ملاحظات على موازنة مصر الجديدة

ملاحظات على موازنة مصر الجديدة

18 ابريل 2022
زيادة الضرائب في موازنة مصر الجديدة للعام المالي 2022/2023 (تويتر)
+ الخط -

نظرة سريعة إلى مشروع موازنة مصر الجديدة للعام المالي 2022-2023 والمقرر تطبيقها بداية من شهر يوليو المقبل في حال اعتمادها من البرلمان بشكلها الحالي، ندرك أن الرهان على تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطن يبدو أمراً مستبعداً.

وأن الرهان كذلك على خفض الضرائب المستحقة على المواطن، وضريبة القيمة المضافة المستحقة على المُصنعين والتجار، وتجميد خطة التقشف وخفض الدعم الحكومي لعدد من السلع الرئيسية ومنها الوقود بات أمرا صعب التطبيق من قبل السلطات المسؤولة.

من أبرز ملامح مشروع الموازنة الجديدة، الجاري مناقشتها، الاستمرار في زيادة الضرائب والرسوم الحكومية رغم الأعباء المعيشية المتفاقمة داخل المجتمع، والمطالبات المستمرة بتخفيف الأعباء عن المواطنين، وزيادة فواتير النفع العام ومنها الكهرباء، واستمرار خفض الدعم المقدم للوقود خاصة البنزين والغاز، وبالتالي ارتفاع أسعاره، وزيادة أعباء تكلفة الدين العام والتهام مخصصات سعر الفائدة المخصصة لسداد الديون المستحقة على الحكومة أكثر من ثلث الإيرادات العامة للدولة.

يجري إعداد مشروع الموازنة الجديدة في ظل عدد من الضغوط العالمية، ومنها التداعيات الاقتصادية السلبية الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا

ورغم أنه يجري إعداد مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي 2022-2023 في ظل عدد من الضغوط العالمية، ومنها التداعيات الاقتصادية السلبية على مصر الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وارتفاع أسعار الحبوب، ومنها القمح والذرة والزيوت، وزيادة أسعار النفط والغاز الطبيعي، وتراجع في عدد من مصادر الإيرادات الدولارية وموارد الخزانة العامة ومنها السياحة والاستثمارات الأجنبية، سواء المباشرة أو الساخنة المستثمرة في البورصة وأدوات الدين الحكومية مثل الأذون وسندات الخزانة، إلا أن هناك أعباء جديدة متوقعة على المواطن في صورة زيادات في الأسعار وغلاء المعيشة رغم تأثره بشكل مباشر بهذه الضغوط.

موازنة مصر
مشروع الموازنة المصرية 2022-2023

صحيح أن مشروع الموازنة الجديدة خصص بشكل مبدئي ما بين 80 إلى 90 مليار جنيه للبرنامج القومي "حياة كريمة" في العام المالي الجديد، لكن هذا الرقم غير كافي في حال اقراره في ظل قفزات الأسعار التي تشهدها الأسواق المصرية خاصة أسعار السلع الغذائية والناتجة بشكل رئيسي عن الحرب الروسية على أوكرانيا.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

على مستوى بند الضرائب نجد أن مشروع الموازنة الجديدة رفع الحصيلة الضريبية المستهدف جمعها في العام المالي الجديد إلى 1.168 تريليون جنيه مقابل 983 مليارا، بزيادة 185.7 مليار جنيه، وهو ما يعني توسع القاعدة الضريبية، وفرض أنواع جديدة من الضرائب والرسوم بحق المواطن، والاستمرار في سياسة الاعتماد على جيب المواطن في تمويل الجزء الأكبر من الموازنة العامة.

بالنسبة لتكلفة الدين العام، سواء المحلي أو الخارجي، تظهر مسودة الموازنة التي يناقشها مجلس النواب حاليًا تمهيدًا لإقرارها أن مخصصات سعر الفائدة المخصصة لسداد الديون المستحقة على الحكومة ستصل إلى 690.1 مليار جنيه، مقابل 579.9 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، بزيادة 19.2%.

مشروع الموازنة الجديدة رفع الحصيلة الضريبية المستهدف جمعها في العام الجديد إلى 1.168 تريليون جنيه مقابل 983 مليارا، بزيادة 185.7 مليار جنيه

وتعادل تلك المخصصات نحو 34.4% من الإنفاق الحكومي، مقابل 31.6% للعام المالي الحالي، كما أنها تعادل 45.5% من إيرادات الدولة في العام المالي كله، وذلك في حال اقرار مشروع الموازنة بشكله الحالي.

أما بالنسبة لمخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية فقفزت إلى 965.48 مليارا في مشروع موازنة 2022- 2023 مقابل 593 مليار جنيه في موازنة 2021-2022، بزيادة تقدر بنحو 372.48 مليار جنيه، وبنسبة ارتفاع 62.8%.

لا يقف الأمر عند قفزة مخصصات فوائد الدين العام كرقم ضخم، بل نجد أن كلفتها تزيد على مجموع ما خصصته الموازنة الجديدة لبنود أكثر أهمية مثل الأجور، وشراء السلع والخدمات، والمصروفات الأخرى.

وبالطبع سيتم تحميل المواطن وحده كلفة الزيادة في مخصصات فوائد الدين العام التي قفزت في مشروع الموازنة الجديدة بسبب سياسة التوسع في الاقتراض المحلي والخارجي لدرجة رفعت حجم الدين العام الخارجي لأكثر من 145 مليار دولار.

والنتيجة الحتمية لسياسة التوسع في الاقتراض هي أنها باتت لا تمثل عبئا شديدا فقط على إيرادات الدولة والموازنة العامة، بل على المواطن أيضا، حيث يتم تمويل كل الأعباء من جيبه.

مخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية قفزت إلى 965.48 مليارا في موازنة 2022- 2023 مقابل 593 مليار جنيه في موازنة 2021-2022

ليس هذا هو التحدي الأبرز في مشروع الموازنة الجديدة، فهناك مشكلة أخرى تتمثل في زيادة كلفة استيراد المشتقات البترولية من بنزين وسولار ومازوت، فسعر النفط يتجاوز حالياً 100 دولار للبرميل، والموازنة الجديدة لم تكشف عن القيمة الجديدة، وإن كانت القيمة في موازنة العام الجاري تبلغ 61 دولاراً للبرميل.

وفي حال استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا وزيادة الطلب على النفط في حال تراجع مخاطر جائحة كورونا، فإن هذا يشكل عبئا جديداً للموازنة الجديدة، وسيدفع الحكومة نحو رفع أسعار المشتقات البترولية أكثر من مرة خلال العام.

المساهمون