طوفان الغلاء يُغيّب ملامح منظومة التموين في مصر

طوفان الغلاء يُغيّب ملامح منظومة التموين في مصر

02 يناير 2017
عجز كبير في المعروض من السلع التموينية (الأناضول)
+ الخط -
لا تزال الحكومة المصرية تؤكد دعمها للمواطنين ومحدودي الدخل من خلال منظومة السلع التموينية الجديدة التي بدأ تطبيقها قبل عامين، من خلال توفير دعم نقدي لشراء السلع الغذائية، غير أن مراقبين ومواطنين وكذلك تجارا يرون فشل هذه المنظومة، إذ لا تتماشي مع معدلات التضخم التي تقفز بوتيرة متسارعة بدافع من انهيار قيمة العملة المحلية بعد قرار تعويمها أمام العملات الأجنبية وخفض دعم الوقود والطاقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفعت مصر الدعم التمويني إلى 21 جنيها (نحو دولار) بدلا من 15 جنيها مع بداية تطبيق المنظومة في 2014، لكن هذه الزيادة الطفيفة التي تزامنت مع تحرك سعر العملة المحلية في السوق الرسمية من 8.8 جنيهات للدولار إلى أكثر من 19 جنيها للدولار، لم تحدِث أية تغير يُذكر، خاصة أن الحكومة رفعت أسعار السلع المدرجة على بطاقات التموين بنسب كبيرة.
وتفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي) إلى أن المواد التموينية المدعومة من الحكومة لا توفر أكثر من 7% من احتياجات الأسر من السلع الغذائية الشهرية، ما يعني أن المواطنين يلجأون للسوق الحرة لتدبير 93% من السلع الغذائية بأسعار تصل أحياناً إلى ضعف ما هي عليه في البطاقات التموينية.
وتوفر الحكومة السكر -مثلا- على بطاقات التموين بـ 7 جنيهات للكيلوغرام، لكن الأسعار في محلات التجزئة لهذه السلعة تتراوح بين 12 و 14 جنيها، فضلا عن عدم توفرها.
ورفعت وزارة التموين أسعار السلع التموينية بنسب متفاوتة تجاوزت 50% في بعض المواد.
ويرى نقيب البقالين التموينيين في مصر، وليد الشيخ، لـ "العربي الجديد"، أن منظومة التموين الجديدة التي بدأت عام 2014 تطورت للأسوأ، قائلا: "صحيح أن الحكومة كانت تدعم المواطن بـ 15 جنيه شهريا فقط، لكنها كانت توفر السكر مثلا بـ 5 جنيهات والأرز بـ 3 جنيهات والزيت بـ 7.5 جنيهات للكيلو غرام".

وأضاف: "الحكومة رفعت، مؤخرا، قيمة الدعم إلى 22 جنيها للفرد في الشهر، لكن في المقابل رفعت سعر المواد التموينية، فأصبح السكر بـ 7 جنيهات، والأرز بـ 7.5 جنيهات، فيما أصبحت عبوة الزيت بـ 10 جنيهات مع خفض وزنها إلى 800 غرام فقط بدلا من كيلوغرام في السابق".
وسجلت أسعار السلع الغذائية عدة قفزات منذ بداية تطبيق منظومة الدعم الجديدة، وكانت الزيادة الأكبر في السلع التموينية، والتي بلغت ذروتها مع تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وسجل معدل التضخم في أسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية أعلى مستوى له في 8 سنوات خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث ارتفع إلى 20.2%، وكانت أسعار الأرز والسكر وزيت الطعام من أكثر السلع التي قادت هذا الارتفاع.
ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفع سعر الأرز بحوالى 56.5% ما بين نوفمبر/تشرين الأول 2015 والشهر ذاته من العام الماضي، وزادت أسعار زيوت الطعام 53.7%، والسمن الصناعي 65.2%، والسكر 68.3% خلال نفس الفترة.
وقال الشيخ: "الدعم تحرك منذ بداية تطبيق المنظومة عام 2014 من 15 جنيها إلى 18 جنيها ثم 21 جنيها للفرد، لكن في المقابل ارتفعت السلع الأساسية الثلاث فقط (الزيت والسكر والأرز) الأكثر طلبا، بقيمة 9 جنيهات، فضلا عن خفض 20% لسلعة الزيت التي أصبحت 800 غراما بدلا من كيلوغرام".
وأضاف أن هناك عجزاً كبيرا منذ أكثر من ثلاثة أشهر في السلع الأساسية الثلاث، فضلا عن أن وزارة التموين والتجارة الداخلية تطرح الآن أرزا هنديا بسعر 7.5 جنيهات، بدلا من الأرز المصري، وهي نوعية لا يُقبل عليها المواطنون غالبا، وفق الشيخ، الذي أكد أن السكر غير متوافر منذ أكثر من أربعة أشهر، فيما تصل نسبة العجز في الزيوت إلى 70%.
وأشار الشيخ إلى أن السلع الجديدة التي أعلنت عنها وزارة التموين المتمثلة في العدس والفول ومساحيق الغسيل والشاي، لم يتم ضخها للبقالين التموينيين حتى الآن.
ويرى مستشار وزارة التموين لقطاع الرقابة والتوزيع السابق، هشام كامل، لـ "العربي الجديد"، أن منظومة التموين الجديدة التي أقرها وزير التموين السابق خالد حنفي، كانت لمصلحة التجار لا للمواطنين، موضحا أن المنظومة القديمة كانت توفر للمواطن كيلو سكر أساسيا وآخر إضافيا بسعر 1.5 جنيه، والزيت بجنيه ونصف، والأرز بنفس السعر.
وأشار إلى أن باقي السلع التي تمت إضافتها لمنظومة التموين الجديدة لا يُقبل عليها المواطنون خصوصا الفقراء ومحدودي الدخل.
ويعتبر مستشار وزير التموين الأسبق، نادر نور الدين، أن نظام الدعم التمويني الجديد هو محاولة لتقليص الدعم، موضحا أن أسعار السلع في المنظومة الجديدة زادت عدة مرات ولا تتماشى مع مستويات التضخم.
وأشار لـ "العربي الجديد"، إلى أن ارتفاع السلع التموينية وعدم توافرها في المخصصات التموينية، دفع القطاع الخاص إلى زيادة الأسعار، فضلا عن ارتفاع سعر الدولار.

المساهمون