سورية: اتهامات لهيئة تحرير الشام بافتعال أزمات غذائية في إدلب

سورية: اتهامات لهيئة تحرير الشام بافتعال أزمات غذائية في إدلب

30 مارس 2022
نقص حاد في العديد من السلع بالأسواق (زين الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد مناطق محافظة إدلب الواقعة شمال غربي سورية والخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أزمات في تأمين معظم المواد الغذائية الأساسية، كالدقيق والزيت النباتي والسمنة الحيوانية والسكر.

ويعتبر الأهالي أن هذه الأزمات غير مبررة لأن ذات المواد متوافرة بأسعار أقل في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني المعارض المدعوم من تركيا، ويحمّلون الهيئة المسؤولية عن ذلك.

خلال الأيام القليلة الماضية تضاعفت أسعار مواد أساسية وأخرى فقدت من الأسواق، ونشطت عمليات تهريبها من مناطق الجيش الوطني إلى إدلب، وشدّدت الهيئة بالتزامن مع ذلك الحراسة على حدود إدلب الشمالية المتاخمة لمنطقة عفرين، وواجهت بالسلاح أطفالاً ونساءً كانوا ينقلون بضعة كيلوغرامات من السكر والزيت لعائلاتهم.
أحمد موسى تاجر جملة في محافظة إدلب يقول لـ"العربي الجديد" إن هيئة تحرير الشام رفعت الضرائب عبر شركة "الزاجل" للتخليص الجمركي التي تتخذ من معبر باب الهوا الحدودي مع تركيا مقراً لها على المستوردين، ما جعل كثيرين منهم يحجمون عن الاستيراد، وانحصرت عمليات استيراد المواد الأساسية في بعض التجار المحسوبين على الهيئة، وهذا أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار تلك المواد.

ويشير إلى أن سعر الزيت النباتي بات قريباً من سعر زيت الزيتون، حيث كان يباع الليتر الواحد في إدلب بنحو 23 ليرة تركية، بينما وصل سعره الآن إلى 35 ليرة، أما السمنة النباتية فارتفع سعرها إلى الضعف، وبلغ سعر الكيلوغرام الواحد 30 ليرة، بعد أن كان متوفراً بـ17 ليرة (الدولار = نحو 3900 ليرة).
وحسب موسى، فإن الغلاء طاول أيضاً أهم مادة غذائية وهي الدقيق الذي يستخدم في صناعة الخبز، فارتفع سعر الطن الواحد إلى نحو 500 دولار، بينما كان يباع قبل أيام قليلة بـ250، لافتاً إلى أن كل هذه المواد متوفرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وبأسعار أقل، ما يعني أن احتكار الهيئة متمثلة بمؤسسات حكومة الإنقاذ والشركات التابعة لها هو السبب في هذا الغلاء.
وبدوره يقول الباحث الاقتصادي عبد الله العلي لـ"العربي الجديد": هناك غلاء بأسعار بعض المواد الأساسية في كثير من دول العالم بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن من غير المبرّر وجود هذه المواد في منطقة سورية بكثرة وبأسعار معقولة، بينما تغيب عن منطقة أخرى وقد يصل سعرها إلى الضعف في بعض الأحيان، مؤكّداً أن السبب وراء ذلك احتكار هيئة تحرير الشام لعملية التجارة والاستيراد في إدلب بشكل عام، وفرضها ضرائب باهظة على التجار لثنيهم عن منافسة التجار المقرّبين منها والعاملين لصالحها.

ويشير في حديثه إلى أن مناطق إدلب الخاضعة لسيطرة الهيئة وريف حلب الخاضع لسيطرة الجيش الوطني تعتمد الليرة التركية كعملة أساسية، وهي تعتمد على البضائع التركية أو البضائع التي تصل سورية عبر الأراضي التركية، فلماذا يزيد سعر السلة الغذائية للعائلة في إدلب بنسبة 70 بالمئة عن ريف حلب، الذي لا يبعد سوى بضعة كيلومترات قليلة عن مناطق نفوذ الهيئة.
ويرى الباحث أن الهيئة تسعى لملء خزينتها بالأموال من خلال الاستحواذ على جميع ثروات المنطقة، وخاصة عائدات الاستيراد، عبر تشكيل شركات وهمية بواجهات مدنية كـ"وتد للمحروقات" ومؤسسات الاتصالات والمياه والكهرباء، من أجل دعم جناحها العسكري الذي ما زال يشعر بالتهديد بسبب وجود الهيئة على قوائم الإرهاب الأميركية حتى الآن، وذلك بالرغم من محاولاتها تقديم رسائل ضمنية للغرب وللولايات المتحدة على وجه الخصوص بأنها تخلّت عن مشروعها الجهادي وبات أمرها محصوراً في سورية فقط.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على جميع مناطق محافظة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية، وتفرض على سكان هذه المنطقة قبضة أمنية مشدّدة، كما تضيق في نفس الوقت على عمل المنظمات الإنسانية وتتدخّل في عملياتها ما أدى إلى الحد من تحرّكاتها في المنطقة.
وقال فريق "منسقو استجابة في سورية" إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في الشمال السوري بنسبة 400 بالمئة، وأسعار المحروقات بنسبة 350 بالمئة، والخبز بنسبة 300 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2021، كما وصلت معدلات الفقر إلى 90 بالمئة، وسط بوادر انهيار اقتصادي، تمثّل بارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، وزيادة ملحوظة في معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية للمدنيين.

المساهمون