فلاحو مصر يخشون عطش ماكينات الري

فلاحو مصر يخشون عطش ماكينات الري

08 يوليو 2014
6ملايين مزارع بمصر يعانون من زيادة أسعار الوقود (أرشيف/Getty)
+ الخط -

غير بعيد عن مواقف الموجوعين في مصر من قرار رفع أسعار المواد البترولية، يقف قرابة 6 ملايين مواطن يحترفون الزراعة وقد انعقدت جباههم غضباً من النظام الذي حلّ ليؤرقهم، وتشبعت ملامح وجوههم بسمرة غير تلك التي خلفتها حرقة الشمس.

وتقول نقابة الفلاحين في مصر، إنّ الفلاح المتضرر الأوّل والأكبر من زيادة أسعار الوقود، إذ يعد السولار أحد أهم عناصر كلفة الإنتاج الزراعي.

ويستخدم المزارعون نحو 16% من إجمالي كميات السولار المستخدمة في مصر.

ورفعت حكومة إبراهيم محلب، أسعار المواد البترولية مطلع الأسبوع الجاري بنسب متفاوتة تتراوح بين 60% إلى 175% ضمن حزمة من الإجراءات التقشفية، حيث ارتفع سعر السولار المستخدم في الزراعة وأغلب سيارات النقل والحافلات، إلى  1.80 جنيه (0.25 دولار) للتر من 1.10 جنيه (0.15 دولار)، بزيادة 63 في المائة مرّة واحدة.

وارتفعت أسعار بنزين "80 أوكتان" الأكثر استهلاكاً من الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل إلى 1.60 جنيه للتر (0.22 دولار)، بزيادة 78 في المائة عن السعر الحالي البالغ 0.90 جنيه.

كما تمت زيادة أسعار بنزين "92 أوكتان" إلى 2.60 جنيه للتر (0.36 دولار)، بزيادة 40 في المائة عن السعر الحالي البالغ 1.85 جنيه، فيما تم زيادة سعر بنزين "95" المستهلك في السيارات الفارهة بنسبة 6.8 في المائة، ليصل سعر اللتر إلى 6.25 جنيه مقابل 5.85 جنيه.

وطالب نقيب عام الفلاحين، أسامة الجحش، حكومة محلب، باستثناء المزارعين من الزيادة في أسعار السولار والغاز والبنزين، أسوة بأصحاب المخابز المدعمة، للفلاح الذي يتحمل أعباء كثيرة.

وقال الجحش، في تصريحات صحافية، مساء أمس الاثنين، إنّ قرار رفع أسعار الوقود سيؤثر سلبيا على الفلاحين، خاصة أن المزارع يستخدم السولار في العديد من الآلات المستخدمة في رفع المياه والحصاد وغير ذلك، مطالبا بتوفير السولار للفلاح بسعر مخفض، أوتضمن الحكومة شراء محصول الفلاح البسيط بسعر جيد يعوضه.

وقال نقيب الفلاحين بمحافظة كفر الشيخ، علي رجب، إن تكلفة الإنتاج ستزيد الضعف علي الفلاح، ما سيضطره لرفع سعر محصوله ويهدد ببوار جزء كبير من المحاصيل في حالة فقدت سوقها لارتفاع أسعارها.

وأوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن السولار سلعة أساسية بالنسبة للفلاح، حيث يستخدم يوميا لتشغيل ماكينات الري، وعمل الجرارات الزراعية ونقل المحصول، وأعمال الحرث وإعادة تمهيد الحقول لزراعة المحاصيل الجديدة.

وأضاف رجب، "هذه لم تكن آمالنا في الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حشدت له النقابة العامة للفلاحين، المواطنين لانتخابه. لقد خيب آمالنا. نتلقى الآن انتقادات كبيرة من الفلاحين لوقوفنا بجانبه في انتخابات الرئاسة".

وتابع: "أزمة السولار هذه لابد أن يكون لها حل. إما أن تتعهد الحكومة بشراء المحاصيل بتكلفة مرتفعة أو أن توفر السولار بأسعاره السابقة. بدون ذلك لن يواصل الفلاحين الزراعة".

وقال خليفة عبد الجابر مزارع بمحافظة المنيا (جنوب) لـ "العربي الجديد" إن ارتفاع أسعار السولار يعني "خراب بيوت الفلاحين"، موضحا أن التجار هم من يتحكمون في شراء المحاصيل، ولديهم القدرة على تحقيق مكاسب، أما الفلاح فلا حول له ولا قوة.

وأضاف "نحن لا نحدد سعر بيع أي محصول، فالحكومة تحدد أسعار بيع المحاصيل الكبرى مثل الأرز والقمح والذرة في حين يحدد التاجر أسعار الخضراوات والفاكهة، حيث نبيع له المحصول على رأس الحقل وبالسعر الذي يحدده".

ويقول كمال أبو سنة، مزارع بالمنيا، لـ "العربي الجديد" إنّ رفع أسعار السولار ضاعف كلفة ري الفدان، علاوة على أن ذلك سيؤدي أيضاً إلى ارتفاع تكلفة حرث الأرض، وهو ما يمثل عبئاً على كاهل الفلاح، وبالتأكيد المحاصيل بعد كل ذلك سترتفع قيمتها حتى يعوض الفلاح ما أنفقه.

وقال فراج نوح، مزارع، لـ (العربي الجديد) "لم نعد نحتمل كل تلك الزيادات من أسمدة وكيماويات وبذور وسولار... نحن نتحمل بنودا كثيرة للوصول لنهاية المحصول بداية من غرس الزرع وحصاده، وتأجير الآلات الزراعية التي تستخدم في الحرث وتسوية الأرض التي تعمل كلها بالسولار".

وقال إن السولار أصبح في هذه الأحيان سلعة شحيحة في المحافظات الإقليمية خاصة القرى منها، حيث تقل فيها محطات الوقود، مما يضطر المزارعين لشرائه من السوق السوداء.

وأضاف "اشتريت صفيحة السولار (20 لتراً) أمس بـ 40 جنيها بعد أن كانت بـ 22 جنيها، ورفض عامل المحطة إعطائها لنا بـ 36 جنيها، حسب السعر الرسمي الجديد للسولار".

وقال مجدي إبراهيم، فلاح من كفر الشيخ، لـ "العربي الجديد": "المزارعين غير قادرين على تحمل كل تلك الزيادات في أسعار السولار والأسمدة ومستلزمات الزراعة. كل شيء ارتفع خلال اليومين الماضيين"، مشيرا إلى أن سعر شيكارة الكيماوي ارتفع من 80 جنيها إلى 155 جنيها.

وقال الخبير الزراعي، مختار الشريف، إنّ الزراعة في مصر أصبحت لا تعتمد على الأيدي العاملة كما كانت في السابق، بل أصبحت تعتمد في المقام الأول على الماكينة الزراعية في جميع عمليات الزراعة، بداية من تجهيز الأرض ثم الحرث وتسوية الأرض، ونثر البذور والتقاوي، ثم الحصاد والدرس بعد ذلك، وكلها تعتمد على الآلات الزراعية التي تعمل بالسولار، الذي كان في الماضي متوافر بكميات كبيرة نظرا لرخص ثمنه.

وطالب الشريف، خلال مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد"، الدولة باستثناء الفلاحين من زيادة الوقود خاصة السولار، مقترحا عمل كروت خاصة للفلاحين سواء على الحيازات الزراعية أو عقود الإيجار.

وحذر من انهيار الاقتصاد الزراعي، قائلا "الاقتصاد الزراعي للفلاح أصبح شبه مهدد بالتوقف نظرا للخسائر التي يتعرض لها بسبب ارتفاع كل وسائل وأدوات الزراعة في ظل غياب دور الدولة".

وفي المقابل، وعد وزير الزراعة، عادل البلتاجي، الفلاحين بالنظر في قرار رفع أسعار السولار على القطاع الزراعي، وذلك خلال لقائه بوفد مجلس إدارة النقابة العامة للفلاحين مساء الأحد الماضي.

وقال الوزير إنّه متضامن مع مطالب الفلاحين وإنه سيعرض على رئيس مجلس الوزراء مقترحاتهم لوضع آليات تحميهم من ارتفاع أسعار الوقود.
الدولار الأميركي=7.15 جنيه مصري

المساهمون