لماذا تغيب العراقيات عن البرامج السياسية؟

لماذا تغيب العراقيات عن البرامج السياسية؟

19 نوفمبر 2021
تخطى الحضور النسائي في برلمان العراق نسبة الكوتا (حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -

تعتمد أغلب البرامج الحوارية السياسية في العراق على حضور الرجال، سواء في ما يتعلق باستضافة برلمانيين وسياسيين أو محللين للمشهد العام في البلاد، على الرغم من انتقادات حادة وجهّها الشارع لطروحات تشهدها تلك البرامج تساهم في إذكاء الطائفية والعنصرية داخل المجتمع العراقي وتشيع روح الانقسام، وهو ما يرون أنه يغيب بشكل كبير في طروحات السياسيات العراقيات اللاتي يملن بالغالب إلى المدنية والهدوء في معالجة المشاكل.

وحققت المرأة العراقية، في سابقة جديدة، عدد مقاعد برلمان أكبر من المقاعد المخصصة للنساء ضمن ما يعرف بكوتا النساء، إذ حصلت على 97 مقعدًا بينما المخصص دستورياً لها 83 مقعدا، بعد نجاح الكثير منهنّ في تجاوز السقف الانتخابي للكثير من الرجال في 14 دائرة انتخابية، حققت فيها المرتبة الأولى.

تعزو النائبة في البرلمان السابق هيفاء الأمين ذلك إلى جملة من الأسباب من أهمها "عدم التأهيل السياسي داخل الحزب ذاته، والهيمنة الذكورية في التيارات الإسلامية، والتنمر المجتمعي الذي ما زال يشجع فيه النفس القبلي والديني الذي يميز المرأة ويضعها بدرجة العيب وأحيانا العورة، إضافة إلى ضعف القوانين التي تحمي المرأة وتمنحها حقوقا قانونية تشجعها وتحميها وتفرض على الأحزاب تأمين مساواتها السياسية بالرجل".

وتضيف الأمين لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب الإسلامية مبنية على ولاية الرجل ولولا الكوتا النسوية المفروضة من الدستور بعد إسقاط نظام الحكم السابق، ولو لم يظهر دور للنساء عالمياً، لما سمح الإسلاميون للنساء بالعمل السياسي، فقد وجد الإسلاميون أن لهنّ دورًا يمكن استغلاله، وبالتالي فإنّ وجودهنّ في البرلمان (بالنسبة لتلك الأحزاب) بالأغلب هو رقم وليس قادماً من تأهيل سياسي متواصل".

زينب ربيع هي مقدمة برامج حوارية في محطة تلفزيون عراقية محلية، تقول إن "ذكورية المجتمع هي السبب الأساس في تغييب المرأة، وحضورها معدوم ليس فقط في مجال التنظير السياسي والتحليل وإنما في العمل المؤسساتي وحضورها قليل جدًا بسبب سيطرة الرجال على أغلب المؤسسات والمفاصل القيادية".

وتؤكد ربيع في حديث لـ العربي الجديد"، أنّ "هناك أسباباً قد تتحملها المرأة نفسها، كما هناك أسباب تتعلق ببنية المجتمع. أتحدث هنا في مجال التنظير السياسي والتحليل، وأجد في المرأة كفاءة وقدرة، تتنافس مع الرجل فيما يخص التحليل السياسي، أضف لذلك أن البيئة الأمنية المضطربة في العراق أبعدت العنصر النسوي في الحضور المتلفز، حيث غياب البيئة الآمنة وعدم وجود دولة قوية يحتم على النساء عدم الاقتراب من هذا المسار، لكونه يمثل تهديدًا حقيقياً على حياتها، وقاموس الاغتيالات هو خير دليل". 

أما زينب الألوسي، وهي مسؤولة علاقات في إحدى القنوات الفضائية العراقية، فتتحدث من جانبها عن "معاناة كبيرة تواجهها في التنسيق مع العنصر النسوي في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية السياسية. نرى بعضهن في منصات التواصل الاجتماعي ينطلقن بقوة، بينما في حال اتصالنا ببعضهن يكون الاعتذار حاضراً في كل دعوة توجه لهن في الحديث والتعبير عن آرائهن بشكل صريح في التلفزيون، وهذه مشكلة كبيرة تواجه كل مسؤولي علاقات القنوات العراقية المحلية، ما يسبب إرباكاً في تكرار الضيوف عبر النشرات أو البرامج"، على حدّ تعبيرها.

انعدام الأمان ومضمون البرامج من أسباب غياب النساء عن البرامج الحوارية

من جانبها، ترى زينب الغانم، وهي مقدمة برامج حوارية في بغداد، أنه "لا يوجد محلل سياسي بقدر ما هو تنظير سياسي ومعلومات مستقاة من البيوتات السياسية، وليس تحليلاً رصيناً مبنياً على مسار تحليلي واضح مثل بقية النخب التي تحلل بشكل دقيق، وبالتالي فإنّ العراق يفتقد إلى وجود هكذا شخصيات. فما بالك بالنساء اللاتي لا يجدن أصلاً في البرامج الحوارية السياسية مكاناً لهنّ، إضافةً إلى العامل الأمني المضطرب في العراق وقلة الثقافة السياسية بين النساء والبيئة المجتمعية التي تفرض قيودا معينة على النساء".

تلك المخاوف مرتبطة بظروف أمنية واستهداف للنساء، كان من الأمثلة عليه اغتيال الناشطة رهام يعقوب من قبل مسلحين مجهولين في 19 أغسطس/آب 2020، والتي كانت تعد واحدة من أبرز الناشطات في تظاهرات البصرة جنوبي العراق وطالبت بتغيير المسؤولين في المحافظة وتزامن مقتلها مع حملة اغتيالات طاولت عدة ناشطين شاركوا في التظاهرات مثل هشام الهاشمي وغيره. وفي يوليو/تموز 2021، عثرت القوات الامنية في المحافظة ذاتها على نجل الناشطة في حقوق الإنسان فاطمة البهادلي مقتولاً في قضاء الزبير، وذلك بعد اختفائها لـ24 ساعة. وتعد البهادلي من النساء الناشطات في البصرة وأسست جمعية "الفردوس" التي تعنى بشؤون حماية النساء والفتيات المتضررات من الحروب.

المساهمون