ما بال الاقتصاد العالمي الحائر القلق؟

ما بال الاقتصاد العالمي الحائر القلق؟

10 مايو 2024
متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية، 09 أبريل 2024 (مايكل إم سانتياغو/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاقتصاد العالمي يواجه حالة من القلق والحيرة بسبب عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل، مع إمكانية حدوث أزمات مالية شبيهة بأزمة 2008 أو أشد.
- البنوك المركزية والمؤسسات المالية العالمية تجد صعوبة في رسم صورة دقيقة للمستقبل، مع تنامي المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية وتقلبات أسعار السلع الرئيسية.
- التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي تتغير باستمرار، مع تردد البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة خوفًا من التضخم، وسط قلق المستثمرين وتحديات خاصة تواجه الاقتصادات العربية.

بات الاقتصاد العالمي بأسواقه المالية قلقاً حائراً لا يعرف يومه من غده، وما يخبئه المستقبل من مفاجآت، سارة أو كارثية، تحمل معها أزمات مالية تشبه أزمة عام 2008 وربما أعنف. وباتت البنوك المركزية والمؤسسات المالية العالمية ومعها بنوك الاستثمار وصناديق إدارة الأموال العملاقة وكبار المستثمرين الدوليين عاجزين عن رسم صورة دقيقة للفترة المقبلة، ووضع تصور دقيق لاتجاهات أسعار الفائدة والصرف والمعادن والمواد الخام والطاقة ومعدلات التضخم والبطالة والتشغيل والنمو حول العالم في الأشهر المقبلة من العام الجاري، في ظل تنامي المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، وحدوث قفزات في أسعار سلع رئيسية، كما حدث مع الذهب والنحاس والبن أخيراً، وتوقعات قفزة سعر برميل النفط إلى 150 دولاراً للبرميل.

فما يُبنى عليه يوم الاقتصاد العالمي يتغير غداً، والتوقعات التي تُرسَم اليوم تُدخَل عليها تعديلات جوهرية غداً. دليل ذلك التوقعات الصادرة عن صندوق النقد والبنك الدوليين، التي تُغيَّر كل فترة، والتقارير الصادرة عن البنوك المركزية بخصوص أسعار الفائدة، والإشارات الصادرة بخصوص معدلات النمو المتوقعة. قبل قدوم عام 2024، كانت التوقعات تصبّ في سيناريو رئيسي وشبه وحيد، هو أنّ العالم مقبل على انفراجة في الاقتصاد العالمي خلال عام 2024، وتراجع ملحوظ في التضخم، وابتعاد للأسواق عن مخاطر الركود والكساد، وأن البنوك المركزية على موعد مع خفض أسعار الفائدة على العملات الرئيسية في نهاية الربع الأول من العام، أي في مارس.

البنوك المركزية العالمية باتت مترددة في رفع سعر الفائدة والتخلي عن سياسة التشدد النقدي، لأنها تخشى من غول التضخم

كانت التوقعات تشير إلى أن صافرة الحكم ستنطلق من الولايات المتحدة حيث سيخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أكبر بنك مركزي في العالم، سعر الفائدة على الدولار بعد 3 سنوات من الزيادة التي أربكت الاقتصاد الأميركي والقطاع الإنتاجي ورفعت كلفة الأموال بمعدلات قياسية. وبعدها تنتقل الصافرة إلى أوروبا واليابان وكندا والصين وروسيا وأميركا اللاتينية، ثم إلى باقي دول العالم، أي إلى الدول النامية غير المؤثرة أصلاً في الأحداث الجارية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية. لكن هذا السيناريو بات صعب التحقق. فالبنوك المركزية حول العالم باتت مترددة في رفع سعر الفائدة والتخلي عن سياسة التشدد النقدي، لأنها تخشى من غول التضخم الذي لا يزال يهدد اقتصاد العالم، ولا تزال الاقتصادات الكبرى، ومنها الأميركي والألماني والبريطاني، تخشى من خطر الركود.

ولا يزال المستثمرون في حالة قلق، دليل ذلك ما يحدث في أسواق العملات الرقمية وسوق الذهب والمعادن والسندات هذه الأيام، والإشارات الصادرة أمس عن بنك إنكلترا الذي أبقى سعر الفائدة دون تغيير عند أعلى مستوى له منذ 16 عاماً، وتشديد محافظ البنك أندرو بيلي على أن المصرف بحاجة للمزيد من الدلائل على أن التضخم سيظل منخفضًا قبل أن يتخذ قراراً بخفض الفائدة.

فإذا كان هذا حال الاقتصادات الكبرى وبنوكها المركزية مع رسم سيناريوهات للمرحلة المقبلة، فما الحال مع الاقتصادات العربية التي لا تزال تعيش على الهامش وتغرق في مخاطر التضخم والغلاء والفساد وتهريب الأموال للخارج وتآكل العملات الوطنية والديون والخضوع لإملاءات كبار الدائنين الدوليين؟

المساهمون