نظام بشار يسرق السوريين وبـ"القانون"

نظام بشار يسرق السوريين وبـ"القانون"

17 سبتمبر 2014
القضاء السوري لم يحاسب أحداً على تدمير البلاد (Getty)
+ الخط -
تتجاهل المحاكم السورية محاسبة الفاسدين من المسؤولين في الحكومة ولم تصدر أحكاماً قضائية تذكر بتهم غسل الأموال أو الاحتكار، في حين تكيل الاتهامات للمعارضين، حيث كشفت وزارة العدل عن 500 دعوى جديدة في هذا الإطار.

كذلك حُجزت أموال وممتلكات المئات منهم بزعم ارتكابهم جرائم سرقة المال العام وفساد، ووصل الأمر إلى بيع ممتلكاتهم في مزادات عامة.

ويأتي ذلك في إطار استخدام نظام بشار الأسد لسلاح القضاء للتنكيل بالمعارضين وجميع المساندين للثورة السورية. 
ورغم أن خسارة الاقتصاد السوري تجاوزت 250 مليار دولار بحسب أكثر الدراسات تفاؤلاً، لم يحاكم أي مسؤول، بل على العكس، أعاد بشار الأسد الاستعانة بهم في حكومة وائل الحلقي الجديدة وغيرها من المؤسسات.

وفي الوقت نفسه يصدر كل حين قرارات بالحجز الاحتياطي، أو البيع بالمزاد العلني، بحق سوريين أيدوا الثورة، كان آخرها بيع ممتلكات نجل وزير الدفاع الأسبق، فراس طلاس، ووزير الثقافة الأسبق رياض نعسان آغا، بالمزاد العلني، والحجز الاحتياطي على أموال رئيس الائتلاف الأسبق، معاذ الخطيب، ورئيس المجلس الوطني، جورج صبرا، وغيرهم أكثر من 1670 معارضاً سورياً بتهم الفساد، كما فصلت حكومة الأسد قوانين وتسميات على مقاسها.


دعاوى اقتصادية


وكشفت وزارة العدل السورية مؤخراً عن وجود أكثر من 500 دعوى اقتصادية تتهم أصحابها بارتكاب جرائم سرقة المال العام والاحتيال المالي والتسبب بأضرار مالية في مؤسسات الدولة.

وقال رئيس إدارة قضايا الدولة، إحسان خيو، في تصريحات صحافية: "تتوزع الدعاوى على محافظات سورية، حيث يوجد 100 دعوى اقتصادية في دمشق وريفها و120 دعوى في حلب و30 دعوى في حمص و20 دعوى في حماه، ومعظم الدعاوى تخص سرقة المال العام".

وأوضح خيو أن الدولة تلاحق عدداً لا بأس به من الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم اقتصادية كسرقة المال العام والتسبب بأضرار كبيرة في مؤسسات الدولة، مقدراً أن المبالغ التي تطالب بها الدولة هؤلاء الأشخاص وصلت إلى مئات الملايين سرقت من القطاع العام.

فساد نظام الأسد

ويقول الخبير الاقتصادي، الدكتور عماد الدين المصبح، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن لنظام الأسد الفاسد أن يتطرق لجرائم الفساد والاحتيال المالي لأركان منظومته وحكومته، لأن هذا الملف في سورية مرتبط جذرياً بنشوء النظام الحالي".

ويضيف المصبح: "شكل المديرون العامون ورجال الأمن والشرطة طبقة خاصة سهلت لهم منافذ السرقة والرشوة حتى أصبح ريع الفساد في سورية يشكل رقماً كبيراً لا يقل عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي".

ويقول المصبح: "لقد شكل بعض الفاسدين الماليين جيشاً مدافعاً عن النظام وهم في الحقيقة يدافعون عن مكاسبهم، إلا أن فئة منهم وضعتها سيطرة الفساد في يد قلة قليلة من مقربي بشار الأسد من العائلة أو من التجار الذين يعملون بصفة وكلاء ماليين لبشار الأسد وماهر الأسد".

ويضيف: "وجد النظام السوري مبرراً لسرقات وتخريب البنى والهياكل الاقتصادية، وسرقة وتبديد المال العام أيضاً، من خلال لصق كل الجرائم الاقتصادية بالثورة والثوار، فبعد قيام السوريين بالثورة بأشهر قليلة، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد ما يسمى قانون الارهاب في العام 2012 بهدف التلويح به لكل من يؤيد الثورة، ما وجدته السلطات السورية منفذاً لتجميد أموال رجال الأعمال والحجز على ممتلكات الثوار".

وعممت وزارة المالية على مختلف الجهات التابعة لها قرارات النيابة العامة في محكمة قضايا الإرهاب، والقاضية بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لجملة من الأسماء، التي يصل عددها إلى ما ينوف على 1670 اسماً، ضماناً لحقوق الدولة والمتضررين، بحسب ما ورد في كتاب وزارة العدل إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.

يقول المفتش المالي المنشق عن النظام، ابراهيم محمد، لـ"العربي الجديد": "كل ما يجري بغطاء مكافحة الفساد والإرهاب، إنما يأتي لتبرير سرقات شركاء النظام بالقتل وتخريب الاقتصاد، وقلّما كانت تردنا قضية تحقيق بجهة حكومية منذ بداية الثورة".

ويضيف محمد لـ"العربي الجديد": "تحصل الآن جرائم مالية واقتصادية، لكن انشغال الجميع بالحرب والدم أبعدها عن الضوء والمحاسبة، فسورية أبوابها مفتوحة على الفساد، ليس للمسؤولين السوريين فقط، بل ولشركاء النظام من إيران وروسيا".

ولعل أخطر جرائم المال ترتكب باسم صفقات الأسلحة التي يشرف عليها خال الرئيس محمد مخلوف مباشرة، وتلك الرشى التي تدفع من الخزينة العامة للمؤيدين والشبحية باسم اللجان الشعبية وغيرها.

وعن قصده بالجرائم المالية التي تتم مع شركاء النظام الخارجيين يقول المفتش محمد: "لمن تعطى استثمارات التنقيب والنفط؟ ولمن تمنح وكالات صفقات الأغذية؟ ولمن تعطى شركات القطاع الحكومي بحجة أنها خاسرة في عملية خصخصة سرية؟".

ملاحقة المعارضين

ولم يصدر أي حكم قضائي بتهم غسل الأموال أو الاحتكار، على أي ممن منحهم النظام الأسدي وكالات حصرية لاستيراد الغذاء ومستلزمات السوق السورية خلال الثورة، وعلى رأسهم رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري الذي يتحكم بالاقتصاد قبل الثورة وبعدها، بل طالت الأحكام والملاحقات المعارضة السورية ومن يسهل حياة السوريين، حيث أغلقت السلطات السورية 13 شركة صرافة في دمشق وحلب بتهم واهية ولاحقت أخيراً شركتي الشام والوطنية للصرافة بتهمة غسل الأموال والإرهاب.

وكانت السلطات السورية قد قامت مؤخراً بنفس الحملة على شركة الهرم للصرافة بتهمة تحويل أموال من وإلى محافظة الرقة بشكل يخالف القرارات الصادرة عن الجهات المختصة، وفي وقت سابق ألقى الأمن السوري، في إطار مكافحته للفساد المالي، القبض على مدير الخزينة المركزية في مصرف الشام.

كذلك جمدت هيئة مكافحة غسل الأموال في سورية حسابات معارضين سوريين بصفتهم الطبيعية، أو إذا كان لهم حسابات مشتركة مع أشخاص وشركات، لكن النظام السوري بدأ بسحب بعض الحجوزات الاحتياطية وقرارات تجميد الحسابات لبعض رجال الأعمال، في خطوة رآها المراقبون رشى وحالات جذب، لدعوتهم إلى تمويل حربه على الشعب، أو مشاركتهم في تمويل إعادة الإعمار، وكان أبرز المعفى عنهم، رجلي الأعمال نبيل الكزبري ووليد الزعبي.