أي دور لألعاب الفيديو في أزمة المناخ؟

30 يناير 2023
أطلقت الأمم المتحدة مشروع "اللعب من أجل الكوكب" (أنطون بتروس/مومنت)
+ الخط -

طاولت آثار تغيّر المناخ معظم الصناعات التي باتت تسعى لتقديم حلول بديلة لإنتاجاتها تخفف من الأزمة البيئية. واتخذت شركات حول العالم خطوات هامّة لتخفيف انبعاثات الكربون وتقليل استخدام الطاقة. ولم تشذّ صناعة ألعاب الفيديو عن هذه القاعدة، فبدأت منذ سنوات في التعاون مع الأمم المتحدة لرفع مستوى الوعي بمخاطر تغير المناخ خصوصاً أن حجم الطاقة الذي تستهلكه هذه الألعاب يعتبر ضخماً. إذ قدّرت دراسة منشورة عام 2019 في The Computer Games Journal، أن الألعاب في جميع أنحاء العالم تستخدم كمية طاقة توازي خمسة ملايين سيارة. ويقدّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أنّ أجهزة الألعاب وأجهزة الكمبيوتر أيضًا، تساهم في إنتاج 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية سنوياً، ويتم تدوير 20 في المائة منها فقط.
في المقابل، وعلى الرغم من هذه السلبيات المحيطة بألعاب الفيديو بيئياً، أدركت الأمم المتحدة أهميّة الوصول إلى هذه الصناعة، التي تعدّ واحدة من أكبر الأسواق في صناعة الترفيه، حيث تبلغ القيمة الحالية لسوقها 197.11 مليار دولار، ويتجاوز عدد جمهورها ثلاثة مليارات. لذا حفّزت جهودها في مشروع "اللعب من أجل الكوكب" منذ ثلاث سنوات، من خلال مسابقة  Green Game Jam السنوية. وهي منافسة بين مطوّري الألعاب لإنشاء ألعاب إبداعية ومؤثرة تتضمن "إشارات خضراء" لموضوعات مناخية أساسية. كذلك، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذا العام، لعبة الجوال الخاصة به Mission 1.5°C. 

تستخدم لألعاب في جميع أنحاء العالم كمية طاقة توازي خمسة ملايين سيارة

لو نظرنا إلى مطوّري ألعاب الفيديو، لوجدنا أنّه حديثاً بدأ تحرّك شامل للمساعدة في تشكيل وجهات النظر وتثقيف اللاعبين بشأن تغير المناخ. فعلى سبيل المثال، تبيّن لعبة "فودلاندز" صورة الأرض بعد نهاية العالم. لكنّ هذه المرّة، تخبرنا أنّ الدمار لم ينجم عن ظهور الزومبي أو اصطدام نيازك أو انتشار أوبئة، بل جاء نتيجة تغير المناخ وذوبان القمم الجليدية في العالم. الهدف من اللعبة هو إعادة بناء المجتمع باستخدام الموارد المتاحة المتبقية. 
كذلك، تبرز أحداث لعبة "بلاستيسيتي" التي تجري في عام 2140، كيف أدى الاستهلاك المفرط للمواد البلاستيكية إلى عالم يغمره البلاستيك حتى أصبح مقفراً ولا حياة فيه. ويمكن للاعب اتخاذ خيارات في اللعبة لمحاولة إعادة بناء البيئة، وكل خيار يؤثر على تسلسل أحداث اللعبة.
أمّا شركة بوكيمون لألعاب الفيديو الشهيرة وشركة نيامتيك فتعاونتا منذ عام 2015، مع الأمم المتحدة في مشروع، Project Everyone. ومذّاك بدأت سلسلة ألعاب فيديو بوكيمون البالغة من العمر 24 عامًا، في التعامل مع المخاطر الحقيقية لتغير المناخ.
تحدّثت "العربي الجديد" إلى عدد من الشباب البريطانيين العاشقين لألعاب الفيديو، فقال جون (26 عاماً)، إنّ مواليد التسعينيات هم الأكثر عشقاً لألعاب البوكيمون. وتابع أنّه في عام 2016، عندما انطلقت لعبة "بوكيمون غو"، جذبت ملايين الناس حول العالم، ربما لأنّها كانت مختلفة عن غيرها، و"ترتّب علينا مغادرة غرفنا والبحث عن كائنات البوكيمون، لجمع المزيد من النقاط. فاللعبة تمّ وصلها بالخريطة على هواتفنا GPS، وكلما أردنا أن نقبض على أحد كائنات البوكيمون الافتراضية، كان ينبغي علينا النظر إلى الخريطة والذهاب إلى المنطقة التي يتواجدون فيها، في محاولة جمع أكبر عدد منهم... الفائدة المختلفة التي حظيت بها شخصياً من هذه اللعبة، هي أنّها دفعتني إلى الخروج وقضاء وقت أطول في الطبيعة بعيداً عن غرفتي، يعني أنّها زادت من علاقتي بالبيئة الخارجية".

تساهم ألعاب الفيديو في إنتاج 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية سنوياً

من جهته يقول كارلوس، إنّه خلال الأسبوعين الماضيين، لفتت انتباهه لعبة Biomutant، وقال حين كنت ألعب، لاحظت أنّها توجّه رسالة واضحة عمّا يمكن أن يحدث لكوكب الأرض في حال استمررنا في تلويثه. ويوضح: "هي تبدأ بمشهد يرينا مستقبل الأرض حيث لا وجود للبشر بل فقط حيوانات تبدّلت أشكالها حتى باتت تشبه الوحوش. وفي نهاية اللعبة لدينا خيار مغادرة كوكب الأرض وتركه للدمار أو إنقاذه من خلال إنقاذ شجرة الحياة".
في هذا السياق، يجادل مستشارو المناخ مثل بن أبراهام، مؤلف كتاب "الألعاب الرقمية بعد تغير المناخ"، أن صناعة ألعاب الفيديو تحتاج إلى المزيد من الشفافية حول بصمة الكربون الخاصة بها واستخدام المعادن السامة المتضاربة أحيانًا في هذه الأجهزة. ويتساءل: " كيف يمكن لأي شخص أن يأخذ هذه الصناعة على محمل الجد في مكافحتها للتغيرات المناخية، بينما لا تزال تلوّث العالم بشكل كبير؟".
ويبقى السؤال الرئيس، إن كانت أي من إجراءات صناعة ألعاب الفيديو، يمكن أن توجّه اهتمام اللاعبين نحو أزمة المناخ. ووفقًا للبيانات الجديدة التي تم جمعها من خلال عدد من عناوين الهواتف المحمولة، تشير الإجابة إلى إمكانية ذلك. إذ يبين الاستطلاع الذي شارك فيه حوالي 389،594 شخصاً، بالتساوي بين الرجال والنساء، وبغالبية تتراوح أعمارهم بين 21 و39 عامًا، أنّ 78.6 قي المائة يعتقدون أن ألعاب الفيديو يمكن أن تساعدهم في التعرّف على البيئة، بينما يريد 35.4 في المائة رؤية المزيد من المحتوى البيئي في ألعابهم. وما يقرب من ثلثي المستطلعين (61.1 في المائة)، قالوا إنهم مستعدّون لدفع مبالغ أكبر للألعاب ذات المحتوى البيئي، في حال دعمت قضية جيدة أو علمتهم شيئًا جديدًا.  

المساهمون