتج على الحكومة أمام البرلمان، الأسبوع الماضي، بسبب ما اعتبره حيفاً يطاول المهندسين، خاصة في الوظيفة العمومية، مؤكداً أنه يفترض تحسين أوضاع المهندسين إذ ما رغبت الحكومة في جذب الكفاءات.

ويلفت إلى أن عدد الذين يغادرون البلد سنوياً يتراوح بين 600 و800 مهندس، بسبب عدم تحسين أجورهم في الوظيفة العمومية، بل إنه يؤكد أن وزارات لم تعد تغري مهندسين بالعمل فيها بسبب مستوى الأجور.

ومقابل زيادة الأجور ومراجعة ضريبة الدخل تتوقع الحكومة وكذلك الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، الموافقة على إصلاح التقاعد وقانون الشغل وتمرير قانون الإضراب، وهو الأمر الذي طالما تحفظت عليه اتحادات عمالية ترفض المقاربة التي قد تقوم على المقايضة. فقد أعادت الحكومة فتح ملف الإضراب الذي لم يكن موضوع قانون تنظيمي منذ أول دستور عرفه المغرب في ستينيات القرن الماضي، غير أن الاتحادات العمالية تؤكد أن مطلبها الرئيسي الحفاظ على حرية العمل النقابي، خاصة أن أرباب بعض الشركات يعمدون إلى طرد مسؤولين نقابيين.

وترى النقابات أن الإضرابات يراد تأطيرها بقانون تنظيمي، تأتي في غالب الأحيان، نتيجة رفض أرباب العمل تطبيق قانون العمل والامتثال للقوانين ذات الصلة بالحماية الاجتماعية، ما يفضي إلى نوع من الاحتقان الذي يسبّب احتجاجات.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وترنو الحكومة كذلك إلى إصلاح نظام التقاعد، فقد أعدت تشخيصاً لوضعيته وسيناريوهات للإصلاح عبر مكتب للدراسات، في حين تشدد الاتحادات العمالية على ضرورة إشراكها في بلورة التشخيص ووضع تصور الإصلاح.

غير أنه في الوقت الذي تتطلع الحكومة إلى رفع سن التقاعد إلى 65 عاماً وزيادة مساهمات الأجراء والموظفين في صناديق التقاعد، عبرت نقابات عن رفضها لهذا التوجه، فقد أكد اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في بيان له، قبل يومين أنه "يرفض رفضاً قاطعاً أي إصلاح للتقاعد يمس مكتسبات الشغيلة (العمال) وأي قانون يكبل حق ممارسة الإضراب".

لا تنشغل الاتحادات العمالية بقانون الإضراب والتقاعد فقط، فهي تواجه مطلباً مطروحاً على طاولة المفاوضات ما فتئ الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، يعتبره أولوية ضمن انتظاراته، ويتمثل في إصلاح قانون العمل، حيث يسعون إلى ترسيخ ما يصفونها بـ"المرونة" في ذلك القانون، بما يتيح لهم تسريح العمال عند مواجهة صعوبات اقتصادية، وهو ما ترفضه الاتحادات العمالية.

وتتخوف الاتحادات العمالية من أن يفضي إصلاح قانون العمل إلى ترسيخ الهشاشة التي يعانيها الكثير من العمال في القطاع الخاص، لما لذلك من تداعيات على مستويات البطالة التي ارتفعت في الأساس إلى 13% العام الماضي.

المساهمون