سياحة الشواطئ قشة يتعلق بها غرقى البطالة في غزة

سياحة الشواطئ قشة يتعلق بها غرقى البطالة في غزة

15 اغسطس 2022
الشواطئ توفر موسماً مزدهراً للمهن المؤقتة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

يدفع الفلسطيني رامي أبو الخير، عربته المحملة بأصناف المكسرات والمسليات على "كورنيش" بحر مدينة غزة، أملًا في مهنة مؤقتة يسعى من خلالها إلى توفير قوت يومه ويوم أطفاله الخمسة، في ظل انعدام فرص العمل التي يمكن أن توفر له دخلًا ثابتًا.
ولم تمنع أشعة الشمس اللاهبة أبو الخير، والذي بدا مُرهقًا، وقد تصبب العرق من جبينه ووجهه وهو يتجول ذهابا وإيابا، فيما لا يجد خيارًا آخر، سوى استغلال موسم الصيف، لبيع المُسليات للمصطافين على شاطئ البحر.
ويجمع شاطئ بحر قطاع غزة المُحاصر إسرائيليًا منذ ستة عشر عامًا، بين مختلف المتناقضات، إذ يضم أطفالًا يلهون بالألعاب البحرية على الشاطئ، فيما يضم أطفالًا آخرين، يبيعون تلك الألعاب، إلى جانب البالونات والحلويات، كما يضم عائلات مستجمة داخل الفنادق والاستراحات، فيما يسعى أرباب عائلات أخرى إلى كسب موسم الصيف لتوفير لقمة عيش أطفاله.
ويوفر موسم الاصطياف في قطاع غزة الذي يعاني من نسب مرتفعة في البطالة وصلت إلى ما يزيد عن 65%، ونسب مرتفعة في الفقر، تخطت حاجز 80% واعتماد الغالبية العظمى على المساعدات النقدية، والمعونات الإغاثية (وفق مختصين)، العديد من فرص العمل المؤقتة، والتي يستغلها أصحابها لتوفير المستلزمات الأساسية لأسرهم، خاصة في ظل انعدام فرص العمل الدائمة، أو مصادر الدخل الثابتة.
ويقول الفلسطيني رامي أبو الخير لـ "العربي الجديد" إنه لم يحظَ بفرصة عمل توفر له دخلا ثابتا يعينه على توفير مستلزمات أسرته، أو توفير الحياة الكريمة لأطفاله، ما دفعه إلى العمل في المهن المؤقتة، واستغلال المواسم لتوفير قوت يوم أطفاله يومًا بيوم.
ويوضح أبو الخير، أن مهن المياومة، لا توفر الأمان المعيشي والوظيفي، إذ لا يمكنه توفير الطعام لأسرته في اليوم الذي يتغيب فيه عن العمل، تحت أي سبب، سواء صحي، أو حتى قاهر وفقًا للأحداث الدائرة وغير المستقرة في قطاع غزة، الذي يعاني ظروفًا سياسية متقلبة وعدوانا متكررا من الاحتلال، مضيفًا: "نعمل تحت أشعة الشمس، وفي أصعب الظروف، من أجل توفير أبسط مقومات الحياة".

موقف
التحديثات الحية

وينتشر على كورنيش البحر في موسم الاصطياف باعة المسليات، وأكشاك بيع الذرة المسلوقة والمشوية وزبادي الذرة بالجبن والأطعمة المختلفة، كذلك باعة الألعاب البحرية، والسيارات البلاستيكية الملونة، وباعة الفواكه الصيفية، مثل التين والتين الشوكي، والتي يتم وضعها على بسطات أو عربات التي لا يمكنها السير على رمال الشاطئ. في المقابل، ينتشر على شاطئ البحر، باعة المثلجات، والحلويات، المحمولة مثل العنبر، كذلك باعة الترمس والمكسرات، والمعجنات بمختلف أنواعها، والباعة الذين يحملون بضاعتهم في كراتين صغيرة، أو في عربات دفع صغيرة، يسيرون بها بين المصطافين.
أما على مفترق الشيخ عجلين، غربي مدينة غزة، والشهير ببيع الفواكه الموسمية، يفرش عدد من الباعة بضائعهم على كورنيش البحر، لبيع الفواكه للمصطافين، ويقول الفلسطيني محمد أبو عفش، الذي يبيع فاكهة العنب والتين والبطيخ: "نستغل موسم الصيف لبيع الفواكه، وتوفير دخل يعيننا على مصاريف الحياة اليومية".
ولا يختلف واقع الفلسطيني أبو عفش عن باقي أصحاب المشاريع المؤقتة على كورنيش بحر غزة، ويبين في حديث "العربي الجديد" أنه مع حلول شهر يونيو/ حزيران، من كل عام، يبدأ بتجهيز مكانه لبيع الفواكه للمستجمين على البحر، في مهنة بالكاد تساعده على توفير أقل القليل لأطفاله وأسرته.

ينتشر على كورنيش البحر في موسم الاصطياف باعة المسليات، وأكشاك بيع الذرة المسلوقة والمشوية وزبادي الذرة بالجبن والأطعمة المختلفة


في الأثناء، يقول الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، إن فصل الصيف يخلق موسمًا مزدهرًا للمهن المؤقتة، مثل الأكشاك، والباعة المتجولين على شاطئ البحر، والذي يزداد مرتادوه في ظل ارتفاع درجات الحرارة، والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.
ويبين نوفل لـ "العربي الجديد" أن السياحة الداخلية في قطاع غزة تقتصر على البحر، ما يدفع بعض الشبان، وطلبة الجامعات إلى إنشاء العديد من المهام التجارية التي لا تحتاج إلى رأس المال، والتي تعتمد على مبالغ مالية محدودة جدا، إلى جانب حُسن التسويق، لافتًا إلى أن نسبة العمل غير المنظم، في قطاع غزة وصلت إلى 30%، وتضم العمالة الحرة داخل البيوت، والباعة المتجولين، وهي أعمال غير مُرخصة رسميًا.

ويوضح الخبير الاقتصادي أن للمهن المؤقتة إيجابيات مهمة منها تخفيف عبء البطالة في صفوف الشباب وأصحاب الدخل المحدود، إلى جانب أنها لا تحمل أي نوع من أنواع المُخاطرة، التي تواجهها المشاريع الكبيرة، والتي تتعلق بإغلاق المعابر من الجانب الإسرائيلي ومنع دخول مواد الخام الأساسية.

المساهمون