فقراء روسيا قنبلة في وجه بوتين

فقراء روسيا قنبلة في وجه بوتين

02 مارس 2022
الحرب ترفع عدد المشردين والجوعى الروس/ Geety
+ الخط -

في شهر فبراير 2019 قدّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عدد الروس الذين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من الفقر المدقع بنحو 19 مليون مواطن، كان عدد سكان روسيا وقتها يبلغ نحو 147 مليون نسمة.

في ذلك الوقت، كان بوتين يتباهى بحدوث تراجع حاد في عدد الفقراء في بلاده، حيث كان العدد يبلغ أكثر من 40 مليون نسمة عام 2000، وتراجع عددهم إلى نحو 19 مليوناً.

كما كان يتباهى بتحسن مستوى المعيشة وأرقام الاقتصاد وتراجع نسبة البطالة وزيادة احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ليتجاوز حاليا 640 مليار دولار.

17.6 مليون فقير في روسيا الثرية بالنفط والغاز والمواد الخام والحبوب، أو ما يعادل 12% من سكان البلاد وفق الأرقام الرسمية التي يشكلك فيها البعض

لكن المعادلة تغيرت في سنوات لاحقة، ففي الوقت الذي كانت فيه الدولة تراكم الاحتياطيات النقدية، وكان أثرياء روسيا يراكمون الثروات خلال السنوات الأخيرة، عاد معدل الفقر ليرتفع مرة أخرى، حيث باتت الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" تتحدث عن 17.6 مليون فقير، أو ما يعادل 12% من سكان البلاد الثرية بالنفط والغاز والمواد الخام والحبوب والسلع الوسيطة. لكنّ الأرقام غير الرسمية تقدّر المعدل بضعف الرقم المعلن.

ومع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا فإنّ أرقام الفقر المدقع ستتضاعف في روسيا بلا شك، وسيتضاعف معها عدد الجوعى والمشردين والمتسولين والعاطلين عن العمل في أنحاء الدولة ذات الثراء الواسع.

وربما من الأمور التي لم يحسب بوتين حسابها في حربه الحالية هي انعكاساتها الخطيرة على الأسواق والحالة المعيشية للمواطن الذي كان يئن بالفعل من قفزات الأسعار في الفترة الأخيرة، بسبب جائحة كورونا وتهاوي القدرة الشرائية وزيادة معدل التضخم.

فعقب قرار الغزو الروسي لأوكرانيا، تهاوت العملة المحلية، الروبل، مقابل الدولار لتفقد نحو 50% من قيمتها منذ شهر فبراير/شباط الماضي وتخسر 30% في يوم واحد هو الاثنين.

وقفزت أسعار السلع مع زيادة حدة العقوبات الغربية على مفاصل الاقتصاد الروسي، واستفحلت أزمة السيولة، وتم فرض قيود على البنوك المعرضة للإفلاس، وزادت كلفة الواردات والتجارة الخارجية، وارتفعت أسعار السكر واللحوم وغيرها من السلع الغذائية، رغم أنّ روسيا تعد واحدة من أكبر مصدري الحبوب والقمح.

ومع طول أمد الحرب وعدم تحوّلها إلى نزهة، كما كان يتمنى بوتين، تململ المواطن الروسي من قفزات الأسعار وتهاوي قدرته الشرائية ومعها عملته الوطنية.

مع طول أمد الحرب وعدم تحوّلها إلى نزهة، كما كان يتمنى بوتين، تململ المواطن الروسي من قفزات الأسعار وتهاوي قدرته الشرائية ومعها عملته

ومع تهاوي العملة ورغم زيادة سعر الفائدة على الروبل إلى 20%، فإنّ ثروات الروس باتت أيضاً مهددة، ولذا أقبل الملايين منهم على حيازة الدولار واليورو وغيرها من العملات الأجنبية والتخلي عن عملتهم الوطنية، وهو ما يضغط أكثر على الأسواق، ويزيد أسعار السلع والخدمات وكلفة المعيشة.

طول أمد الحرب على أوكرانيا ليس في صالح بوتين أو المواطن الروسي، فهي تزيد الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاضطرابات المجتمعية وتقلل من شعبية الرئيس الروسي في أوساط المواطنين، خاصة أن العقوبات الغربية ستخلق واقعاً جديداً، وستقلل من رهانه على خفض معدلات الفقر والغلاء والبطالة.

المساهمون